فيلادلفيا نيوز
رضخت حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو مساء امس الثلاثاء، للوقفة الحازمة للكنائس في القدس المحتلة، والوقفة الشعبية معها، وقررت تجميد كافة الاجراءات المالية التي اتخذت ضد الكنائس والاديرة من قبل بلدية الاحتلال، التي فرضت ضريبة مسقفات عليها، فردت الكنائس باغلاق كنيسة القيامة منذ يوم الأحد الماضي، ما أحرج حكومة الاحتلال أمام العالم.
إلى ذلك أعلنت الكنائس الأرثوذكسية والأرمنية والكاثوليكية مساء أمس الثلاثاء أن كنيسة القيامة، الموقع المسيحي الأكثر قداسة في القدس، ستعيد فتح أبوابها اليوم الأربعاء بعدما أغلقت لثلاثة أيام احتجاجا على قرارات اتخذتها إسرائيل.
وقالت الكنائس الثلاث في بيان مشترك إن “كنيسة القيامة ستفتح أمام الحجاج غدا (اليوم) في الساعة الرابعة (2,00 ت غ)”.
وتزامن ذلك، مع دعوات يهودية متطرفة لاقتحامات واسعة للمسجد الأقصى المبارك، وذلك في هجمة إسرائيلية محمومة بحق المقدسات الدينية في فلسطين المحتلة.
يأتي ذلك بينما دعت القوى والفصائل الفلسطينية إلى “جمعة غضب” شعبي جديدة، بعد غد، ضد قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، “الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي”، ونقل سفارة بلاده إليها خلال شهر أيار (مايو) المقبل، وهو الأمر المرفوض فلسطينياً.
وحسب ما صدر عن حكومة الاحتلال، فإن رئيسها تدخل شخصيا، لدى رئيس بلدية الاحتلال نير بركات، وتقرر بينهما تجميد كافة الاجراءات المالية ضد كنائس القدس والأديرة، التي تطالبها بلدية الاحتلال بدفع ضرائب مسقفات بما يعادل 190 مليون دولار، وشرعت بفرض حجوزات مالية على حسابات الكنائس من دون سابق انذار. واعلنت حكومة الاسرائيلية تشكيل لجنة خاصة برئاسة الوزير تساحي هنغبي من الليكود، في سعي لوضع حل لقضية الضرائب الجائرة، على ان يجري التفاوض مع رؤساء الكنائس حول هذا الغرض.
كما وعد نتنياهو رؤساء الكنائس بتجميد مسار تشريع مشروع قانون بادر له اكثر من 40 نائبا، يقضي بالغاء اي صفقة بيع لأراضي وعقارات كنسية، لطرف ثالث، في حال كانت تلك العقارات مؤجرة لجهات إسرائيلية، وأن يتم تمليك الأراضي لأصحاب البيوت القائمة عليها. ومشروع القانون هذا يشكل سابقة للتحكم قانونيا بالأوقاف المسيحية، التابعة للكنائس، وخاصة الكنيسة الأرثوذكسية. وجاءت مبادرة القانون في اعقاب صفقة بيع اراضي القدس قبل اكثر من عام، لجهة ما تزال مجهولة، وهي أراضي تم تأجيرها في مطلع سنوات الخمسين، عنوة، للوكالة الصهيونية، التي اقامت عليها أحياء سكنية للمستوطنين اليهود.
وقال عضو اللجنة التنفيذية، رئيس اللجنة الرئاسية الفلسطينية العليا لشؤون الكنائس حنا عميرة لوكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، على ذلك بالقول، لقد أثمر موقف رؤساء الكنائس وإغلاق كنيسة القيامة في وقف الهجمة مؤقتا باعتبار أن القرار بانتظار نتائج لجنة شكلها نتنياهو، مؤكدا انه لا حل في هذا الملف إلا بتراجع الاحتلال بشكل كامل عن قراره غير القانوني بحق أوقاف الكنائس.
وأضاف عميرة، أن الجهود والضغوطات من الدول المختلفة وعلى رأسها دولة فلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية دفعت رئيس حكومة الاحتلال إلى التراجع عن هجمته بحق كنائس القدس بفرض الضرائب عليهم، فمعارضتنا لدفع الضرائب هي معارضة مبدئية ليست خاضعة للمساومة ولن تتوقف الاحتجاجات إلا بوقف هذا الاجراء العدواني الإسرائيلي كليا.
وتابع عميرة، حديث نتنياهو عن تشكيل لجنة لبحث القرار واتخاذ قرار بفرض الضرائب من عدمه لا يعنينا، فلا اللجنة التي شكلها نتنياهو ولا قراراتها تعنينا، نحن نرفض المس بالوضع القائم للمسيحيين بالقدس من قبل الاحتلال.
وكان الفلسطينيون من المسيحيين ادوا صلواتهم، أمس، خارج كنيسة القيامة بالقدس المحتلة، التي واصلت إغلاق أبوابها لليوم الثالث على التوالي احتجاجاً ضد ضرائب الاحتلال الإسرائيلي.
وتقاطر الفلسطينيون المسيحيون والحجاج عند ساحة الكنيسة المغلقة لأداء الصلاة، في سابقة تاريخية، بينما تجمهر السياح الأجانب أمام الكنيسة، مكتفين بالتقاط الصور، وسط تعزيزات أمنية إسرائيلية مشددة، لقمع التحركات المناهضة لانتهاكاتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.
وأعلنت كنائس القدس عن خطوات ميدانية على الأرض، عبر تنظيم مظاهرتين ضد الاحتلال وممارساته ضد الكنائس، في ظل دعوات للمشاركة فى مسيرة ووقفة احتجاجية فى باحة كنيسة القيامة، التي تعتبر من أقدس الأماكن لدى المسيحيين وموقعاً رئيسياً للحج في القدس المحتلة.
