الجمعة , نوفمبر 15 2024 | 8:31 ص
آخر الاخبار
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / الدكتور عامر العورتاني يكتب :  عام دراسي جديد والمواجهة مع الوباء

الدكتور عامر العورتاني يكتب :  عام دراسي جديد والمواجهة مع الوباء

فيلادلفيا نيوز

أيام قليلة وتشرق شمس الأول من أيلول ؛ ليبدأ عام دراسي استثنائي في ظلّ أزمة تُعتبر من أشد الأزمات التي لم يسبق أن تعرض لها النظام التعليمي من قبل ، والتي بدت آثارها واضحة في حجم الاضطراب في قطاع التعليم على مستوى العالم ، وهي تأتي مكملة للمرحلة التي توقفت عندها والتي صاحبها قرارات بإغلاق المدارس واعتماد أسلوب التعليم عن بُعد كضرورة فرضتها متطلبات المرحلة ، والتي هدفت لقطع الطريق على فيروس الكوفيد – 19 ، ومحاصرته وتضييق نطاق انتشاره ، بغرض حماية الطلبة وتأمين الرعاية اللازمة لهم .

ولا شك أنّ بداية هذا العام لن تكون كسابقاتها ، فهي تأتي بعد غياب امتد لستة أشهر عن مجتمع المدرسة ، وهي فترة مضاعفة للإجازة المعتادة ، ما ترك أثره على الطلبة وذويهم ، ضمن الكثير من المفارقات التي تحتاج للكثير من المراجعة والتقييم والدراسة ، حيث تفاوتت فرص الطلبة في استكمال المنهاج الدراسي السابق ، بسبب تفاوت توفر متطلبات برامج  التعليم عن بُعد ، وبالتالي تفاوت فرص الاستفادة من منصات التعليم الرقمية تبعاً لعدد من الأسباب التي فرضها واقع الأسرة الأردنية  ، فكانت تكلفة إغلاق المدارس باهظة اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً نظراً للضرورات الصحية التي أملتها الجائحة .

ولقد صدرت خلال الأيام القليلة الماضية العديد من التصريحات المتعلقة بشكل واستعدادات بدء العام الدراسي الجديد ، ليكون عنوان المرحلة التعليم في ظلّ جائحة كورونا ، وليكون من الأساسيات الواجب اتباعها تعقيم اليدين وارتداء الكمامات والتزام التباعد المكاني بين الطلبة ومتابعة الحالة الصحية لهم بفحص درجة حرارة أجسامهم ، كما اتخذت وزارة التربية والتعليم إجراءات تتعلق بالعملية التربوية وانتظام الطلبة على مقاعد الدراسة ، رغم تباين بعض التصريحات في الفترة الأخيرة ، ليُحسم الأمر باعتماد التعليم الوجاهي ( المباشر) من خلال البيئة الصفية ، وليس عن بُعد  .

ولكن ومع تزايد أعداد الإصابات الأخيرة بالفيروس ، إضافة إلى تحذيرات منظمة الصحة العالمية من موجة ثانية للوباء قد تكون أشدّ ضراوة خاصة وأنّ فصل الشتاء ليس ببعيد ، ازداد القلق وتبدى الخوف من قبل الأهالي بالتزامن مع قرب بدء العام الدراسي وأثيرت تساؤلات حول مدى قدرة المدارس على تحقيق التباعد المكاني بين الطلبة في غرف صفية تعاني الاكتظاظ في أعداد طلبتها أساساً ، وحول مدى استطاعتها توفير السعة الاستيعابية وفق الأعداد المقررة ، خاصة وأنّ التحضيرات من قبل ذوي الطلبة لتوفير مستلزمات الدراسة من زيّ مدرسي وقرطاسية ؛ تشهد تراجعاً كبيراً مقارنة بالأعوام السابقة ، ما انعكس سلباً على بعض الطلبة ، وشكّل لديهم صورة غامضة عن الموقف ، وحيرة حول الآلية التي ستتبعها الوزارة لتجاوز الوضع بسلام ، فالكثير من التساؤلات تطرق أذهانهم ، فيما تؤكد الحكومة أنها تعمل وفق استراتيجية تضمن عدم تعطل الحياة التعليمية والاقتصادية ، بما يمكّن من التأقلم واستمرار الحياة وفقاً للظروف التي يمر بها المجتمع .

