فيلادلفيا نيوز
في العام 1494 تقاسمت البرتغال واسبانيا احتلال العالم بأسره. وبعد خمسة قرون سيلتقي الجاران الايبيريان الجمعة ضمن نهائيات كأس العالم لكرة القدم، في انتقال رياضي للمنافسة التاريخية بين البلدين.
في سوتشي، على ضفاف البحر الأسود، ستجمع القمة الاولى في المونديال الروسي بين بلدين قاما بترويض المحيطات وبناء إمبراطوريات رائعة بعدما وضعا خطا لتقسيم العالم بفضل معاهدة تورديسياس الشهيرة، قبل خمسمائة عام.
من المستحيل فصل تاريخ البرتغال عن إسبانيا، فبين الجارين اللذين عاشا في كنف مملكة واحدة في الفترة بين 1580 و1640، ثقافات متشابهة وشغف مشترك للكرة المستديرة.
يقول مدرب اسبانيا جولين لوبيتيغي الذي درب فريق بورتو البرتغالي (2014-2016): “إنهما بلدان يحبان ويحترمان بعضهما البعض كثيرا، بلدان كرويان، كرويان جدا”.
ويضيف “أنا أعرف كيف يعيش الناس كرة القدم في البرتغال، بطريقة مثيرة جدا”، في حين تطرق نظيره البرتغالي فرناندو سانتوس الى “التنافس التاريخي” بين البلدين.
البلدان ليسا قريبين جغرافيا وحسب بل رياضيا أيضا. فعندما خاض الـ”سيليساو” البرتغالي مباراته الاولى العام 1921، كانت أمام “لا سيليكسيون” (منتخب) اسبانيا الذي فاز 3-1 في مدريد واضعا أسس تفوق دائم على جاره.
بالنسبة للبرتغاليين، تبقى كرة القدم الإسبانية ذلك الشقيق الكبير الرهيب والرائع، والذي يجرد انديتهم المحلية من أفضل لاعبيها. فريقا ريال مدريد وبرشلونة اللذان يملكان 18 لقبا في مسابقة دوري ابطال اوروبا يتفوقان بشكل كبير على بنفيكا وبورتو (لقبان لكل منهم).
على المستوى الرياضي، يعترف المؤرخ البرتغالي فرانشيسكو بينييرو من جامعة كويمبرا: “على الجانب الرياضي، عانينا دوما من عقدة النقص”، مضيفا “قبل نهائيات كأس أوروبا 2016، عدنا دائما إلى أنماط ثقافية محددة: فادو (نوع موسيقي برتغالي) وقدسيته، أفكار الهزائم المشرفة أو الفوز المعنوي”.
في سنوات الثلاثينيات، لم تتوقف اسبانيا عن قطع طريق البرتغال إلى نهائيات كأس العالم، مع بعض الانتصارات التاريخية التي لا تنسى ابرزها 9-0 في العام 1934، في تفوق واضح للاسبان.
ويقول مانويل بيريرا مراسل صحيفة “أبولا” الرياضية البرتغالية في اسبانيا منذ ثلاثة عقود “ليس فقط في كرة القدم، على جميع المستويات!”.
ويلخص المسألة قائلا “إسبانيا بلد أكبر بكثير (46 مليون نسمة مقابل 10 ملايين نسمة)، والناس يهتمون أكثر بما يحدث في فرنسا منه في البرتغال. بالنسبة للإسباني، تبقى البرتغال دولة غير معروفة تماما (…)، الجار الذي لا نوليه اهتماما كبيرا”.
على الصعيد الرياضي، عاد التوازن بين البلدين في الالفية الجديدة، عندما بدأت البرتغال في تصدير أصحاب الكرات الذهبية مثل لويس فيغو وكريستيانو رونالدو ومدربين مشهورين مثل جوزيه مورينيو… جميعهم مروا عبر ريال مدريد، النادي الأكثر شعبية في إسبانيا.
في العام 2004 وخلال كأس اوروبا التي استضافتها البرتغال، أقصت صاحبة الضيافة جارتها من دور المجموعات بالفوز عليها 1-0، ما اعتبر خيبة أمل كبيرة في إسبانيا.
صحيح ان المنتخب الإسباني ثأر بعد ذلك (1-0 في الدور ثمن النهائي لنهائيات كأس العالم 2010، وبركلات الترجيح في الدور نصف النهائي لكأس اوروبا 2012)، لكن المنافسة بلغت أوجها عندما فازت البرتغال 4-0 على الاسبان المتوجين قبل أشهر قليلة باللقب العالمي في جنوب افريقيا، وذلك في مباراة دولية ودية في لشبونة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2010.
ويتذكر بيريرا قائلا “كل هدف أحرزته البرتغال كان بمثابة حفل”، مضيفا “ليس فقط لأنها كانت إسبانيا، ولكن لأن الامر كان يتعلق بأبطال العالم! كانت ليلة لا تنسى”.
أما بالنسبة لسجل المنتخبين، فقد قلص البرتغاليون قليلا تخلفهم أمام الجار الإسباني المشاكس بطل العالم 2010 وبطل أوروبا ثلاث مرات (1964، 2008، و2012): التتويج بكأس اوروبا 2016 في فرنسا بقيادة رونالدو مكنهم من احراز اول لقب كبير في تاريخهم ورفع المعنويات في بلادهم.
وقال لاعب الوسط الدولي السابق لويس فيغو (127 مباراة دولية) يوم الجمعة الماضي في لشبونة “اسبانيا تملك بالتأكيد واحدا من أفضل المنتخبات لكن البرتغال لا يجب أن تخاف”.
واختتم فيغو المتوج بالكرة الذهبية لافضل لاعب في العام العام 2000، قائلاً “ليس هناك متعة استثنائية عندما نفوز عليهم، الشيء المهم هو بدء المسابقة بنتيجة إيجابية لكسب الثقة”.-(أ ف ب)