وقال زياد البندك، مستشار الرئيس محمود عباس للشؤون المسيحية، أن فرض الضرائب “يهدف إلى ضرب الوجود الفلسطيني المسيحي في فلسطين المحتلة”.
وأضاف البندك، في تصريح أمس، إن “إجراء سلطات الاحتلال الغاشم، غير مسبوق وتجاوز لكل الخطوط الحمراء”، مطالباً بحماية دولية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس”، بينما أعتبر أن قرار ترامب بشأن القدس قد شجع الاحتلال لأخذ كثير من الإجراءات التي كانت تتردد فيها”.
من جهتها، قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي، إن “الكنائس المسيحية قائمة على الأرض الفلسطينية قبل إقامة الكيان الإسرائيلي بزمن طويل”.
وأكدت عشراوي، أن “الهوية الفلسطينية تتضمن أقدم إرث مسيحي مستمر كجزء من الوجود الفلسطيني المتأصل على هذه الأرض، بينما تنتهك سلطات الاحتلال، بإجراءاتها الخطيرة، الوضع القائم الذي يحكم وضع الكنائس المسيحية في فلسطين منذ قرون”.
وطالبت “المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الحق والعدالة ولجم سلطات الاحتلال ومحاسبتها على انتهاكاتها وجرائمها ووضع حد لسياساتها القائمة على التعصب الديني والإقصاء”.
وبالمثل، اعتبرت حركة “حماس” أن “فرض سلطات الاحتلال الضرائب على كنائس القدس وممتلكاتها، يعد استمراراً للحرب الدينية التي تمارس على الفلسطينيين ومقدساتهم”.
وقال الناطق باسم الحركة، فوزي برهوم، إن “الإجراء الإسرائيلي يعكس التداعيات الخطيرة لقرارات ترامب وسياسات إدارته التي تستهدف الوجود الفلسطيني وتثبت أركان الدولة اليهودية العنصرية المتطرفة”.
وطالب برهوم بخطوات فعلية من كل المستويات لمواجهة الاستهداف الخطير، بما في ذلك تصعيد انتفاضة القدس في وجه الاحتلال وتطوير أدواتها، داعياً إلى “استنهاض الأمة للوقوف ضد المشاريع والمخططات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية”.
وكان مطارنة ورؤساء كنائس القدس المحتلة، قد أصدروا بياناً هاجموا فيه إجراءات سلطات الاحتلال التى تستهدف الكنيسة، بسياسة ممنهجة، ضد الوجود الفلسطيني المسيحي في فلسطين المحتلة، وذلك عبر فرض الضرائب و”شرعنَة” مصادرة أملاكها.
فيما أوردت المواقع الإسرائيلية الالكترونية، أن سلطات الاحتلال بدأت إجراءات فرض الضرائب على الممتلكات العائدة للكنائس والمؤسسات الدينية المسيحية في القدس المحتلة، والتي كانت معفية من الرسوم، تزامناً مع طرح مشروع قانون في البرلمان الإسرائيلي “الكنيست” يسمح بسهولة مصادرة أملاك الكنيسة، لصالح الاحتلال.
وفي الأثناء؛ ارتفعت وتيرة دعوات ما يسمى اتحاد منظمات “الهيكل”، المزعوم، للمشاركة الواسعة في اقتحامات مكثفة للمسجد ألأقصى المبارك، خلال اليومين المقبلين، للإحتفاء بما يسمى “عيد المساخر” المزعوم، والتي يرافقها طقوس وحلويات خاصة بعيد المساخر، بالإضافة إلى أغانٍ، وصلوات تلمودية خاصة.
فيما تواصلت المواجهات العنيفة مع قوات الاحتلال، في مختلف أنحاء الأراضي المحتلة، حيث استخدمت خلالها الأعيرة النارية والمطاطية والغاز المسيل للدموع، مما أسفر عن وقوع الإصابات والاعتقالات بين صفوف المواطنين الفلسطينيين.
وشنت قوات الاحتلال حملة مداهمات واقتحامات في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية المحتلة، فيما توغلت عبر جرافاتها العسكرية العدوانية، أمس، نحو شرقي دير البلح، وسط قطاع غزة.
فيما دعت القوى الوطنية والإسلامية في الأراضي المحتلة جماهير الشعب الفلسطيني للمشاركة الفاعلة في يوم الغضب الشعبي، المقرر بعد غد الجمعة، تنديداً ورفضاً للقرار الأمريكي بشأن القدس.
وأكدت، في بيانها، الوقوف إلى جانب الكنائس ضد انتهاكات الاحتلال، التي لن تفرض الوقائع على الأرض، مطالبة “بإنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنية لحماية المشروع الفلسطيني ومجابهة المخاطر المحدقة به”.
ورفضت إجراءات الاحتلال العدوانية؛ عبر إغلاق الأراضي المحتلة تحت ذريعة “الأعياء اليهودية”، وقرصنة أموال الضرائب، ومساعي منع دفع رواتب الأسرى وعائلات الشهداء، باعتبارها تقع ضمن جرائم الحرب، في سياق سياسة العقاب الجماعي والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني. ودعت إلى تنفيذ قرارات المجلس المركزي، وتفعيل أشكال المقاومة الشعبية، ورفض السياسة الأميركية المعادية للحقوق الوطنية، ومقاطعة بضائع الاحتلال، وتفعيل قرارات الجامعة العربية بمقاطعة أي دولة تنقل سفارتها إلى مدينة القدس، العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية المستقلة.