فيلادلفيا نيوز
عرض محللون سياسيون ونشطاء اجتماعيون على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حلًا للمشكلة السورية عبر إنشاء اتحاد كونفدرالي بين الدولتين، حسبما ذكرت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس».
وقالت الصحيفة، إن مجموعة من المحللين السياسيين والناشطين الاجتماعيين الروس اقترحوا على بوتين إنشاء كونفدرالية بين روسيا وسورية.
وكان رئيس مجلس إدارة معهد التحليل السياسي للبنية التحتية، يفغيني تونيك، أبرز الموقعين على الرسالة الذي ذكَر الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة بأنه «في حال احتلال سورية من قبل الإرهابيين، الذين يتخفون تحت مظهر “المعارضة المعتدلة”، فإنه سينفتح أمام الولايات المتحدة وحلفائها طريق جيوسياسيًا مباشرًا نحو إيران، وبعد ذلك، نحو السيادة الروسية عبر بحر قزوين. وفي مثل هذا التطور للأحداث، فإن أعداء روسيا سيتمكنون من إحكام (طوق الاحتلال) حول دولتنا، حيث تحدنا من الشمال دول بحر البلطيق، ومن الغرب أوكرانيا، ومن الشرق اليابان، ومن الجنوب جورجيا ودول الشرق الأوسط».
كما تضمنت الرسالة اقتراح خبراء المعهد للرئيس الروسي بـ«النظر في إمكانية إنشاء كونفدرالية تضم روسيا وسورية، أي يعني توحيد البلدين في إطار العمل العسكري والسياسة الخارجية في إطار عمل مركز تنسيقي واحد، وفي حال إقامة هذا الاتحاد، فإن أي اجتياح للأرض السورية يعدُّ كإعلان حرب ضد الاتحاد الروسي. ويفرض على الولايات المتحدة وحلفائها التخلي عن مواصلة سياسة مفاقمة الوضع في سورية».
كما ذكَر محللو المعهد، أن هناك خطوة مشابهة أقدمت عليها الحكومة الروسية في عام 2008: «واحد من أشكال إنجاز هذا التحالف، يمكن أن يصبح عقد اتفاق حول التحالف والتعاون الاستراتيجي، شبيه بالاتفاق الذي عقدته روسيا مع جمهورية أبخازيا وجمهورية أوسيتيا الجنوبية، والذي يعتمد على التنسيق في مجال السياسة الخارجية، وتشكيل قوة دفاعية – أمنية بما يضمن حماية الحدود الحكومية».
التدخل الروسي في سورية
بدأ سلاح الجو الروسي بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية منذ 30 سبتمبر 2015، وهذا بعد أن طلب بشار الأسد دعمًا عسكريًا من موسكو من أجل كبح الثورة السورية، وبالفعل وافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد.
جاءت هذه الضربات بعد تزايد الدعم العسكري المعلن لنظام الأسد من قبل موسكو، والإعلان عن تشكيل مركز معلوماتي في بغداد تشارك فيه روسيا وإيران والعراق وسورية لمحاربة «تنظيم الدولة»، وجاءت أولى الضربات الروسية في 30 سبتمبر على مواقع تابعة للتنظيم وفقًا لما ذكرته وزارة الدفاع الروسية.
وصرّح رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة، بأن الغارات قتلت مدنيين في مناطق ليست تابعة للتنظيم، كما شكك قادة غربيون في الغارات. وكان هؤلاء القادة الغربيون طالبوا روسيا بتوضيح مسبق للأهداف التي تنوي ضربها في سورية.
ردود الأفعال
الولايات المتحدة: قال وزير الخارجية جون كيري: «أوضحنا إننا سنشعر بالقلق البالغ إذا ضربت روسيا مناطق ليست فيها أهداف لداعش والقاعدة»، مضيفًا: «بلاده مستعدة لعقد محادثات لتجنب الصدام بين القوات».
السعودية: طالب المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي بوقف الغارات الروسية، وقال: «المملكة قلقة من هذه الغارات التي تستهدف مناطق لا وجود لداعش فيها وأدت لسقوط مدنيين».
العراق: في أوائل أكتوبر 2015، أشار كبار المسؤولين العراقيين إلى أنهم سيرحبون بالضربات الجوية الروسية على تنظيم داعش في العراق وأنهم مستعدون لأن يكون لروسيا دور أكبر في العراق يفوق الدور الأمريكي في قتال التنظيم المتشدد.
