فيلادلفيا نيوز
عمان- احمد الطراونة
جاءت فكرة مشروع جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي والتي ينتهي التقدم لها مع نهاية الشهر الحالي، لتؤكد الأهمية الاجتماعية والثقافية والسياسية للترجمة، وتكون حافزاً مهما في ربط المجتمعات المعرفية مع بعضها البعض وتؤسس لحالة إبداعية تسهم في تطوير الوعي تجاه فكرة الترجمة ونقل المعرفة وتوسيع دوائر البحث والتقصّي عن أسباب استيعاب الآخر في منظومتنا الثقافية العربية وتطوير أدواتنا ليسهل استيعابنا ضمن مشروع الأخر الفكري والإنساني.
الجائزة التي انطلقت في دورتها الأولى في العام 2015 تؤكد من خلال ما وصلت إليه على أهمية الترجمة في الفعل الحضاري ونقل المعرفة بين اللغة العربية واللغات الأخرى المختلفة.
حول الجائزة كان الحوار التالي مع المستشارة الإعلامية للجائزة الدكتورة حنان فياض.
– لماذا “جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي” ، وهل تختلف عن غيرها؟
لماذا؛ لأننا بحاجة ماسة إلى تعميق فعل الترجمة والمثاقفة، من هنا جاءت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي وهي جائزة تحمل قيمة علمية كبيرة وهذا يتضح من خلال الأهداف التي رسمت لها بعيداً عن أي مقارنات بينها وبين الجوائز الخاصة بالترجمة لأنها وجدت لتكون متفردة في رؤيتها وأهدافها، وهي اليوم تشق طريقها بثبات وتستعد للإعلان عن الفائزين في نسختها الرابعة.
– كيف جاءت فكرة الجائزة،.. وهل تحاكي جوائز أخرى؟
جائزة الشيخ حمد جائزة مستقلة بذاتها، ولها مضامينها وأهدافها ورسالتها، لذلك هي جائزة مستقلة ولا نريد من خلالها أن نعيد أي تجربة أخرى وإنما نقدم كل ما هو جديد وأصيل في علم الترجمة.
والجائزة التي تأسست في عام 2015، تهدف إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار وتنمية التفاهم الدولي وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، وتُمنح سنويا للمترجمين الأفراد ودور النشر والمؤسسات الثقافية المهتمة بنقل المعارف والعلوم الإنسانية والاجتماعية من اللغة العربية وإليها.
– الجائزة جاءت لترعى الترجمة، فهل ما تمنحه يتناسب مع الجهد المبذول؟
نسعى في جائزة الشيخ حمد للترجمة إلى تطوير أدوات المترجم والاحتفاء بمجهوده وتقدير منجزه، وهذا يتضح من خلال ما تمنحه الجائزة لكل فئة من فئاتها، وقد رصدت جوائز بقيمة مليوني دولار تتوزع على ثلاث فئات؛ هي جوائز ترجمة الكتب المفردة بواقع 800 ألف دولار، وجوائز الإنجاز للغتين الرئسيتين بواقع 200 ألف دولار، وجوائز الإنجاز بواقع مليون دولار.
– من يحق له الترشح للجائزة؟
هنالك استمارة للترشح على موقع الجائزة، وتحتوي على شروط الترشح والجهات التي يحق لها الترشح، ويتم الترشح عادة من قبل المؤسسات المعنية ودور النشر والأفراد، وهنا لابد من الإشارة أولاً إلى أن الإعلان عن تاريخ بدء الترشح والترشيح يتم في الربيع من كل عام، وينحصر ترشح الترجمات وترشيحها في مجال الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، عن طريق المؤسسات (دور نشر أو مراكز بحوث أو معاهد وأقسام جامعية… الخ)، أو عن طريق الترشّح الفردي، على أن يكون الترشح والترشيح لأشخاص على قيد الحياة، ولا يحقّ ترشيح أكثر من عمل واحدٍ للمترجم الواحد، كما يحق لكلّ مؤسسة ترشيح ثلاثة أعمال لمترجمين مختلفين.
اشترطت الجائزة أن تكون الأعمال المرشّحة منشورة خلال فترة خمس سنوات من تاريخ إعلان الترشح والترشيح، وتستثنى جوائز الإنجاز من شرط الفترة الزمنية، إذ تمنح عن مجموعة أعمال قدمت إسهامًا متميزًا على امتداد فترات طويلة.
