فيلادلفيا نيوز
بشير حسن
عندما هبت رياح الخريف العربى فى تونس.. قلنا: إن مصر ليست تونس، فكان ما كان، وعندما انتقلت الفوضى إلى ليبيا.. قالوا إنها تختلف عن مصر وتونس، وأن القبلية فيها تحمى أركان النظام، فكان ما كان، نفس الشىء فى سوريا واليمن، ومن قبلهم كان ما حدث فى العراق، رياح الفوضى هبت على الأردن، ولم نعد نثق فى جملة (الأردن مختلفة عن الدول التى طالتها الفوضى) حتى الصور التى تناثرت فى الصحف لأطفال وشباب يقدمون الحلوى للجنود فى الميادين لم تعد دليلًا على سلمية الثورات أو تبرئتها من المندسين.
ولأن الأردن بمكانتها وخصوصية مكانها أمنًا قوميًا للعديد من الدول العربية وفى مقدمتها مصر.. كان لزامًا علينا أن ننتفض وتنتفض أقلامنا، فهول التجربة التى عشناها وما زلنا نعانى منها، تدفعنا لتذكير الأشقاء فى الأردن بمجموعة من الحقائق، التى ربما تناساها بعضهم مدفوعًا بضنك أزمة اقتصادية، هى جزء من مخطط لإسقاط الدولة.
تقديم الأردن كوطن بديل للفلسطينيين أطروحة لم تكن وليدة خيال المؤمنين بفكرة التآمر لمجرد التخويف، لكنه مشروع من لحم ودم، طرحه أرئيل شارون وزير الحرب الإسرائيلى الأسبق، بعد اجتياح قواته للبنان وغزة عام 1982، وبدأ المشروع يظهر تارة ويتوارى أخرى، حتى ظهر عضو الكنيست اليمينى المتطرف أرييه إلداد ومعه أكثر من أربعين عضوًا من الكنيست ليعلنوا من خلال جبهة (من أجل أرض إسرائيل) أن الأردن هى الوطن البديل للفلسطينيين، واستطاع «إلداد» أن يحشد العديد من البرلمانيين حول العالم وفى مقدمتهم شخصيات من هولندا وبريطانيا لدعم مطلبه.
وفى عام 2009 قدم أرييه إلداد تفاصيل مشروعه للكنيست الذى كان يرأسه ريئوفين ريفلين، فوافق عليه، وأحاله إلى لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، ومعروف أن ريفيلين قال أكثر من مرة إن الأردن هى جزء من إسرائيل الكبرى. وهو ما دفع عمان إلى استدعاء سفيرها فى تل أبيب اعتراضًا على ما صرح به إلداد فى وسائل الإعلام الإسرائيلية.
عاد أرييه إلداد للمطالبة بإنشاء الدولة الفلسطينية فى الأردن فى كلمة له بالكنيست فى 13 مايو 2010، وفى ظل الفوضى التى ضربت الدول العربية تحت مسمى (الربيع العربى) انتهز إلداد فرصة اعتراض الشعب الأردنى على بعض القوانين الاقتصادية، وأكد أن ملك الأردن لن يستمر طويلًا، وراهن على ثورة يقوم بها الشعب بعد تردى الأحوال الاقتصادية.
وكعادتها فى الاستعانة بعملائها فى الخارج للانقضاض على الأنظمة العربية.. بدأت إسرائيل فى مغازلة بعض الشخصيات الأردنية المحسوبة على المعارضة، واختارت لأنشطتها أوكارًا فى الخارج، ظهر بقوة فى الفترة الأخيرة مضر زهران، الذى شكل فى لندن حكومة ظل معارضة للنظام الأردنى، وعبدالإله المعلا نائب رئيس الائتلاف الأردنى المعارض فى واشنطن، وسامر لبدة وعبدالمعالى بنى حسن وغيرهم.
وفى 17 أكتوبر الماضى نظم المركز الدولى اليهودى الإسلامى، مؤتمرًا فى مركز تراث مناحم بيجن لتفعيل مشروع إقامة دولة فلسطينية فى الأردن، وحضر المؤتمر مضر زهران وعبدالإله المعلا وسامر لبدة وعبدالمعالى بنى حسن، بالإضافة إلى برلمانيين من أمريكا وأوربا، فى مقدمتهم مايكل روس أحد رؤساء المنظمات الأمريكية اليهودية، وهو ضالع بأنشطته فى الفوضى التى طالت أغلب دول المنطقة، واستقر الرأى فى المؤتمر على أن الأردن هى الوطن البديل للفلسطينيين.
كم من فوضى فى المنطقة أسقطت مع الأنظمة دولًا، وكم من عملاء مدفوعين من الخارج أسقطوا بلدانهم تحت شعار الحرية.
حمى الله الأردن وألهم شعبها الحكمة والقدرة على مواجهة المؤامرة.