فيلادلفيا نيوز
تمتزج في الأردن رائحة التراب بنداء المؤذّن، حيث تتشابك أيدي الناس كجذور الزيتون، ووُلدت حكاية الإنسان مع الأرض.
هنا، لا تُقاس الكرامة بعدد الشعارات، بل بمدى التصاق الكفّ بترابه. الزراعة ليست مهنة فحسب، بل بيان وجود وصرخة سيادة في وجه الجوع والارتهان؛ فمن يزرع أرضه يزرع استقلاله، ومن يفلحها يعيد للوطن نغمة الحياة بعد صمت طويل.
وليس عبثًا أن يولد من رحم هذه الأرض رجال يشبهون ترابها، صادقون كالمطر، أصلب من الصوان، يؤمنون أن النهضة لا تأتي من وراء المكاتب، بل من بين السواقي والحقول. من هذا الطين خرج ليث الدويكات، يحمل في يده بذرة، وفي قلبه وطنًا، وفي فكره مشروع خلاص زراعي، عنوانه العمل لا القول، والعرق لا الشعارات.
*ليث الدويكات: الفلاح الذي صنع الحلم*
من قلب هذه الأرض خرج ليث الدويكات، لا يحمل في يديه سلاحًا، بل فأسًا وشتلة وحلمًا. رأى أن طريق النهضة يبدأ من التربة، لا من المنابر ولا من المكاتب المغلقة.
أسس مؤسسته “روابي فرح” لتكون مشروعًا زراعيًا أردنيًا طموحًا، هدفه تحقيق الاكتفاء الذاتي ومحاربة الاحتكار، وإعادة ثقة المواطن بخيرات وطنه.
مشاريعه لم تكن مجرد حقول خضراء، بل رؤية متكاملة تؤمن بأن الزراعة أمن وطني واقتصادي في آن واحد، وأن الفلاح الأردني إذا أُتيح له الدعم، فسيغدو درعًا من دروع السيادة.
*إبداع على الأرض: إنجازات روابي فرح*
قدمت “روابي فرح” أنموذجًا عمليًا على الأرض، فقد أسهمت في إطلاق مشروعات زراعية ناجحة في شمال الأردن ووسطه، شملت زراعة الحبوب والخضراوات والمحاصيل الموسمية بأساليب ري حديثة، كما تعاونت مع وزارة الزراعة في برامج التشجير وتوسيع الرقعة الخضراء.
ونظمت المؤسسة حملات لتوزيع البذور ودعم صغار المزارعين، إلى جانب مبادرات تثقيفية عن الزراعة المستدامة والأمن الغذائي. إنها ليست مؤسسة للزراعة فقط، بل مدرسة في حب الأرض والإيمان بقدرتها على العطاء.
*القيم التي تُلهم الأجيال*
ليث الدويكات ليس رجل أعمال يبحث عن الربح، بل رجل مبدأ يسعى إلى نهضة وطن بأكمله.
في سلوكه إخلاص للوطن، وفي فكره إيمان بالعمل لا بالكلام، وفي مواقفه صمود أمام كل سهم يُوجَّه نحو فكرة ناجحة.
يذكرنا أن الأردني لا يحتاج إلى وعود براقة بقدر ما يحتاج إلى من يغرس شجرة في الصباح ليظلّل بها الأجيال في المساء.
*النجاح في مواجهة أعداء الوطن الصامتين*
ولأن النجاح يُضيء، كان لا بد أن تخرج من الظل الطحالب التي لا تنمو إلا في العتمة، أولئك الذين يعيشون على فتات الفساد ويخشون كل مخلص يهدد مكاسبهم الهزيلة.
يرون في أمثال ليث خطرًا على تجارتهم في الوهم، فيسعون لتشويهه بالكلمة أو الحيلة.
لكن من شب على حب الأرض لا تقتله الإشاعة، ومن تعمّد بعرقه لا يغسل بالنفاق.
هم يرمون الحجارة على النهر الجاري لأنه يذكرهم بجمودهم، أما هو فيمضي يزرع ويثمر بصمت.
*نداء للوطن: دعم الكفاءات الوطنية*
إن أمثال ليث الدويكات هم الثروة الحقيقية للأردن.
وعلى الدولة أن تتنبه لهذه الكفاءات، لا أن تتركها تصارع وحدها، بل أن تتبنّى فكرها ونهجها، لأن الإصلاح لا يُنجز بالخطب، بل بالمزارع والمعامل والمصانع.
فحين تحتضن الدولة من يبدع بصدق، تكون قد استثمرت في ضميرها قبل اقتصادها.
أما تجاهل هذه النماذج، فخسارة لا تُقاس بالمال، بل بما يفقده الناس من إيمانهم بالعمل الشريف.
*زرع الأمل*
أن تزرع شجرة في أرضك يعني أن تزرع الأمل في وجدانك.
وأن تؤمن بأن الأردن قادر على الاكتفاء بذاته يعني أن تعيد للوطن كرامته الأولى.
ليث الدويكات ليس مجرد اسم في مشروع زراعي، بل فكرة عن الإنسان الأردني حين يصدق مع
أرضه.
فالأرض لا تخون من أحبها، ولا
تنكر من سقاه.
وسيظل ليث وأمثاله شهودًا على أن في هذا الوطن جذورًا لا تموت، بل تزداد عمقًا كلما حاولت العواصف اقتلاعها.
فيلادلفيا نيوز نجعل الخبر مبتدأ