– أهمية العمل في الثقافة المترجم منها والمترجم لها، هل هذا هو المعير الأهم للاختيار؟ أم أنّ هنالك معايير أخرى؟
هذا المعيار من أهم المعايير لأنه يؤكد على أهمية المثاقفة بين اللغات ويؤكد على أهمية فعل الترجمة في نقل المفيد والمهم، لكنه ليس الوحيد، فثمة مجموعة من المعايير المتفق عليها من قبل مجلس الأمناء ولجنة التسيير وهي أن يكون العمل مهما في الثقافة المترجم منها، وفي الثقافة المترجم إليها، وأن يحافظ على مضمون وروح العمل الأصل، وأن تكون الترجمة دقيقة، وتكون اللغة سلمية إملائيا ونحويا وتعبيريا، وأن تتسم الترجمة بالسلاسة والجمالية.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه سيتم غلق باب الترشح والترشيحات للنسخة الرابعة في نهاية الشهر الحالي، لتبدأ لجان الفرز والقراءة بعملها في كامل السرية والمهنية.
– تنوع التجربة وعمقها رغم قصر مدتها يؤكده تنوع جنسيات الفائزين فيها، كيف تقيمين هذا الحضور الواسع للجائزة؟
التنوع هو هدف الجائزة الذي نسعى إليه، ونحاول من خلاله التوسع في اللغات وأن نحاكي ثقافات والشعوب ونطلع عليها، لذلك كان الهدف هو التوسع قدر الإمكان في الانتشار لنحقق التميز والتفرد للوصول إلى أكبر عدد ممكن من لغات العالم، ولعل المؤتمرات التي تعقد على هامش الجائزة هي أيضا حالة واعية لقراءة التجارب العالمية وتقديم الأفكار الخلاقة لتطوير آفاق فعل الترجمة في العالم العربي، واستمراراً لتعزيز التواصل بين الثقافة العربية وثقافات العالم المختلفة، وجهت الجائزة اهتمامها هذا العام إلى خمس لغات جديدة، وهي: الإيطالية والروسية واليابانية والبوسنية والسواحلية، إضافة إلى اللغتين الانجليزية بوصفها لغة رئيسية ثابتة واللغة الألمانية الرئيسية لهذه السنة.
ويتزامن الإعلان عن الفائزين وتكريمهم سنويا مع انعقاد المؤتمر الدولي للترجمة وبعناوين مختلفة والذي ينظمه منتدى العلاقات العربية والدولية ومقره الدوحة.
وبإطلالة سريعة على أسماء الفائزين في الدورات السابقة ندرك حجم التنوع في هذه الجائزة.
– ثقافة المعرفة والحوار والتعرف على الآخر وتعريفه بمنجزنا العربي أحد أهم أهداف الجائزة، فهل يقتصر ذلك على النخب، أم أن هنالك إستراتيجية لتوسيع دائرة الإفادة من المشروع؟
الترجمة هي أحد أهم حقول ترويج المعرفة وإعادة إنتاجها، والنخب خاصة تلعب دوراً أساسيا في هذه العملية سواء على صعيد الترجمة أو القراءة الناقدة أو الإسهام في التأليف والتقديم وغيره من هذه الأدوات ، ورغم أهمية ذلك إلا أن القارئ العربي أيضا هو محط الاهتمام الأول وهو الذي نسعى لتطوير معارفه وقدراته وإعادة تطوير وعيه من خلال ما نقدم له من معارف عالمية.
وعلى الجانب الآخر تتم عملية نقل الكتاب العربي إلى القارئ من اللغات الأخرى وبلغته الأم، ليدرك هو الأخر عمق التجربة الإبداعية العربية بكل مجالاتها، وهذا أيضا لا يعتمد على النخب من أصحاب اللغات الأخرى وإنما أيضا يقدم للجمهور الواسع الذي ينتظر الاطلاع على ما نقدمه ونحن نتيح له هذه الفرصة كما تتاح للقارئ العربي ..
ونسعى إلى الابتعاد عن هيمنة الخطاب الثقافي النخبوي من خلال تشجيع القراءة للجميع وتوسيع دائرة المعرفة بعيداً عن النخبوية من أجل التأثير في السلوك والحياة اليومية وهذا هو الهدف الأسمى من المعرفة.
إذاً، الترجمة ليست للنخب فقط، وإنما هي للجميع وستكون الكتب التي تحصل على الجائزة متاحة في مكتبة الجائزة.
– في موضوع المثاقفة بين اللغة العربية وبين لغات العالم، هل الترجمة هي الجسر الوحيد للعبور لهذه المثاقفة؟ أم أن هنالك برامج أخرى تنجزها الجائزة؟
الترجمة ليست الجسر الوحيد لنقل الثقافة، لكن ما هو متاح الآن وضمن رؤية الجائزة المرحلية هو الاعتماد على فكرة الترجمة وهي الأساس في أهداف الجائزة ومبرر وجودها.