فيلادلفيا نيوز
اندلعت في تونس عام 2011 أولى انتفاضات الدول العربية على أثر إشعال محمد بوعزيزي بنفسه النار احتجاجاً على مصادرة الشرطة عربته التي يقتات منها رزقه، ليعلن شرارة ما يسمى بالربيع العربي وتهب أهالي ولاية سيدي بوزيد للتضامن معه اعتراضاً على اشكالات القمع والفقر والبطالة وغيرها من الأسباب، وما أن اشتعل الشارع التونسي وتأزمت الحالة، لتسارع الولايات المتحدة الأمريكية كعادتها مستثمرة الموقف ومحركة أدوات سياستها الخارجية بتدويل الأحداث بمصطلحات رنانة كتحقيق الأمن، والاستقرار، والسلام وترسيخ مبادئ الديمقراطية، جميع ذلك كان لهدف تنفيذ مخطط كان أصدره الرئيس السابق باراك أوباما بتاريخ 12/8/2010 أي قبل بدء الاحتجاجات بتونس مطالباً نائبه آنذاك جون بايدن ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ضرورة مراجعة السياسة الأمريكية تُجاه الدول العربية دولة تلو الأخرى ونظاماً بعد نظام، ومؤكداً حرفياً بإضافة بند الإصلاح الجذري في العالم العربي.
فما أشبه اليوم بالأمس ليتكرر المشهد التونسي في الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها هذه المرة ليست ربيعاً عربياً يا مجلة foreign policy بل صيفاً أمريكياً حارقاً أشعله جورج فلويد في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة مقتله على أيدي قوات الأمن، لتعم الاحتجاجات وتنتشر الفوضى في أرجاء الولايات الأمريكية، فيخرج علينا عرابين ودعاة الإنسانية الذين قادوا الفوضى في بلادنا لعدة سنوات خلت وسمحوا لأنفسهم وسياسة بلدانهم بالتدخل في شؤون غيرهم سواء أكان عنوة أم رضوخاً فالسيد أوباما يا سادة يندد اليوم بالعنف في الاحتجاجات التي خرجت في أنحاء امريكا ضد المساواة العرقية، واستخدام الأمن للقوة المفرطة مشيداً بحق المواطنيين للإصلاح فعلى ما يبدو القتيل جورج صرخ منادياً تحت ركبة الشرطي هل نسيت عرقك يا اوباما ومِلتك ولونك محركاً بهذه الصرخات والكلمات إنسانيته وعرقه للتعاطف مع القتيل، لكن للأسف فصرخات أطفالنا ونساءنا في فلسطين لم تحرك بك وبساستك شعور الذل وانتهاك الكرامة على أيدي المغتصبين الصهاينة الذين احتلوا أرض ليس بأرضهم واستبدلوا شعب بشعب آخر، أما السيد جون بايدن فقد أصبح يتهم رئيس الجمهورية ترامب باستخدام الجيش ضد الأمريكيين، ويُسوّق لنفسه بوعود انتخابية أهمها إصلاح مؤسساتي خالٍ من العنصرية في حال هزم ترامب متناسياً توجيهاته وتعلمياته لسفراء بلاده لإثارة الفوضى والسيطرة على مقدرات الدول العربية، لروحك السلام يا جورج في نفس كأس بوعزيزي أسقاكم فلويد مرارة العنف والتنكيل بالغير فهب المواطن الأمريكي تضامناً مع القتيل فلويد سواء كان أبيض أم أسود ضد أي مظهر من مظاهر التمييز العنصري، والعرقي، ومعاناة الانسانية من الفقر والذل، فكلاهما شريكان بالانسانية وحقهم بالعيش والكرامة كإنسان عيشه بسيط رافضين كل معاني الطبقية والرأسمالية والارستقراطية المقرفة صارخين بأعلى صوتهم فلتذهبوا للجحيم أنتم وأموالكم وسلطتكم، ليقرر الشعب الأمريكي كلمة الفصل للدفاع عن مقتل جورج فلويد فهذه ممارسات منافية تماماً لمبادئ حقوق الانسان والقيم الديمقراطية ولا تتعدى ان تكون سوى ممارسات استعمارية ضد المواطن الأمريكي.