الجمعة , نوفمبر 15 2024 | 10:39 ص
آخر الاخبار
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / د. إبراهيم العدرة يكتب :السلوك الجرمي

د. إبراهيم العدرة يكتب :السلوك الجرمي

فيلادلفيا نيوز

باتت السلوكيات المفضية للجريمة اليوم بكل مكوناتها ضربة في خاصرة التقدم والتحضر والحياة… فذلك السلوك المنحرف الذي يمثل الاعتداء على الحقوق أو المصالح التي يحميها الشرع أو القانون أو العرف الجمعي…إنهُ حالة مرضية أدخلتنا في مربع أشد من الجائحة، والمؤامرة، والصراع، والفقر، والبطالة، وغيرها من القضايا التي قضْت مضجعنا منذ زمن طويل… أما هذا الإنسياق الجديد في عالم القتل، والإعتداء، والفساد، والسرقة، والتدمير، والعنف، والتخريب، والإهلاك، والتنمر فهو ناقوس خطر لما هو قادم وأعقد وأشد…
فالسلوك الإنحرافي والجريمة كنتيجة لعوامل كثيرة، أو كسبب لأحداث أسوأ يعيدنا من حالة التحضر إلى فوضى التقهقر، ومن الأمن والاستقرار إلى الخوف والرعب.
أما من حيث العوامل الدافعة لهذه المشكلة المجتمعية المؤرقة فهي متعددة وعلى رأسها نقص الوعي الممزوج باضمحلال الوازع الديني والقيمي والخلقي، والمبني أصلاً على دور ضعيف وهش في التنشئة الاجتماعية، والفوضى في العملية التعليمية التربوية ككل مما أوصلنا إلى نقطة الإنقضاض على روح القانون، والتطاول على العرف، والبتر في عمق العادات والتقاليد، والإنحدار إلى الخلاف والصراع الذي لا ينتهي إلا بالدم بعيداً عن روح الحوار والاتصال البنّاء، ونبض المواطنة الصالحة والحقة، والدخول في متاهة الزيف والخداع والضياع الاجتماعي.
أما من حيث الأرقام والوقائع والأحداث فهي تثير حالة من الفزع مع تزايد الأعداد والحالات والضحايا فهناك رعب من الشكل والمضمون فضحايا حوادث السير والصحراوي والأزمة المرورية يفوق التصور، وجرائم الخلافات الأسرية والعائلية يؤشر إلى تخلخل نظام الأسرة ككل ومنظومة العائلة الضابطة التي تعتبر اللبنة الأساسية في البناء الاجتماعي، وتنامي حالات الغش والتلاعب والشيكات والتهرب والرشوة والتهريب والتزييف تضج بها المحاكم والمرافعات، في حين أن قضايا العنف والتنمر والاقتتال واستخدام وحيازة الأسلحة والعيارات النارية لا يتوقف كسيل عَرم لا ينتهي… ومع تزايد هذه الإحصائيات وارتفاع النسب لابد لنا من قرع ناقوس الخطر بشكل مستمر ودائم..
أما من حيث التدخل والعلاج يجب علينا العمل جميعاً كمؤسسات وأفراد في وجه هذا الطوفان الكاسح، والتعامل بشكل علمي قائم على دراسات وتحليلات اجتماعية وقانونية ونفسية لتشخيص العوامل والأسباب وصياغة الخطط والاسترتيجيات التي تعمل على الحد من هذا الواقع المرير المرتبط بالجريمة وعواقبها.
ما نريدهُ اليوم هو وقفة حقيقية لإعادة ترتيب العملية التربوية والاجتماعية والقانونية والقيمية والدينية ككل بروح الثقافة القائمة على الصبر والتسامح والألفة، وإعادة بناء الشخصية للأطفال والأفراد والمواطنين في البيوت والمدارس والجامعات، واستثمار كافة الجهات ذات العلاقة ومؤسسات المجتمع المدني، والخبراء والمختصين والمجتمع المحلي بشكل يُرضي ذائقتنا الدينية والإرثية والخُلقية الممتدة، وعدم الإنحياز إلى ثقافة الإستهلاك والإستغلال والمادية.
وفي النهاية أقول… خطى بلدنا درجات متينة وقوية في ركب المدنية والحضارة، ومواكبة التقدم والمعاصرة ولكن نحتاج لمضاعفة الجهد في بناء الإنسان بشخصه وعمقه وكيانه وروحه لأنهُ الأساس الأول الذي لابد من الإنطلاق منه قبل كل ذلك…
#بناء_الإنسان_قبل_المكان_والاهتمام_ بالجوهر_قبل_المظهر.
ويجب التركيز على مكامن الخلل والضعف والإنطلاق منها على أسس تقوي دعائم البناء الاجتماعي في مواجهة التحديات الضاغطة، ووقف فوضى التطاول والتعدي، ومحاربة الواسطة والمحسوبية التي أثقلت الكاهل النفسي والاجتماعي قبل المادي فتحول الفرد العادي البسيط إلى مشروع قابل للتحول في أي وقت نتيجة الضغط الذي ولد الإنفجار… ثم تبدأ العجلة بالدوران من جديد… تحقيق الحاجات وإشباع الرغبات، والتعامل مع المشكلات وحلها، مع تحقيق الحياة الكريمة، وتحسين مستويات الدخل، وإقامة العدل والحرية والحقوق يجب أن تكون الموجهات للعمل للوصول إلى مستوى حقيقي من التقدم والرفاه الاجتماعي والكرامة الإنسانية.

#معاً_جميعاً_لمكافحة_الإنحراف_والجريمة.

والله ولي التوفيق.
د. إبراهيم أحمد العدرة
الجامعة الأردنية
كلية الآداب-قسم العمل الاجتماعي.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com