فيلادلفيا نيوز
قال رئيس ديوان التشريع والرأي الدكتور نوفان العجارمة، إن “وحدة الجرائم الالكترونية تلقت منذ بداية العام الحالي نحو 650 شكوى متعلقة جميعها بالذم والقدح والتحقير”.
وبين العجارمة في مناظرة نظمتها مؤسسة عبد الحميد شومان، أمس، طرفها الآخر المحامية والناشطة الحقوقية هالة عاهد، وأدارتها الزميلة هبة عبيدات، حول مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، أن 98 % ممن تقدموا بتلك الشكاوى،”مواطنون عاديون لا يشغلون منصبا حكوميا”.
وحسب العجارمة، فإن نسبة وصول الإنترنت بين الأردنيين تقدر بنحو 90%، فيما بلغ عدد الهواتف المحمولة نحو 10 مليون جهاز، ونحو 5 مليون حساب “فيسبوك” لأردنيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولفت إلى أن “مشروع القانون لم يجرم أي فعل كان مباحا في السابق”، لكنه أوضح “أنه لا يوجد تعارض بين مواقف رؤساء الحكومات حول المادة 11، ولو وجد هذا التعارض لسُحب المشروع”.
وأشار العجارمة إلى أن العقوبات على الجرائم الإلكترونية لا يمكن أن تخضع للقواعد التقليدية، مبينا أن التطبيق العملي للقانون بدأ منذ العام 2015.
ورأى أن القانون جاء لغايتين “تحقيق الردع الخاص، والزجر العام”، مبينا في هذا السياق أن العقوبة إذا كانت بسيطة، بارتكاب أفعالٍ كالذم والقدح والتحقير وسواها عبر التواصل الاجتماعي، لما وجد هؤلاء رادعا حقيقيا”.
ونفى العجارمة أن يكون الهدف من التعديلات “حماية الشخصيات العامة”، قائلاً:إن “اغتيال الشخصية لا علاقة له بالمنصب العام، وكل من يتهم إنسانا بالفساد، ويتبين أنه بريء فهذا يعادل تهمة الافتراء، والقضاء وظيفته المحاسبة”.
وأكد العجارمة أن رؤساء الحكومات السابقة ممن عاصروا مشروع القانون لم تتعارض مواقفهم حول المادة، قائلا:”لا بل ثمة توافق بينهم ولن تعدل أو تسحب أو تلغى من مشروع القانون”.
وأشار إلى أن مشروع القانون لم يضع معياراً حول مادة خطاب الكراهية، بل “ترك السلطة التقديرية للقاضي ليضع الحد الأدنى أو الأعلى للعقوبة”.
من جهتها، بينت عاهد إن الاعتراض على مشروع القانون، كونه “يجرم الوسيلة”، بينما توجد تشريعات أخرى أكثر انضباطاً من النصوص الواردة في مشروع القانون.
ورأت أن مشروع القانون بات يوحي بوجود مناخٍ معادٍ للحريات ويحاول محاصرة أي دعوة لأي اعتصام أو تنويه من قبل المواطنين لوجود قضايا فساد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ووصفت عاهد مادة 11 من مشروع القانون بأنها “سيفاً مسلطاً” على حرية الرأي والتعبير، خصوصا أن قانون العقوبات جرى عليه تعديلات العام الماضي”، مبينة أن النصوص الواردة بالقانون في قضايا الذم والقدح والتحقير أكثر انضباطاً من مشروع قانون الجرائم الإلكترونية.
وانتقدت عاهد رفع عدد سنوات العقوبات والغرامات على مواد واردة في قانون العقوبات، وقالت إن “المادة 11 تركت الباب مفتوحاً لتحريك شكوى لا تستند إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي”.
ورد العجارمةعلى عاهد بالقول إن “القانون يتناول الوظيفة العامة وليس عن الشخصية العامة”، مشيراً إلى أن قانوني العقوبات ومكافحة الفساد يمنحان المواطن الحق في إظهار قصور أداء الموظف العام، “حتى لو كان ذلك ينتقص من قيمته وكرامته، إذ يعاقب القانون على هذا القصور”.
وبين العجارمة أن مشروع القانون لم يأت بعقوبات جديدة أو غير مجرمة، حيث أن القانون يتحدث عن جرمٍ معرفٍ بقانون العقوبات منذ العام 1960، مشيرا إلى أن القضاء الأردني يمتلك المقدرة على الحدود الفاصلة بين هذه الجرائم وحرية الرأي والتعبير.
