فيلادلفيا نيوز
عالميا ، اعادت الازمة الحالية الاعتبار لدور الحكومات ممثلة بالقطاع العام بعد عقود من اتهامه بالبطء و الروتين و الهدر و ضعف الاستجابة . دول كثيرة حول العالم تبنت هذه الرؤية ما قبل الازمة و عملت على تقليص دعم القطاع العام او حتى بيعه و اعادة هيكلته لضمان عدم الاستثمار فيه . و من اجل كذلك تم تضخيم دور القطاع الخاص و المجتمع المدني على حساب الادارة الحكومية و تمثل ذلك في تشريعات و سياسات و ممارسات رسخت في عقل المجتمع ضعف القطاع العام و ترهله و مخاطرة الاعتماد عليه .
الازمة اثبتت ، و الاردن ليس استثناءا ، ان الادارة الحكومية ممثلة بقطاعها العام هي حامية المجتمع و رافعة التنمية الاساسية . احد الامثلة المباشرة هو قطاع الرعاية الصحية ، بشقيها الوقائي و العلاجي ، حيث يجري الان نقاش كبير حول العالم في موضوع تخلي الحكومات عن الاستثمار المباشر فيه و تركه بشكل كبير للقطاع الخاص مما ادى الى اكتشاف ثغرات كبيرة وقت الازمة و عجز خطير في مواجهة الوباء . اضف الى ذلك قيام كثير من الدول بدعم مباشر للاقتصاد و تدخل سريع في القطاع الخاص منعا لانهيار بعض قطاعاته و دعما مباشرا لموظفيه و عماله .
لقد اثبتت الازمة حتمية مراجعة فلسفتنا الاقتصادية و الاجتماعية خلال العقود الثلاثة الماضية و ادارتنا للمقدرات الوطنية . القطاع العام ليس فواتير رواتب و نفقات تقاعد و مصاريف صحية و تعليمية لا بد من تخفيفها . و الاصول الوطنية ليس اعباءا من الافضل بيعها للقطاع الخاص فهو اقدر على ادارتها بكفاءة . يجب ان ننظر الى الصورة الكاملة و بعقلانية و موضوعية .
القطاع العام هو رافعة الاقتصاد و حامي المجتمع في السراء و الضراء و علينا اعادة التفكير في فلسفته و مستقبله . يجب ان نركز استراتيجيات اعادة هيكلة القطاع العام على الابتكار و الانتاج و الايجابية ، لا السلبية و لا التردد او التقتير ، و الفرصة متاحة الان .