الجمعة , نوفمبر 15 2024 | 12:00 م
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / الدكتور محمد رسول الطراونه يكتب : كورونيات -88

الدكتور محمد رسول الطراونه يكتب : كورونيات -88

فيلادلفيا نيوز

الاثنين 13 نيسان 2020

391-7

كورونا بين مطرقة الدولة وسندان الشعب

بدون استئذان وبدون تأشيرة دخول اقتحمت كورونا الحدود الأردنية ليعلن عن هذا الدخول غير المرحب به  يوم الاثنين الموافق 2 من اذار ، وبعد التقصي والتحري من فرق الاستقصاء والرصد الوبائي وفقا لمنهجية شارلوك هولمز في التحري يتبين انها قد وصلت الى عمان يوم السبت الموافق 15 من شباط  الساعة الواحدة والربع ظهرا على متن رحلة الملكية رقم 103 القادمة من مدينة ميلانو الإيطالية مختبئة في جسد شاب اردني اذ كانت تعشعش في رئتيه بعد ان اجتازت جميع حواجز جسده المناعية من حلق وبلعوم وقصبات هوائية وبذلك يصبح شبح كورونا العالمي واقع يجب التعامل معه اردنيا ، ولم يكن الامر بالمفاجئ لمعالي الحبيب أبو سلطان / وزير الصحة  حيث كان الجنرال الطبيب جراح القلب الوزير قد جمع كل ما لديه من مطارق وضعها بأحكام في سلال خطته حسب الأصول واشرف على اعداد تفاصيل مفاصلها منذ ان علم بمغادرة كورونا مقاطعة اوهان في الصين بتاريخ 13 كانون الثاني حيث امر بوضع لجنة الأوبئة الوطنية في حالة انعقاد دائم .

ويأتي الامر سريعا بتوزيع الكاسحات والمضادات والصادات وكاشفات الحرارة وزرعها في المطارات و كافة المعابر الحدودية ويبدأ بتجييش فرق الرصد الوبائي في المناطق المحتمل ان تنفذ منها كورنا ويشرف الجنرال شخصيا على كافة خيوط الخطة ، محاولا تارة الدخول الى قلوب المواطنين من الاذين الأيمن وأخرى من البطين الأيمن  ليبث رسائل توعيه وصلت الى حد استخدام مبضع الجراحة القلبية للترهيب والترعيب من العدو القادم.

الاحد الموافق 15 من اذار تتمادى كورونا وتفلت من ضربات كافة المطارق والعصي والشواكيش لتعلن تموضعها في رئات 12 أردني وغير أردني ضاربة بعرض الحائط الهوية الشخصية والجنسية لفريستها مما يوحي ان المطرقة كانت تدق راس الكورونا برفق وحنية.

 في اليوم التالي تنتفض الحكومة بكل ما توفر لديها من مطارق وتشمر عن سواعدها لينعقد مجلس الوزراء وكل رافع مطرقته للضرب على راس كورونا نصرة لزميلهم وزير الصحة وتتنوع مطارق الحكومة وتفرض حزمة من الإجراءات بداء من الحجر الصحي الالزامي لكل القادمين الى المملكة مرورا بالحجر في الفنادق وتعطيل جميع المؤسسات الرسمية وتعطيل القطاع الخاص ومنع التجمعات وغيرها من الإجراءات الصارمة والتي شملت إغلاق المولات والمراكز التجارية والسماح فقط بفتح مراكز التموين والصيدليات فيها والحجر في الفنادق  

ومع كل المطارق التي تسلحت بها الحكومة تتمادى كورونا وتتلذذ في اختيار فريستها من الأردنيين والمقيمين لتعلن استقراراها في أجساد 16 شخص لينفذ صبر الدولة وتستل مطرقتها الكبرى والتي لم تستخدمها منذ امد بعيد لتضرب بها الكورونا ويأتي الامر الملكي بالموافقة على استخدام مطرقة قانون الدفاع اعتباراً من يوم الأربعاء الموافق 18 من اذار لتعطي هذه المطرقة صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء لاتخاذ ما يراه مناسبا في حالة الطوارئ التي من شأنها أن تهدد الأمن القومي أو السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة دون الالتزام بأحكام القوانين النظامية المعمول بها. 

