الأحد , مايو 12 2024 | 7:56 م
الرئيسية / اقتصاد / الطورة يكتب: اقدام بلا حتى جراب …

الطورة يكتب: اقدام بلا حتى جراب …

فيلادلفيا نيوز

في قريتي الجنوبية النائية يستيقظ الأطفال صبيحة العيد باكرا ، رغم أنهم باتوا ليلة البارحة على معركة الأم في مواجهة الأب لحاجتهم ” نعل ” انتظروه على حافة الشارع يمنون النفس بأقدام تغطيها كل عام أشياء يدعونها أحذية، لكن هذا العيد أقدامهم بلا جراب.
في الكثير من قرانا وبلداتنا يتصارع الآباء بضراوة مع الإيمان والكفر ، يتعوذون بالله من الشيطان مرة ، وآلف مرة من الفقر ، يتوضئون الصبر قبل صلاة الفجر ، طفل كنت اقسم أنني ذات يوم كنت طفلا اسمع دعائهم المستمر ” ربي افرغ علي نعمة صبراً ولا تحرمني الستر”.
في وجوه الكثير منهم حزن بشيء من القهر ، و”غضبة ” من يعطي وعودا كاذبة للفقراء ، ولمن يعدهم ويمنيهم بأحلام مؤجلة على قامة الانتظار ، ومن جهة أخرى يلبي رغبات حفنة غلمان من الأغنياء ، لعبة غير عادلة مليون من أصحاب الحظوة إياهم ، وعشرة أضعاف من الفقراء ويزيد.
حمقى هم الجياع ، يتعلمون الكرامة من رغيف الخبز ، في القرى والمدن الجائعة ليس هنا تعريفا للفقر غير انه يبكي بطون الصغار ، ويقهر قلوب الكبار ، يصبح فيها طبق قلاية البندورة المزين بالبيض ترفاً ، ويصبح فيها أيضا ثمن الحياة الموت قهرا أو ربما أكثر.
في المدن الظالمة أربعة آلاف دين وعشرة آلاف مذهب كل ملة تدعي أنها على صواب وما دونها محرف ، كل فرقة تدعي أنها وحدها الناجية وكل مذهب الوارث الشرعي لدين الله ، حائرة هي الأرض برزخ من خمر بين التمر والعنب ، لا العنب أصبح زبيبا ولا التمر بقي رطبا.
على حين غفلة عابس وجهة المدينة ويسكن شوارعها الغضب والتعب لا شيء يوحي للعدل بين ممن تقاسموا الوظائف والمناصب والمكاسب والعطاءات وما ملكت أيمانهم ، بعد أن منحوا البقية كل البقية منهم تحت خط الفقر وظيفة حب الوطن ، والموت من اجل الوطن.
في باب العيادة والمستشفى ثمة من يصرخ الالتزام في طابور الانتظار ، ومن الباب الخلفي يدخل الأغنياء وأصحاب الحظوة ، يدخل الأصدقاء والأقرباء ، والبؤساء يموتون بالمجان ، شماتة من الحياة لا سواها حينما تصبح كافة الحلول عبثية عدمية.
في المدن المتعبة يدخل الثائر مناضلاً ، ويخرج وزيرا ورئيسا لهيئة مستقلة ، طفلا كنت من أقصى القرية اسعى مخطئ حينما اعتقدت لا تنجوا بذات الطريق قافلة أبي سفيان بذات الطريق مرتين ، وثمة من يساند قوافل تجارة القراصنة الجدد ، طفلا كنت أيضا أنافس والدي رحمه الله على قراءة الصحف ، غير صحف” طن الورق ، وكيلو كلام ،وجرام حقائق” ، تنشر استطلاعات لا يثق فيها المتلقي ، تغض الطرف عن انتخابات يربحها في الغالب أهل المال ، وثمة من يغني للأقوياء ، والفقراء ضائعون بينهم.
رغم القين إن أردت تسلم عليك تسليم عقلك ورقة بيضاء ، وعليك أيضا أن تكون امتثالياً طائعاً لا يناقش ، أو حتى التفكير خارج الحظيرة والقطيع في غالبه أصبح معيارا لمفاهيم خاصتهم ، من يتفق معهم مؤمناً والمختلف كافر.
يقينا أن لا تقبل استحمار العقول وتحول بعض الجامعات والمؤسسات الأكاديمية إلى مؤسسات لتفريخ العاطلين عن العمل أو إنتاج الخريجين أنصاف المتعلمين نؤمن لهم راتبا أخر الشهر ، ثمنا ستدفعه سابقا ولاحقا.
أربعون خريفا ويزيد ارصد صوت الجياع يرتلون الفقر نشيدا لكل الجائعين ، اصلي أن الله رب لكل المصلين ، احذر من المؤمنين الذين ارتدوا جلباب الدين بالمقلوب ، وأكثر حذرا من المثقفين وأقلام المزاد العلني والظرف المختوم ، وأكثر ريبة من أصحاب الشهادات العليا منهم أميون لا يعلمون من الفكر سوى الأماني وأن هم إلا يضنون يقينا ان الكهنة لا يعلمون الناس سوى الجهل المقدس.
يوم غير عادي عدت للتو من شراء متطلبات العيد ، رائحة التبغ تفوح من نوافذ المقهى الذي واعدت صديق فيه يعج بأصوات الفراء ، صوت التلفاز عال بصخب الموسيقى وأنكر الأصوات السياسيين ، لا شيء يشبهني في السوق الفارغ من كل الأشياء الممتلئ بأكوام القمامة ، هل كان هنا ثورة جياع ، استوقفت احدهم ، مكتفيا لا عزاء للصامتين ، انتهيت رداً ” واني أخاف على وطن مبتلى وأخشى من كل الأشياء حتى نفسي”.

 

 

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com