فيلادلفيا نيوز
خاطب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين البرلمان الأوروبي بخطابٍ عالمي ليس مجرد عرض لأحداث ووجهات نظر، بل كان بمثابة لسان حال الشعوب التي تؤمن بالقيم الإنسانية والأخلاقية، وبواجبها تجاه الآخر، بغض النظر عن المذاهب أو الأديان أو الأطياف المختلفة. فقد دعا إلى التضامن والمساهمة في تحقيق السلام وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة في عالم آمن ومستقر ومزدهر.
يتجلى في هذا الخطاب فهمه لتطلعات الشعوب وآمالها؛ إذ قدّم رؤية تتجاوز الحدود والفوارق، حاملة رسالة إنسانية تتوجه إلى المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه شعوبه؛ لتعزيز الأمن والاستقرار، وتمكين الإنسان من العيش بكرامة، وتهيئة مستقبل مشرق قائم على التنمية البشرية في مختلف المجالات، لتحقيق تطلعات الشعوب.
وخرج هذا الخطاب في وقت عصيب تمر به الإنسانية، إذ باتت تشهد تفككاً وطنياً وهشاشة أمنية تحت وطأة الصراعات المسلحة، التي تصادر القانون والقيم، وتخلف وراءها خسائر جسيمة على المستويات البشرية والاقتصادية، تاركة الشعوب في مصير مجهول بعيداً عن قيم العدالة والسلام.
وقد جلت كلمات جلالة الملك بوضوح واقع مجتمعاتنا اليوم، مسلطة الضوء على فقدان البوصلة الأخلاقية، مشيرة إلى واقع معاناة الشعب الفلسطيني الطويلة ، خصوصاً الأزمة الإنسانية في غزة، وضرورة تكثيف الأعمال الإنسانية والإغاثة الفورية و وقف الحرب ، وأهمية إقامة الدولة الفلسطينية لإنهاء النزاع وحلول السلام ، وكذلك تجاه معاناة الشعب الأوكراني من أثار الحرب ، وما يرافقها من تداعيات وخسائر ، كذلك خطورة الوضع الحالي جراء النزاعات القائمة بين إسرائيل وإيران. فكل ذلك يهدّد المفهوم الحقيقي للسلام الشامل والعادل بين الأمم.
إن الوصول إلى السلام وأمل مستقبلٍ مزدهر لا يمكن أن يتم على أنقاض القانون الدولي أو خارج إطار القيم الإنسانية؛ فبناء المجتمعات يرتكز على القانون، والمنظومة الأخلاقية، وحق الإنسان في الحرية والكرامة. فأي تحول نحو الصراع وإعلان القوة كقانون وحيد، هو تخلي عن روح الإنسانية.
ولم يلق خطاب جلالته قبولاً في أروقة البرلمان الأوروبي وحسب، بل تفاعل معه أحرار الشعوب في العالم أجمع، ذلك أنه احتوى على دعوة حقيقية للعودة إلى المسار الصحيح، ولترميم البوصلة الدولية، بإعادة توجيهها صوب السلام والأمل ومستقبل أفضل.
