فيلادلفيا نيوز
تستمر تكلفة الأضرار البالغة التي خلفتها العاصفة التي اجتاحت خليج المكسيك في ولاية تكساس في الارتفاع، إذ سجلت أحدث تقديرات خسائر مادية بحوالي ١٢٥ مليار دولار.
وقتل الإعصار هارفي أكثر من ٣٠ شخصا ودمر آلاف المنازل في ولاية تكساس الأمريكية، وفقا لاحدث التقديرات الصادرة حتى الآن.
ورغم تحول مسار الفيضانات عن مدينة هيوستن، رابع أكبر مدينة أمريكية، لا زال أغلب المدينة تحت المياه التي خلفتها الفيضانات، ما أدى إلى خسائر كبيرة في ولاية تكساس التي تُعد من أهم محركات الاقتصاد الأمريكي.
ولا يمكن التكهن في الوقت الراهن بموعد استئناف العمل في الشركات في هذه الولاية، التي تعد مركزا هاما للنقل وصناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة.
النفط والغاز
ضربت العاصفة قلب صناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة، ثالث أكبر مركز لهذه الصناعات في البلاد، ما أدى إلى توقف الإنتاج، وإغلاق معامل التكرير المحيطة بخليج المكسيك، علاوة على توقف تدفق النفط والغاز من خطوط الأنابيب في المنطقة.
ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع أسعار الوقود الذي بدأ مع توقعات العاصفة، وذلك على الرغم من الشحنات الإضافية التي تأتي إلى الولايات المتحدة من خارج البلاد.
وقالت تقارير إن هناك عجزا في محطات الوقود في جميع أنحاء ولاية تكساس وسط محاولات من شركة مانزفيلد للنفط، من أكبر موردي الغاز في الولايات المتحدة، لدعم الإمدادات بشحنات من الوقود تنقلها إليها حاويات برية، وبحرية وقاطرات سكك حديد.
وتدرس الشركات في الولاية الأمريكية المنكوبة في الوقت الراهن متى يمكنها استئناف العمل.
وقالت شركة كولونيال بايبلاين إنها تتوقع استئناف عمل خط الإنتاج الخاص بها في مدينة هيوستون الأحد المقبل، لكن شركات أخرى أعلنت أنه من غير الممكن في الوقت الحالي تحديد نقطة زمنية للبدء في العمل.
وقالت شركة موتيفا، المشغلة لأحد أكبر معامل تكرير النفط إنه “في ضوء الفيضانات غير المسبوقة التي ضربت مدينة بورت آرثر، لا يزال من غير الواضح متى تنحسر سرعة المياه، ما يجعلنا عاجزين في الوقت الحالي عن تحديد تاريخ بعينه لاستئناف العمل.”، مؤكدة أن “الأولوية تبقى لأمن وسلامة الموظفين والسكان في المناطق المحيطة.”
أضرار بالغة بالنشاط الصناعي
تتوقع وكالة موديز للأبحاث الاقتصادية أن تتراوح تكلفة الأضرار الناتجة عن هذه الكارثة الطبيعية بين ١٠ و١٥ مليار دولار، علاوة على خسائر في البُنى التحتية قدرتها الوكالة بحوالي ١٠ مليار دولار.
وبالفعل تحققت بعض التقديرات التي نشرتها موديز على أرض الواقع في شكل خسائر حقيقية.
وشب حريق في مستودعات البروكسيد الحيوي في محطة كروسبي التابعة لشركة البتروكيماويات أركيما مع توقعات بمزيد من حرائق مستودعات النفط ومشتقاته.
وجاء الحريق نتيجة إغراق المياه لمولدات الكهرباء الاحتياطية والمبردات الخاصة بالشركة التي تحافظ على درجة حرارة المواد النفطية المخزنة، وفقا للشركة التي أكدت أن ارتفاع المياه في مستودعاتها وصل إلى ستة أقدام.
وأدى إغلاق منشآت أخرى لصناعة النفط والغاز إلى انتشار التلوث، علاوة على امتلاء خطوط الصرف الصحي في هيوستن بالمياه الناتجة عن الفيضانات.
وقال البيت الأبيض إن التكامل البنيوي للمستودعات لابد أن يخضع للمتابعة المستمرة لتجنب أي أخطار محتملة نتيجة للأضرار التي خلفتها الفيضانات.
شبكة النقل
بدأت الخدمات في مدينة هيوستون تعمل بشكل جزئي، إذ استأنف العمل في المطارين الرئيسيين على نطاق محدود الجمعة الماضية، لكن قطاعات من الميناء الرئيسية هيوستن شيب شانيل، التي تعد مركزا لنقل المنتجات النفطية من معامل التكرير، لا تعمل حتى الأن.
وقد تستغرق بعض شبكات الطرق في الولاية وقتا طويلا حتى تزول آثار الفيضانات، إذ لا تزال مساحات كبيرة من الأراضي مغمورة بالمياه.
وأصدرت خطوط بي إن إس إف للسكك الحديد بتكساس، ثاني أكبر خطوط السكك الحديد في الولايات المتحدة، قرارات بوقف حركة القطارات، مرجحة أن هذا التوقف قد “يدوم لوقت طويل”.
خسائر الأسر الأمريكية
كانت أغلب الخسائر الناتجة عن هذه الكارثة الطبيعية هي التي حلت بالأسر التي تفتقر إلى الغطاء التأميني بين سكان تكساس.
وقالت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطواري إن حوالي ٣٥٠ ألف شخصا سجلوا أنفسهم للحصول على مساعدات من الحكومة الفيدرالية.
وتقدم ٣٧ ألف شخص للحصول على مساعدات من برنامج التأمين الوطني ضد الفيضانات بانتصاف الخميس الماضي، وهي الأرقام المرشحة للارتفاع إلى ٥٠٠ ألف شخص، وفقا لمحللين.
لكن المشكلة الحقيقية هي أن أغلب هذه الخسائر لن تجد ما يغطيها تأمينيا، ما يضاعف من معاناة هذه الأسر حتى تتعافى من هذه الآثار السلبية لما حدث.
وقالت وكالة موديز للأبحاث الاقتصادية إن “غياب التأمين على المنازل ضد الفيضانات يتوقع أن يقوض عملية إعادة الإعمار.”
وأضافت أنه من الممكن أن يكون لذلك آثار بالغة الخطورة على المدى الطويل.
آثار أوسع نطاقا
تسهم مدينة هيوستن في ولاية تكساس بحوالي ٥٠٠ مليار دولار من إجمالي النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة سنويا.
وتتوقع وكالة أكوويذر أن تتسبب الفيضانات التي اجتاحت ولاية تكساس حوالي ١.٠٠% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي على مدار العام المقبل، ما قد يحول دون رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الفائدة قبل نهاية العام الجاري، وفقا لما هو متوقع في الوقت الراهن.
ويتوقع خبراء في الاقتصاد أن توقف الإنتاج بسبب الفيضانات من الممكن أن يهبط بقراءة الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات تتراوح بين ٠.٣ و١.٢ في المئة، وهو ما يتوقف على الوقت المستغرق في التعافي.
لكن الخبير الاقتصادي بين هيروزون يرى أن الأموال التي من المتوقع إنفاقها على إعادة الإعمال قد تساعد على الدفع بالأرقام المتوقعة للنمو في الأشهر القليلة المقبلة.
وأبدى هيروزون تفاؤلا حيال إمكانية تضاؤل الآثار الاقتصادية السلبية للإعصار والفيضانات التي تلته.
وأضاف: “أعتقد أن الاقتصاد سوف يشهد رواجا أكثر بعد هذه الفيضانات.”