فيلادلفيا نيوز
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حالة الكارثة الطبيعية في فلوريدا، في اجراء يتيح لهذه الولاية الجنوبية التي قال انه سيزورها “قريبا جدا” الاستفادة من مساعدات فدرالية اضافية لمواجهة تداعيات الاعصار الضخم ايرما الذي بدأ باجتياحها تصاحبه رياح عاتية وامطار غزيرة رغم ان قوته تراجعت الى الدرجة الثانية.
وعصر الاحد بدأ ايرما كإعصار ضخم من الدرجة الثالثة (على سلم تصاعدي من خمس درجات) باجتياح ارخبيل كيز في اقصى جنوب شبه جزيرة فلوريدا مع رياح عاتية وصلت سرعتها إلى 215 كيلومترا في الساعة، موقعا في حصيلة اولية ثلاثة قتلى في حوادث مرورية.
وفي الساعة 19,35 ت غ دخل ايرما مجددا البر الاميركي من سواحل ماركو آيلاند في غرب الولاية ترافقه رياح سرعتها 185 كلم/ساعة، ولكن ما هي الا ساعة ونصف حتى تراجعت قوته في الساعة 21,00 ت غ من الدرجة الثالثة الى الدرجة الثانية وتراجعت سرعة الرياح المصاحبة الى 175 كلم/ساعة، بحسب الارصاد الجوية الاميركية.
وقالت هيئة الارصاد الجوية في نشرة اصدرتها في الساعة 21,00 ت غ ان عين الاعصار المدمر تقع على بعد حوالى 10 كلم شمال مدينة نايبلز الساحلية وان ايرما يتقدم باتجاه الشمال بسرعة 22 كلم/ساعة، محذرة من ان الرياح المصاحبة للاعصار ما زالت خطرة وانها تتوقع ايضا حدوث فيضانات خطرة.
واوضحت الهيئة ان الرياح العاتية البالغة سرعتها 175 كلم/ساعة تعصف بمنطقة شاسعة هي عبارة عن دائرة مركزها عين الاعصار وشعاعها 130 كلم، في حين ان المناطق المحيطة بهذه الدائرة والواقعة ضمن مسافة 350 كلم من مركز الاعصار ستعصف بها رياح عاصفة استوائية.
واضافت ان الاعصار الضخم يتقدم بسرعة بطيئة في عمق الولايات المتحدة متجها تحو شمال فلوريدا وجنوب غرب فلوريدا التي يتوقع ن يبلغها عصر الاثنين.
وفي واشنطن، سارع الرئيس دونالد ترامب فور عودته الى البيت الابيض بعدما قضى اسبوعا في منتجع كامب ديفيد الرئاسي الى عقد اجتماع ضم مسؤولين في اجهزة الامن الداخلي وادارة الحالات الطارئة اعلن في اعقابه حالة الكارثة الطبيعية في فلوريدا، مؤكدا انه سيزور الولاية المنكوبة “قريبا جدا”.
وقالت الرئاسة الاميركية في بيان ان اعلان حالة الكارثة الطبيعية في فلوريدا سيتيح للولاية الاستفادة من تمويل فدرالي يتضمن “منحا لتوفير سكن موقت واصلاح المنازل، وقروضا بفوائد متدنية لتغطية خسائر العقارات غير المؤمنة، وبرامج اخرى لمساعدة الافراد ومالكي المؤسسات على النهوض من تداعيات الكارثة”.
وكان ترامب اعلن فور عودته الى البيت الابيض انه سيزور “قريبا جدا” فلوريدا لمعاينة الجهود التي تبذلها السلطات لمواجهة الاعصار المدمر.
وقال ترامب للصحافيين “سأذهب الى فلوريدا قريبا جدا”، مضيفا “الآن نحن قلقون على الارواح وليس على الكلفة”.
واشاد ترامب بحسن التنسيق بين مختلف اجهزة الاغاثة الفدرالية والسلطات المحلية. وقال “ساتوجه الآن للمشاركة في اجتماع. ولكن كل شيء يتوقف على التنسيق. واعتقد اننا ننسق بصورة جيدة جدا، بأفصل ما يمكننا”.
ونوّه الرئيس الاميركي بجهود خفر السواحل ووكالة ادارة الحالات الطارئة.
ومع تقدم الاعصار في عمق اراضي الولاية تكشفت الاضرار التي خلفها في المناطق الساحلية التي اجتاحها حيث ادت رياحه العاتية وامطاره الفيضانية الى إسقاط رافعات بناء وتحويل شوارع الى انهار وحرمان ملايين السكان من الكهرباء.
وليل الاحد وصل الاعصار الى مقربة من فورت مايرز، المقصد السياحي الرئيسي في جنوب غرب فلوريدا، تصاحبه رياح تصل سرعتها الى 170 كلم/ساعة.
