فيلادلفيا نيوز
كان على المبدع أن يموت ؛ كي يعرف مكانته في قلوب الناس !
لا يحدث هذا غير في بلاد العرب ؛ الذين يستكثرون قول الكلام الطيب للناس ، مع أنهم أمة الكلمة الطيبة ، التي أمر بها خالقهم سبحانه “وقولوا للناس حسنًا” !
وكان عليهم أن يظهروا له ؛ دعمهم ، وحبهم ، واحترامهم ، وإيمانهم به وبموهبته ، لا أن يحاربوه ، ويقطعوا عليه كل مسارات الإبداع .
أذكر قول نزار ؛
الناس في بلادنا السعيدة لا يفهمون الشاعرا
يرونه مهرجًا يحرك المشاعرا !
نعم ؛ يتآمر الناس على المبدع ؛ مهما كان نوع إبداعه ، ومهما كانت درجة هذا الإبداع ، فقد يكون إبداعًا حقيقيًا من خلال موهبة وهبها الله له ، وقد يكون اسمًا وصفة فقط !
يتآمرون عليه (حسدًا وغيرةً) ، من خلال تسفيه ، وتحقير ، وتصغير ما يقول ، وليتهم يكتفون بهذا ، ولا يتجاوزونه للنيل من اسمه ، وسمعته ؛ فيلصقون به التهم ، والصفات ، التي قد يكون منها براء ، وينسجون حوله القصص ، والحكايا !
ثم يبدأ مسلسل الإقصاء من خلال تجاوزه عند التخطيط للنشاطات الثقافية ، لا لشيء ، فقط لأن أحد أعضاء اللجنة لا يريده أن يكون ضمن النشاط ، لأنه لا يحبه ، بمعنى أن الشخصنة تدخل في الموضوع ، ويُقصى المنتَج الأدبي عمدًا ، وقصدًا !
ثم يبدأ سلوك عجيب غريب ؛ هو أن كل من يريد أن يكون مثل هذا المبدع ؛ يزجّ نفسه في طابور لا ينتمي إليه ، لا من قريب ، ولا من بعيد ؛ فتظهر طبقة محزنة مضحكة من الشعراء ، والروائيين ، والكتّاب في كل الأجناس الأدبية ، تحفّهم رعاية من وسائل التواصل ، وممن لا يعرفون ألف باء الأدب ، ومن بعض الذين يترأسون المنابر الثقافية ، وبعض ممن يملكون قنوات فضائية ، أو إذاعات محلية مغمورة ؛ فيستضيفونهم ، ويغرقونهم بالألقاب ، والأمسيات ، والندوات ، والاحتفالات ،(التي قد تتجاوز حدود الوطن بالتنسيق مع منتديات ، وملتقيات تتعامل بالدولار للأسف) ، يغرقونهم بالشهادات ، والدروع ، والألقاب ؛ فهذا الشاعر الكبير فلان ، والروائي العظيم فلان ، وما إلى ذلك !
ثم يكبر الأمر ؛ فتدعوهم المطابع ، ودور الكتب للتواصل معها عبر إعلاناتهم التجارية الربحية ؛ من أجل طباعة منتجهم وتوزيعه ، بعيدًا عن الرقابة ، وعن وزارة الثقافة التي (يبدو أنها لا تعلم ما يدور في الساحة)…
ثم بعد هذا كله ؛ تتضخم الأنا لدى هؤلاء البسطاء ، ويعتقدون أنهم أصبحوا شيئًا مذكورًا ، لتبدأ رحلة عداء الناس ؛ ممن يعرفون حقيقتهم ، وحقيقة أدبهم !
وعندما يشاهد المبدع الحقيقي كل هذه الفوضى ؛ ينكفىء على نفسه ، ويبتعد عن كل المشهد احترامًا لها ، ونأيًا بها عن كل ما يؤذيها ، وبهذا يختلط الحابل بالنابل ، ويفسد الذوق العام ، وتتراجع الأمور إلى الأسوأ للأسف …
كان علينا أن نقول كلمة صدق ؛ لنشجع ، ونقدّر شاعرًا يستحق الشعر ، والشعر يستحقه ، أو روائيًا ، أو ناقدًا ، أو قاصًّا ، أو غير ذلك ، وكان علينا أن نظهر لهم كل الحب ، والاحترام ، والتقدير ، والإعجاب (لمنتجهم ، ولشخوصهم) في حياتهم ، ووجودهم بيننا ؛ يسمعونها ، ويسعدون بها ، وتخفف عنهم ضغوط الحياة ، لا أن نرسلها لهم عبر بريد لا يصل القبور ، ولا تفهمه اللحود !
محبتي ، وتقديري لكل الحقيقيين الذين هم في أماكنهم ، ومواقعهم التي يستحقونها ، وتستحقهم ، والذين يقدرون للناس منازلهم ، ويزرعون الورد في دروبهم …
صباح الخير
قديم متحوّر
#في_التعميم_ظلم