فيلادلفيا نيوز
413-7- 269
السبت 18 نيسان 2020
كورونا بين غموض الوباء وعروض الغباء
كورونا غموض حير العلماء في كل شيء… غموض في مولدها ونشأتها ونسبها وأصلها وفصلها، غموض في سوق السمك في اوهان … قد تكون اوهان المكان وقد لا تكون … قد يكون حساء الخفافيش وقد تكون سلطة الثعابين هي العائل وقد لا تكون … غموض في شذوذها عن أبناء جلدتها من عائلة فيروسات كورونا التي تزورنا كل عام لتصيبنا برشح بسيط دون ان نشعر بها … غموض يلف مدة حضانتها وسرعة انتشارها.
غموض كورونا أذهل العالم كله … أربك التنين الصيني بدأ من تسجيل العدد الحقيقي للإصابات انتهاء بشفافية التقارير والمراسلات … غموض حول ما تعرفه الصين وما لا يعرفه أحد … كورونا بغموضها أربكت ترامب الامريكي وأبكت كونتي الإيطالي وادخلت جونسون البريطاني العناية الحثيثة وغيرهم الكثيرون من الزعماء والمشاهير…كورونا لغز حير الأطباء …. مرضى متعافون يسجلون نتائج فحص سلبية….. ثم إيجابية…. كورونا غموض وتساؤلات حول دقة أدوات تشخيص الفيروس اثارته مجموعة من الإصابات الغامضة بالمرض للمرة الثانية …. غموض ومخاوف من احتمال قدوم موجة ثانية من الإصابات.
كورونا غموض شاب تصريح خطير لعالم الفيروسات البروفسور (مونتا غنير) الحاصل على جائزة نوبل في الطب يرى فيه أن فيروس كورونا ليس عاديا، بل جزء منه مصنوع بدقة ومهارة مضاف إليه خصائص من فيروس نقص المناعة المسبب للإيدز…. غموض يرمي بضلاله على علاقة كورونا بالجيل الخامس (. ( G5
حقا انه غموض عالمي واقليمي ومحلي ومنزلي أصابت به كورونا كل شيء …. اصابت الاقتصاد العالمي والاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والنفط الخام وغير الخام، غموض حول مستقبل ( راموس ) لاعب ريال مدريد، وغموض حول مستقبل محمد صلاح منذ توقف الدوري الإنجليزي ….
لم تعرف البشرية غموضا مثل غموض كورونا … غموض متى الرحيل؟ وهل ستعود ثانية وكيف ومن اين؟
كورونا غموض اصاب كل شيء… أصاب مطعم هاشم وحلويات حبيبه ونفيسه ومحلات الشاورما والفلافل … غموض حول عودة هذه المنشآت الهامة الى عملها …. غموض قصف بالتكسي الأصفر والأبيض والباصات.
مقابل كل هذا الغموض، هناك فيض من غباء لا حدود له واستهتار يصعب تصوره، بالرغم من عدم وجود تعريف او مقياس للغباء إلا أن أحداً لا يشكك في وجوده كإحدى الصفات الحياتية المرتبطة بأسلوب حياة البشر.
اجزم ان علماء جامعة جونز هوبكنز وجامعة نبراسكا صادقون في اكتشافهم وبالصدفة، ان فيروسا جديدا لم يُرصد من قبل قادر على إصابة الإنسان، وجعله أكثر غباء واقل إدراكا ومعرفة.
صدق آينشتاين عندما قال ” لا حدود للغباء البشري” الأغبياء يحيطون بالجميع في كل المجتمعات، ولا أحد يستطيع أن يخمن ماذا يمكن أن يتصرف الاغبياء ومتى سيتصرف بغباء.
وصدق كارلو سيبولا -أستاذ التاريخ الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا -أن الأغبياء أكثر خطورة على المجتمع حتى من الفاسدين واللصوص أنفسهم، فاللص او الفاسد قد يكلف المجتمع خسائر فادحة ولكن على الأقل يجني فوائد لنفسه ؛ أما الأغبياء يلقون بالمجتمع كله إلى الهاوية دون أي فائدة لأنفسهم.
خروج اغبياء الحقبة الكورونية إلى الشارع نهارا وليلا على طريقة الخفافيش لا يمكن وصفه إلا بالغباء الذي قد يكلفنا كثيرا.
خروقات حظر التجول بالمئات يوميا من قبل بعض الاغبياء المستهترين يؤكد ان الدولة تحارب الوباء والغبا، فاذا كان الوباء محددا في كورونا فالغباء لا حدود لأنواعه واعداد المصابين به.
سيشهد التاريخ بانه في زمن الكورونا هناك من تصرفوا بغباء وتحدّوا الإغلاق فتجمعوا للصلاة عند أبواب المساجد ومنهم من تجمع في الجاهات والعطوات وهناك من تمادى أكثر وخالف الحظر المنزلي وهناك من أنكر اصابته بكورونا او اختلاطه بمريض مصاب بالكورونا، اقل ما يمكن قوله انهم اغبياء بجدارة واستحقاق، لان العالم كله يقول بصوت واحد ” اقعد في دارك والزم بيتك.”
حاولت البحث عبثا فلم أجد أي تبرير حتى لو كان تافها من أجل محاولة فهم سبب خروج هؤلاء إلى الشارع، في تحد فج لقانون الدفاع المتضمن فرض حالة الطوارئ وتقييد حركة المواطنين بهدف الحد من انتشار الفيروس اللعين، فالذي فعلوه يصنف تحت بند حماقة وجهالة.
الشخص الغبي قد لا يكون الغباء لديه مكتملا ولا يفهم في أي شيء على الاطلاق، بل قد يكون غبيا إذا تسبب باضرار للأخرين مثل تعريض صحة الاخرين للخطر، اليس من الغباء الازدحام في الطوابير والعطس والسعال في وجه الاخرين، انه الغباء بعينه وفق مفهوم كارلو سيبولا.
أوصل الغباء بعض المواطنين ( وهم الحمد لله قلة قليله ) إلى التراخي وعدم المبالاة ، فلم يلتزموا بالحجر المنزلي ولم يبالوا بالتباعد الجسدي وعدم الملامسة والاحتكاك وأبقوا حياتهم دون اكتراث لوباء كورونا، بل تجاهلوا نداءات الحكومة ولم يلتزموا بتدابير السلامة والوقاية الصحية لا سيما النظافة الشخصية واعتبروا أن توقف مؤسساتهم مجرد إجازة للترفيه والرحلات والمناسبات الاجتماعية مع بعضهم البعض ، هذا هو الغباء الذي أوصل الوباء للانتشار عندما تعاملت بعض الدول وبعض الأفراد في المجتمعات بلامبالاة وتراخوا واستهتروا في التعامل معه ضاربين بعرض الحائط كل التعليمات والمناشدات لتجنب الإصابة به.
غبي من یأخذ الحكمة من غبي ويسلك سلوكه.
حمانا الله وإياكم من الغباء والأغبياء وجنبنا هذا الوباء.
الزم بيتك …. الزم بيتك … خليك ذكي …. هانت بعون الله.
*امين عام المجلس الصحي العالي السابق