والطالب يراقب ما يدور من تساؤلات وحوارات عبر وسائل الإعلام والأسرة ، فهل تمّ استكمال الإجراءات التي تضمن بداية واستمرار عام دراسي ناجح ، فلا شك أنّ العودة بعد فترة التوقف الطويلة إلى الحرم المدرسي تتطلب إجراءات استثنائية لا تقبل الخطأ ، إذ ينبغي توفير مستلزمات الرعاية الصحية وتطبيق القواعد الجديدة ضمن بيئة آمنة ومحفزة تهيئ للطلبة بداية جديدة ؛ تستوعب مجريات وأحداث العام الدراسي السابق ، وتعترف بوجود فجوة ناتجة عن كون التجربة جديدة وتم خوضها دون تدريب مسبق وفي ظلّ إجراءات الحجر المنزلي  ، الأمر الذي يقتضي  إعداد التقويم المدرسي ضمن اعتبارات مجريات العام الدراسي السابق واستدراك ما فات بعض الطلبة لتثبيت المفاهيم الأساسية المتعلقة بالمباحث الدراسية على أرض الواقع وليس فقط من خلال الخطط الورقية ، ليتمكن الطلبة من استجماع حماسهم والبناء على وضع أفضل  ، فلقد تباين التعليم عن بُعد في المرحلة السابقة بين التعليم الإلكتروني المتزامن بين الصوت والصورة فيما بين المعلم والطالب  ، إضافة إلى وجود التعليم غير المتزامن وذلك بوضع المعلم للمادة الدراسية أمام الطالب ، ليتبع الأخير إرشادات المعلم بحسب الوقت المناسب له ، أما التعليم المدمج فيعتمد مجموعة من الوسائط التي يتم تضمينها لتكمل بعضها البعض ، وهو بذلك يجمع ما بين التعليم الإلكتروني المتزامن وغير المتزامن ،  الأمر الذي يتطلب الإقرار بالتفاوت الكبير بين الطلبة في مدى توفر الوسائل التقنية التي يتلقون من خلالها المعلومة ، مع ضرورة الإشارة إلى أنه يجب النظر إلى التعليم الإلكتروني على أنه  مرتبط بالنهضة الرقمية ، فهو تطور طبيعي للتعليم التقليدي ( المباشر) ، وأنّ متطلبات الفترة القادمة تهدف إلى تهيئة جيل جديد ؛ وهو الجيل الرقمي المتوافق مع التكنولوجيا والتعليم بأدواته الجديدة ، ما يتطلب من المعلم أن يبذل جهداً أكبر من خلال التعليم عن بُعد حتى يصل إلى مهارات الطلبة التكنولوجية ، ويعمل على تطوير أدواته التعليمية .

كما يجب الاهتمام بالتهيئة النفسية للطلبة من خلال مؤسستي الأسرة والمدرسة بتوفير الاستعداد النفسي  عبر التخلص من الأفكار السلبية أو المخاوف التي يمكن أن تعتري البعض منهم جراء استمرار الحالة الوبائية السائدة ، إضافة إلى وجوب مراعاة الفروق العمرية لبث الشعور بالأمان والتخفيف من حالة الإحساس بالخوف خاصة لدى المراحل العمرية الأولى ، ما يرتب على المعلمين جهوداً إضافية على المعتاد ، فالطلبة طوال الشهور الماضية تعاملوا مع الجائحة من خلال منازلهم وأسرهم فقط ، لكنهم وخلال أيام قليلة سيخرجون إلى بيئة المدرسة وحدهم وقد يستشعرون الخطر أكثر بوجود إجراءات الوقاية والتي يمكن أن تسبب للبعض منهم حالة من الخوف والتوتر  ، ناهيك عن ضرورة التخطيط من قبل وزارة التربية والتعليم لكافة السيناريوهات المتوقعة خلال سير العام الدراسي ، فالظرف استثنائي ويتطلب إجراءات استثنائية والمعلم والإدارة المدرسية هم فرسان المرحلة القادمة  . 

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com