فيلادلفيا نيوز
اللواء المتقاعد عبد اللطيف العواملة
لا زالت طريق معالجة تحديات الادارة الحكومية طويلة. البعض يعتقد ان مهمة الحكومة انتهت عندما حولت مؤسساتها الى ما يسمى “شركات” و احتفظت بعدد كاف من الاسهم فيها حتى تضمن التاثير في السياسة العامة للشركة و ادراك المصلحة الوطنية. لم تنتهي مهمة الحكومة بل ازدادت اهمية في ظل هذا التطور، فهل ادركت الحكومات المتعاقبة هذه الحقيقة و ماذا فعلت بشأنها؟
الخصخصة وسيلة و ليست غاية في حد ذاتها. احد الاسباب القوية التي اعطيت في الاردن عندما بدأت مرحلة الخصخصة هي انها تهدف الى تطبيق الاساليب الادارية المتوافرة لدى القطاع الخاص في مؤسسات القطاع العام. و كذلك كان الحديث عن شركاء استراتيجيين قادرين على اضافة قيمة معرفية حقيقية و ليس فقط المال الذي يركز على الربح السريع و النظرة الضيقة.
مع استثناءات قليلة، فان اية مراجعة عادلة للمعياريين السابقين ستؤكد ان عمليات الخصخصة لم تكن استراتيجية بل لتمويل مرحلي للخزينة. الاتصالات الاردنية خير شاهد. فقد تم التوافق مع شريك استراتيجي اضاف قيمة كبيرة و لكن ماذا فعلت الدولة بالموارد المتحصلة من البيع؟ ذهبت الى النفقات الجارية من غير اي قيمة استثمارية، بل ان الانكى من ذلك ان الحكومة باعت في النهاية غالبية اسهما المتبقية من دون قيمة تذكر. مثال اخر هو بنك الاسكان و الذي كان موسسة اردنية عظيمة و باصول مضمونة الى ابعد حد. بيع باقل من قيمته و لم يتم استثمار عائداته. ثم اين هي القيادات الادارية الكفؤة التي تم استقدامها من القطاع الخاص لادارة الشركات الحكومية؟ كل ما حدث هو ان ذات القيادات و الممارسات الادارية الحكومية قد اعادت اخراج نفسها بحلة جديدة و بتسميات مختلفة بينما لا تزال الاسس الادارية القديمة تحكم و لكن برواتب خيالية و مزايا اسطورية. و يتوافق كل ذلك مع رقابة اقل من الحكومة و استبعاد كامل للمواطن. فساد بالقانون، و هذا من اخطر اشكال الفساد و لكنه ممنوع من الصرف.
مهمة الحكومات لا تبدأ باصدار التشريعات و تطويرها او تنتهي بالحفاظ على الامن بشكل عام، بل ان دورها يتعدى هذا بكثير. انه يتمثل في ترجمة هذه الاطر العريضة من ناحية عملية، فالمطلوب هو البحث عن الكفاءات الادارية و تمكينها لادارة الشركات العامة و حماية اصولها و اموالها بمهنية و اقتدار. لا بد من فتح ملف الشركات الحكومية اذا كنا جادين في اعادة هيكلة القطاع العام