فنزويلا: قال الرئيس نيكولاس مادورو: «نحن في فنزويلا ندعم ونهلل لهذا القرار من الاتحاد الروسي، إنه وسيلة من أجل إنقاذ سورية»، مشيرًا إلى أن الضربات الروسية جاءت بعد طلب من الرئيس بشار الأسد على عكس ضربات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
ألمانيا: طالب وزير الخارجية فرانك-فالتر شتاينماير بتوضيح مسبق للأهداف التي تنوي روسيا ضربها، وطالب كذلك بتنسيق دولي للعمليات العسكرية في سورية، مضيفًا: «وإلا سيكون هناك مزيد من سوء التفاهم في ظل هذه الظروف الساخنة».
تركيا: وصف الرئيس رجب طيب أردوغان، في 4 أكتوبر، الضربات الجوية الروسية والخطوات الأخيرة لموسكو بأنها غير مقبولة بأي شكل من الأشكال، وقال إن روسيا ترتكب خطأ جسيمًا.
مصر: قال وزير الخارجية سامح شكري: «الغارات الجوية التي تشنها روسيا في سورية ستساهم في محاصرة الإرهاب والقضاء عليه».
ماذا حقق التدخل الروسي؟
أكد إبراهيم فريحات، أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، في مقاله له تحت عنوان «ماذا حقق التدخل الروسي في سورية؟»، أنّ الحقيقة الواضحة للعيان هي أن التدخل الروسي أوقف انهيار النظام السوري ولو مؤقتًا، وهو ما لم يستطع إنجازه التدخل الإيراني سواء المباشر أو من خلال «حزب الله»، فبعد التدخل الروسي استعاد النظام كامل اللاذقية ورُبطت بحلب واستعاد أجزاء من حمص وحماة واستعاد السيطرة على قاعدة كويرس العسكرية ومدينة تدمر.
وأضاف أن نجاح بوتين في التدخل على هذا الصعيد يظهر في توقيت الانسحاب، فلم يكن بإمكانه تحقيق إنجازات جوهرية لصالح النظام أكثر مما حققه، فمهما استمر التدخل الروسي فلن يكون بمقدوره القضاء تماما على المعارضة، معتدلة كانت أم متطرفة، أو استعادة كامل التراب السوري كما أصبح يحلم النظام الذي صدم الانسحاب الروسي وعيه.
وأوضح أن المكسب الرئيسي الذي حققه بوتين نتيجة تدخله في سورية هو تعزيز المكانة الدولية لروسيا في النظام الدولي وعلاقتها بالأطراف الفاعلة فيه مثل الولايات المتحدة وأوروبا بالتحديد، فقلبه لموازين القوى على الأرض وانسحابه قبل مباحثات جنيف بيوم واحد كان إشارة واضحة لعدم رضاه عن أجندة نظام الأسد غير الواقعية، حيث أثبت بوتين أنه الوحيد القادر على إعادة الحياة للنظام من خلال تدخله العسكري، وأنه أيضا الوحيد القادر على عقلنة أجندته المتطرفة والضغط عليه للدخول في مفاوضات جدية بعيدة عن تصريحات المعلم وبشار الجعفري التي سبقت المفاوضات بإجراء انتخابات برلمانية فقط واستثناء الرئاسة منها.
وأشار إلى أنه بذلك أثبت بوتين لنظرائه أركان النظام الدولي أنه العنوان الصحيح والوحيد لعلاج أزمات استعصى حلها على رؤساء أوروبا التي ترزح بلادهم تحت موجات الهجرة التي وقفوا عاجزين عن أي عمل حيالها، بل أصبحت تهدد عروشهم كما حدث في خسارة انتخابات حزب أنجيلا ميركل في ولايتين من أصل 3 أمام حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة.
ونوّه فريحات بأنّ النقطة المرجعية لحسابات بوتين السياسية هي النظام الدولي بتشعباته وملفاته المتعددة، وسورية ليست أكثر من ورقة بالنسبة له يستخدمها أيضًا للتأثير في أوراق أخرى عالقة بينه وبين الغرب مثل أوكرانيا وجورجيا وأنظمة الدفاع الصاروخي وغيرها، وهذا بعكس إيران التي تعتبر النظام الإقليمي مرجعيتها السياسية، وكيف يمكن لها أن تضغط على السعودية من خلال سورية.-(التقرير)