وبحسب شركة الكهرباء “فلوريدا باور اند لايت” فان الاعصار ادى الى قطع التيار الكهرباء عن ثلاثة ملايين شخص في انحاء فلوريدا، مشيرة الى انها “اغلقت بأمان” احد المفاعلين النوويين اللذين تشغلهما.
اما في ارخبيل كيز الواقع في اقصى جنوب الولاية والذي غادرته الغالبية العظمى من سكانه باستثناء حفنة قليلة تحدّت قرار الاخلاء الاجباري واضطرت للاحتماء في اقبية منازلها، فأدت رياح الاعصار الى قطع الحبال في مرسى المراكب واقتلاع اشجار الجيل وتقطيع اسلاك الكهرباء في هذه السلسلة من الجزر الشهيرة بانها مقصد لمحبي هوايتي الصيد والغوض.
وبعدما أوقع 25 قتيلا في جزر الكاريبي وخلّف أضرارا مادية هائلة، حصد ايرما الاحد أولى ضحاياه في فلوريدا حيث قتل ثلاثة أشخاص في جنوب الولاية وغربها في حوادث سيارات تسببت بها على الأرجح الرياح العاتية والأمطار الغزيرة.
وقال ارنولد لانييه قائد الشرطة في كونتية هاردي إن شرطية قتلت الأحد في حادث مروري قرب مدينة ساراسوتا على الشاطىء الغربي لولاية فلوريدا، كما قتل سائق السيارة الثانية التي صدمت سيارة الشرطية.
وأضاف أن الشرطية “عملت طوال الليل في مركز إيواء وكانت عائدة إلى منزلها”.
وقتل سائق سيارة اخرى السبت عندما اصطدمت سيارته بشجرة قرب كي ويست في جزر كيز، وهي المنطقة الأولى في فلوريدا التي ضربها الإعصار.
ووصفت ماغي هويز إحدى سكان جزيرة كي هافن ما شاهدته من نافذة بيتها “اقتلعت السفن من الرصيف، وسوّيت أشجار النخيل بالأرض، وتوشك أسلاك الكهرباء أن تُقطع”.
وأضافت عاملة الإنقاذ هذه في اتصال هاتفي مع شبكة “سي أن أن” أنه “يستحيل الخروج من المنزل الآن، لا يمكن لأحد أن يقاوم الرياح التي أراها من النافذة”.
وقد أصدرت السلطات أوامر للسكان بإخلاء منازلهم، لكن عددا منهم اختار أن يبقى رغم خطر البقاء في هذه المنطقة المنخفضة جدا والتي يحيط بها البحر من ثلاث جهات.
وسبق أن شهدت هذه الجزر إعصارا مدمرا قبل 57 عاما بالتمام والكمال، في العاشر من ايلول/سبتمبر من العام 1960.
وكانت السلطات أصدرت أوامر بالإخلاء لم يسبق لها مثيل من حيث النطاق، فقد طلبت من ستة ملايين و300 ألف شخص أن يتركوا منازلهم قبل وصول الإعصار إلى فلوريدا.
ووُجه أمر الإخلاء أيضا إلى قاعدة ماكديل الجوية، وهي المقرّ الرئيسي للقيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سينتكوم) في مدينة تامبا، التي من المفترض أن يلامسها أو يضربها الإعصار في وقت مبكر الإثنين. وفي أورلاندو، أغلق مركز كينيدي للفضاء.
وإزاء الشعور بالعجز أمام غضب الطبيعة، تحدّث عدد من سكان فلوريدا عن عزمهم أن يطلقوا النار على الإعصار، وهو ما دفع السلطات إلى التحذير من ذلك في ولاية ينتشر فيها حمل السلاح.
وجاء في تغريدة لمكتب السلطات المحلية في باسكو الواقعة على الساحل الغربي لفلوريدا “لنكن واضحين، لا تطلقوا النار على الإعصار، ذلك لن يوقفه، بل ستكون لإطلاق النار تداعيات خطيرة”.
ويبدو أن الاقتراح ظهر في البدء من باب الدعابة، لكن البعض أخذوه على محمل الجد، حتى ان هناك من اقترح أن تطلق عليه نيران قاذفات اللهب لتبديده.
وقبل أن يصل الإعصار إلى فلوريدا، دمّر جزرا عدة في الكاريبي موقعا 25 قتيلا، عشرة بينهم في الجهة الفرنسية من جزيرة سان مارتان، التي سيتوجه إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء، واثنان في الجهة الهولندية من الجزيرة نفسها بالإضافة الى أربعة في الجزر الأميركية العذراء وستة في الجزر البريطانية العذراء وأرخبيل أنغويلا واثنان في بورتوريكو وقتيل واحد في باربودا.-(أ ف ب)