فيلادلفيا نيوز
نشهد اليوم سيلاً جارفاً في عالم الصوت والصورة والمعلومة والتدفق المعلوماتي الذي يحدد مزاج الشارع، ويكوّن رأياً عاماً ليس بالضرورة أن يكون إيجابياً؛ بل هو، في أحيان كثيرة، يكون ضمن الإطار السلبي الذي يخرّب المجتمعات ويقطّع أوصالها الاجتماعية والثقافية والأخلاقية.
ومن أكثر أسباب هذه السلبية الإعلامية، غياب الوعي، وتغليب الخاص على العام وتهميش المصالح العليا للدول والأوطان، ومحاولة استجلاب منافع آنية وشخصية ومادية، بصرف النظر عن الوسيلة والغاية والأهداف، فكل الأشياء مباحة من أجل المال وملحقاته. يتبع ذلك سبب آخر أكثر أهمية وأشد خطورة؛ وهو أن الإعلام السطحي، مع الأسف الشديد، أصبح مهنة من لا مهنة له، وصار الجسم الصحفي _وخصوصاً في الحالة الأردنية_ تطفو على سطحه أسماء أبعد ما تكون عن الصحافة والمهنية والإعلام.
وهذا التدفق الإعلامي الذي يؤثر في عقلية المتلقي (المشاهد، القارئ، المستمع)، يكاد يفرض سطوته وهيمنته المطلقة على الأشياء، يساعده في ذلك انسياق المتلقي وراءه بدون وعي وتدقيق وتمحيص فيما يعرض أو يقرأ أو يستمع له؛ بل إنه يعطي هذا المتلقي الحق في إطلاق الأحكام العشوائية بغلق هذه القناة، أو إغلاق هذا الموقع أو الصحيفة، دون مبررات أو عدالة أو محاكمة يضبطها العقل والمنطق والحقيقة. وأتمنى أن يساهم قانون الجرائم الإلكترونية الأخير بكبح جماح هذا التدفق الإعلامي السطحي، ويحدّ من سرعة انتشاره. وهنا يجدر بنا القول أيضا ?ن القنوات والمواقع والصحف يجب عليها أيضاً أن تراعي القيم والعادات والتقاليد، ولا تجنح نحو الاستسهال الإعلامي وتمييع الذائقة العامة للناس؛ الأمر الذي يحتم اليوم على نقابة الصحفيين – وهذا أشبه بنداء من قلب يعشق وطنه_ إصدار منظومة خاصة بالعمل الصحفي، يتبعها قانون صارم وحاسم تجاه كل ما يحدث من تشوهات في المشهد الإعلامي، وغربلة صارمة للجسم الصحفي مما علق به من دخلاء وطارئين عليه، ينظم ذلك كلّه ميثاق شرف صحفي، يراعي حرمة الأشخاص وعدم التمادي على الناس، ومراعاة البيئة الأردنية الاجتماعية والدينية، ويأخذ بالحسبان?العادات والتقاليد التي تربى عليها المجتمع، ويضرب على يدّ كل من يحاول أن يشوه المجتمع والقيم الجميلة التي تربينا عليها ونفاخر بها.