وحول تغليظ مشروع القانون للعقوبات، بخلاف قوانين أخرى كالعقوبات، قال العجارمة “عندما تذم شخصاً عبر وسيلةٍ إلكترونية فإن هذه الجريمة ستبقى محفوظة، وهي جرائم لا تنتهي من الذاكرة، ولم تتم عبر وسيلة عاديةٍ”.
أما فيما يتعلق بخطاب الكراهية، أوضح العجارمة أنه معرفٌ بقانون العقوبات، تحت بند المادة 150 التي جرمت إثارة النعرات، بينما أوجد مشروع القانون تعريفاً جامعاً لها.
وقال إن مشروع القانون “أفرد لخطاب الكراهية عقوبة خاصة تتراوح بين سنة إلى 3 سنوات، كما أن هناك عقوبات أخرى واردة في قانون العقوبات”.
بينما، وجدت عاهد هنا ان الاعتراض ليس على تجريم خطاب الكراهية، وإنما المطلوب تجريم التمييز والنعرات، مؤكدة أن الإشكالية التي يراها المعترضون على مشروع القانون أيضاً، هي كيفية تعريف خطاب الكراهية، “إذ في الأصل أن يتوجه التعريف إلى الجماعات لا إلى الأفراد”.
وبحسبها، “يمكن الاكتفاء بإعادة الاعتبار للأشخاص المُساء إليهم أو بالتعويض المدني”؛ لافتة إلى إن تعريف خطاب الكراهية يجب أن يكون له عناصر مثل التحريض المباشر، وشخصية المتحدث (أو المتكلم) والسياق الذي جرى فيه الحديث.
بينما أكد العجارمة في إيضاح مفهوم خطاب الكراهية الوارد في مشروع القانون، أن المفهوم يقع ضمن أحد أهم حلقات التشريع وديوان التشريع والرأي من واجبه حماية السلم المجتمعي، إذ لا يمكن أن تكون إثارة النعرات إحدى مبادئ حرية التعبير.
وبسياق ذي صلة، تساءلت عاهد عن فحوى بعض البنود وإمكانية التفريق بينها وبين ما ورد في قانون العقوبات، مبينةً أن “الدستور كفل الحق بحرية الرأي والتعبير”.
وبخصوص الكفالة، أوضحت عاهد أي “الكفالة حق للمواطن ويجب التمتع بها”، مشيرة إلى أن الدستور في المادة 128 كفل هذا الحق، وأن “الحكومة ليست صاحبة حق بأن تضع ما تشاء من قيودٍ ونصوص غير واضحة”، حسبما قالت.
وأكدت ضرورة أن تتحمل الشخصيات العامة حدود النقد، لكنها كذلك، دعت إلى تعريف ازدراء الأديان الوارد في قانون العقوبات الأردني.
وبالعودة إلى العجارمة، فقال إن “التوقيف بموجب أحكام هذه المادة 11 من صلاحية المحكمة والنيابة العامة، والأخيرة لها ضوابط للتوقيف”، لافتا إلى أن هذه المادة “لا تتقاطع مع حرية الرأي والتعبير، وهي مطلقة ولا يمكن حصرها بالصحفيين”.
وحول المواد التي تشير إلى الإساءة لدولٍ تربطها بالمملكة علاقات صداقة، قال العجارمة: “إن من واجب الدولة حماية مصالحها بالخارج ولا يجوز إطلاق العنان للبعض للإساءة لدول تربطها مع الأردن مصالح”.
وكانت حكومة هاني الملقي أحالت مشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الإلكترونية إلى مجلس النواب في أيار (مايو) الماضي، فيما ستشرع اللجنة القانونية لمجلس النواب بمناقشته قريبا، بعد أن أدرجته حكومة عمر الرزاز على جدول أعمال الدورة الاستثنائية.
يشار إلى أن أكثر مواد القانون جدلية هي المادة 11، التي يرى صحفيون وحقوقيون أنها تطال الحريات العامة والإعلامية، فيما أبدى الرئيس الرزاز تحفظه على المادة 10، والتي كان قد وصف تعريف خطاب الكراهية فيها بـ”المطاطي”.