أبتداءا من صباح يوم السبت الموافق 21 من اذار وحتى إشعار آخر لجأت الحكومة الى مطرقة ذات حجم أكبر تليق بتمرد كورونا وتفرض حظر على تنقل المواطنين وأيقاف استخدام وسائط النقل العامة في كافة مناطق المملكة ويضبط الجيش العربي والقوات الأمنية إيقاع هذا الحظر ، وبذلك شكلت مطرقة حظر التنقل وسيلة لتطبيق التباعد الاجتماعي مع العلم بان مؤشر تكاثر كورونا يتراوح بين 1.5 الى 3.5 ، وتصيب مطرقة الحكومة هدفها بالرغم من بعض الاختراقات من اصحاب السندان ، وتكون  الأردن البلد الأعلى في الإقليم الذي حقق التزاما بحظر التجوال قارب من 72% .

وتباعا تجد كورونا نفسها بين المطرقة والسندان مرات عديده ليتم حصر فريستها بمعدل يومي قدر ب 14 إصابة منذ بدء الحرب وتمكن ثنائي المطرقة والسندان من حصر الاصابات بين الصفر والأربعين حالة. وتستمر ماراثونات شفافية الحكومة بشكل يومي من خلال اطلالة بهية للثنائي الطيب معالي أبو سلطان ومعالي أبو غسان اذ أصبح الأردنيون يضبطون ساعاتهم على ايجاز كورونا اليومي. 

وتتجلى ضربات سندان الشعب الأردني في التزام البيت وترك الشوارع والازقة خالية للست كورنا ويضع الشعب الطيب يديه بيد الحكومة لتلتقي المطرقة بالسندان فوق راس كورنا مرات عديدة ويرفع المواطنون شعارات اغاضت كورونا منها الزم بيتك واترك مسافة كافيه واغسل يديك بالماء والصابون وبالرغم من كل هذا وبالرغم من تناغم ضربات المطرقة والسندان تفلت كورونا يوم الخميس الموافق 26 من آذار لتشن أشرس هجوم لها على الأردنيين وتخترق أجساد 40 مواطنا اصطادتهم في أحد الاعراس. 

ضربات المطرقة والسندان في أبهى حللها من خلال التوسع في الفحوصات المخبرية سواء كان منها التشخيصية او التحري لتشمل كافة محافظات المملكة تتصيد كورونا حيثما تطل براسها من أي بؤرة ومما يطمئن البال ان الوفيات (والحمد لله) بين المصابين في الأردن مازالت اقل من 2%.

يا أصحاب السندان ،، حيث ان طرقات المطرقة لن تدوم طويلا و كورونا ستبقى بيننا و ستجول الكرة الأرضية لفترة قد تطول  “..  ليقضي الله أمراً كان مفعولا” الى ان تفلح البشرية باكتشاف لقاح والى ان يحين ذلك تبقى فرصتنا مع التباعد الاجتماعي على ان لا تقل نسبته عن 75%  عندها ينقل الفرد المصاب في اليوم الخامس العدوى لشخص واحد فقط وبعد شهر لشخصين وعندما تنخفض نسبة التباعد الى 50% فانه ينقل العدوى في اليوم الخامس الى اثنين وبعد شهر الى 15 شخصا واذا اغفلنا التباعد الاجتماعي بشكل كامل فان المصاب بعد شهر سينقل العدوى الى  أربعمائة شخص.

تحيا المطرقة ويحيا السندان فوق راس كورونا ويحيا التباعد الاجتماعي كنهج حياة جديد للأردنيين ليصبح ممارسة يومية مع كورونا وبدونها.

الزم بيتك … الزم بيتك لتحمي نفسك وتحمي وطنك ” فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين. “

*امين عام المجلس الصحي العالي السابق

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com