فيلادلفيا نيوز
كشف مؤتمر النيابة الأردنية الأول والذي بدأت أعماله في الأردن، اليوم الخميس، عن أهمية تطبيق مبدأ العدالة التصالحية بين المتخاصمين، وإحياء مبدأ الصفح قبل وقوع العقوبة أو الوصول إلى أروقة المحاكم، وإحياء مبدأ إنساني ديني هام يقول إن الصلح خير.
مسؤولون أردنيون وعرب تحدثوا في مؤتمر النيابة العامة الأردنية الدولي، حول فلسفة السياسة الجنائية الدولية المعاصرة ونماذج تطبيق مبدأ العدالة التصالحية، واستخدام البدائل التي تحفظ الحقوق وتحقق العدالة، وتخفف الاكتظاظ عن أبواب المحاكم، والبحث عن فض النزاعات بحيث يتشارك بهذا الفض أطراف الخصومة كافة، والمجتمع وجهات إنفاذ القانون وتحقيق العدالة.
وبين رئيس النيابة العامة الأردنية القاضي يوسف الذيابات، أن النيابة العامة الأردنية وتنفيذا لخطط واستراتيجيات المجلس القضائي في مجال التطوير والتحديث تدرك أهمية مواكبة التطورات التي تشهدها السياسة الجنائية المعاصرة، وهو ما كان دافعا لها لاختيار العدالة التصالحية كموضوع رئيس لهذا الملتقى الدولي.
ولفت إلى أن منظومة العدالة الجنائية شهدت تطورات ملحوظة في السنوات الأخيرة في مختلف برامجها وآليات عملها، وقطعت الدول المتقدمة شوطا في بناء نظم عصرية لها من حيث تشريعاتها وأجهزتها والتزامها بالمبادئ والمعايير الدولية، وعلى الرغم من ذلك فقد أظهرت الاتجاهات الحديثة للعدالة الجنائية ضرورة الانتقال إلى مفاهيم العدالة التصالحية في خطط وسياسة المشرع الجنائي باعتبار أن هذه المفاهيم تشكل أسلوبا مستحدثا في إدارة الدعوى الجنائية خاصة بعد أن ثبت عدم قدرة منظومة العدالة الجنائية التقليدية على مواجهة الجريمة والحد من آثارها.
وقال النائب العام والمستشار المصري حماده الصاوي، إن تفعيل العدالة التصالحية التي جاءت بها الديانات السماوية والعادات والتقاليد وأعراف المجتمع عبر مبدأ الصلح خير شريطة عدم ضياع الحقوق، وهذا سيسهم بعدم زج كثيرين بالسجون، وهذا يتطلب خطة موضوعية موثقة ومدروسة، وان فض النزاعات بين الأشخاص داخل الأوطان سينعكس على صحة المجتمع وأمنه، وستكون النيابة العامة هي صاحبة الصدارة في هذا النوع من الوصول إلى هذا النوع من العدالة.
ووجه الدعوة إلى تفعيل العدالة التصالحية والفصل بالعدل بين الأطراف المعنية للوصول إلى نواة محاكم عدل تصالحية وتحقيقها بشكل ناجز، مؤكدا أن هذا المؤتمر مهم لتبادل الخبرات في مجال العدالة ومعرفة معاييرها الدولية والعالمية والالتزام بها.
ولفت النائب العام السعودي الشيخ الدكتور سعود بن عبدالله المعجب، إلى أن تطبيق العدالة المجتمعية أظهر أن الدور الأساسي هو للأسرة والتي ساهمت بتخفيف العبء عن القضاء بقضايا كان من الممكن أن تنتهي بالصلح قبل أن تصل إلى المحاكم وتخفيف العبء عن المتخاصمين.
وأضاف أن هذا النوع من العدالة طريقة لمنع استنزاف الوقت والجهد والمال من المتخاصمين ويستمدها من الشريعة الإسلامية والأديان القائمة على التسامح بين الناس، وقد طبقت السعودية هذا النوع من العدالة لحفظ المجتمع واستقراراه، وجعل النزاعات الأسرية بعيدة عن المحاكم، وبما يحفظ كرامة المتخاصمين.
وأضاف أن السعودية أنشأت 63 وحدة عدالة تصالحية في النيابة العامة شملت كل مناطق المملكة ويعمل فيها، متخصصون بعلم الاجتماع والنفس بعد تدريبهم على التعامل مع الدعاوى التي تقع داخل نطاق الأسرة أو من يجمعها علاقة اجتماعية كالجيران أو مجتمع القرى.
وأكد أن عدد القضايا التي تم التعامل معها عبر السنوات الثلاث الأخيرة شهد تدرجا وارتفاعا يؤشر إلى إيجابية تطبيق مبدأ العدالة التصالحية، حيث كان عدد القضايا في مثل هذه النوع من العدالة عام 2020 نحو 7 آلاف و818 قضية، وفي العام الذي يليه 2021 ارتفع العدد إلى نحو الضعف وأصبح 15 ألف قضية وخلال العام الماضي 2022 وصل عدد القضايا إلى 18 ألفا و 400 قضية.
وبينت النتائج أن هناك نسبة زيادة في عدد قضايا الصلح خلال السنوات الثلاث، ووصلت خلال العام 2022 نسبة الصلح في القضايا الواردة لهذه الوحدات إلى ما نسبته 70 بالمئة، كاد أن يكون مصيرها قاعات المحاكم ووقت ومال وجهد.
بدوره، بين النائب العام في مملكة البحرين الدكتور علي بن فضل البوعينين، أن العدالة التصالحية وسيلة آمنة وهي تنبع من جذور فطرية إنسانية، يصاحبها عدم الإخلال بالأمن وحماية الحقوق، مشيرا إلى أن المشرع في البحرين أجاز أسس ومعايير العدالة التصالحية بما يضمن العدالة لضحايا الجريمة.
ولفت الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض المغربية رئيس النيابة العامة المغربية مولاي الحسن الداكي إلى أن الاهتمام بهذا النوع من العدالة أصبح مطلبا مهما بما يحقق الموازنة بين الحق العام والخاص وحماية حقوق الضحايا، وتجلى الاهتمام الدولي بهذا النوع من العدالة منذ ثمانينات القرن الماضي عبر تضمينها في المواثيق والاتفاقات.
وأضاف أن الشريعة الإسلامية تطرقت لعدد من الحالات في الصلح، وتسعى العدالة التصالحية إلى إعادة إعادة الكرامة والحقوق للضحايا، وتبنت المغرب مقاربة حديثة لاعتماد ذلك ووضع حد للجريمة كأداء غرامة تصالحية.
–(بترا)