الجمعة , أبريل 19 2024 | 7:54 ص
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / رسالة إلى بنيتي …

رسالة إلى بنيتي …

فيلادلفيا نيوز

بلال الطوالبة

تاليا هي أبنتي الوحيدة والتي مضى من عمرها أربعة أعوام تقيم معي حيث أقيم ، تفوق جيلها وتتكلم باللغتين العربية والإنجليزية وبوادر لغة ثالثة وهي الفرنسية ، 

بلغ السيل الزبى يا بنيتي وتفاقمت الأمور عن حد حصرها ، وإن وضعنا إصبعنا على ثقبا ينفث منه ما يضرنا ، ظهر ثقبا آخر ضرنا أكثر من سابقه ، هذا الحال الآن يا تاليا أكتب لك وأنت لا تعرفين ما نعانيه جميعنا اليوم ، نحن نسعى لأن نعالج الأمور في باكورة ظهور أعراضها إلا أنها تفشت وتفاقمت وقامت على بترنا
أكتب لك وأنا رغم مصابي بحال وطني إلا أنني آمل على أن تكذبيني عندما تكبرين وتقرأين هذه الرسالة فيكون الحال قد تبدل وتغير وتقولين ما لي أرى أبي يصف أمرا غير موجود فنحن نعيش في رغد محال أن يكون الرغد قد سبقه الكدر ..

بنيتي لم تعد الكتابة تجدي نفعا ، ولم يعد للقراء الجلد والصبر على قراءة النصوص ، وتفنيدها ولم يعد للمرجعيات أي ثقل ، فالقرارات المتخذه مفروضة علينا خارجة عن أرادتنا ، فامتزاج الآراء للوصول إلى تقارب أو تصور معين لم يعد موجود ، ليس لقصر فينا أو جهل بل لأن الجو العام حسب ما صور لنا يحتاج الى دكتاتورية مطلقة في رسم القرارت واتخاذها .
تراكمت وتكدست القرارت المتخذة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، حرفت حقائقا وزيفت أمورا كثيرة ولم يعد لسان حالنا يطلب بأكثر من الكفاف ، ليس نص إنهزاميا ما أريد أن أكتبه لك ، ولكن هذا واقع الحال !!
سئم أهل الأردن من الحديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد ، تنشر التقارير بشكل دوري وتفتح ملفات ، وتعلن أرقام ووقائع ونهاية المطاف لا شيء يحدث !! أصبحنا نعيش في واقع مزيف أو قصة تنسج من خيال أحدهم يستخدمنا كأدوات لتكتمل أركان قصته ، ثم بعد الانتها نسلم إلى غيره ليفعل بنا ما شاء له أن يفعل ، لم يعد للأرض أي انتماء حقيقي فالانتماء أصبح للأشخاص ، وأصبح لنفوذهم وسلطتهم .
ابنتي تاليا ..
لقد حاول الكثير من الشرفاء والذين هم أقلية أن يقاوموا هذا المد الكبير للفساد والفاسدين ، الا أن محاولاتهم لغاية الان انتهت بالفشل ، ولعل آخرها ما تداولته وسائل الأعلام عن التحدي الذي فجره الزبيدي حول أرقام كارثية تتعلق بالوفر المالي الذي يدخل على الحكومة نتيجة بيع المشتقات النفطية والمعادلة الفلكية في عملية التسعير، اعتقد الجميع أنها ستحرج الفاسدين وتخرجهم من أوكارهم وتعريهم ، الا أن الزبيدي تاب التوبة النصوحة وأعترف بأن ما قدمه هو أفتراء وكذب لا يمت للحقيقة بشيء .
لم يكن الزبيدي التائب الوحيد عن افتراءاته فهناك الكثيرون الذين كذبوا واستخدموا الإعلام للدجل والطعن بالنزاهة والشفافية التي تمتاز بها الحكومات المتعاقبة ، وبصحة القرارات الصادرة عن أصحاب الولاية ، ولأن التوبة عادة ما تكون نصوحة تجب ما قبلها يكرم التائب ، فتوبة الكلالدة الشهيرة بعد افترائه على قانون الانتخاب جعلته عرابا لها حاميا لهيئتها ، والأمثال الحية كثيرة .
طفلتي تاليا ..
يوجد في الأردن متناقضات كثيرة لا تخطر على بال أحد ولا يمكن لأحد أن يستوعبها ، إلا أننا نحن الشعب الجبار تجاوزنا كل التوقعات ، ومن المتناقضات التي لا يمكن لأحد أن يتعايش معها على سبيل الذكر للحصر ، أحمد عبيدات مدير المخابرات السابق صاحب فكرة حجز الجوازات و منع السفر واعتقال الطلاب وخالق مفهوم التعذيب في المعتقلات ، أصبح قائدا للمعارضة ورجلا وطنيا جدا يلتف من حوله الجمع الغفير يصفقون له عندما يخطب .
اليسار الأردني أصيب بجمود فكري فهو كالمرأة اللعوب يعيش الآن بأحضان إيران ويعادي تركيا ، يعترف بأسرائيل و يعادي الصهيونية ، الأخوان المسلمين خرجوا من رحم الحكومة وتم تمزيقهم فهم عدد غفير من الجماعات والأحزاب التي تأخذ نفس الاسم ، ومن المتناقضات أحالة كل من تجاوز عامه الستين إلى التقاعد وبلتاجي يسلم منصبين وهو يتجاوز السبعين ، يورث لقب الدولة من الجد إلى الابن وكذلك الحال المعالي ، والمتناقضات كثيرة لا تتسع للسرد الآن .
تاليا ..
أقيمت مؤخرا انتخابات لمجلس النواب الثامن عشر عبر قانون انتخاب لا يلبي أدنى مستويات الديمقراطية والشفافية وسقط في فخه عرابوه ، فلم يصل للمجلس الثامن عشر أشد المدافعين عن القانون الجديد ولعل أهمهم الخرابشة . فولد مجلس مشوه يحمل أجندات خارجية لا يتصل بالأردن بشيء وقد لوحظ هذا الأمر في أكثر من جلسة ، فينقسم المجلس إلى أربعة أقسام رئيسية قسم يتبع لمصر وقيادتها السابقة ممثلة بالمعزول محمد مرسي ، وقسم ينام ليله بدمشق ونهاره بعمان فنظام الأسد هو الذي يحركه ، وقسم يحسب على فتح ومؤسسيها ، وقسم جالس للمشاهدة وجوده وعدمه واحد .
مما سمح للحكومات المتعاقبة أن تتصرف بما يحلو لها من غير رقيب ولا حسيب فالرقابة والتشريع لم تعد موجودة وغابت كليا رغم وضوح الخلل .
بنيتي ..
رغم هذه الأمور وبزحمة المشهد العام على الأردن ، أصاب الشعب حالة من التوهان فنحن الشعب لم نعد نستوعب ما يحصل على الساحة الأردنية ، فلم نعد نشكل قوة جذب عكسية لنحارب القرارات الجائرة التي تتعدى على أبسط حقوقنا التي كفلها القانون ، توغلت الحكومات على جيوبنا ، أتسعت هوة الفقر والبطالة ، لم نعد شعب منتج أصبحنا شعبا أستهلاكيا بالدرجة الاولى ، لم نعد نميز بين الاحتياجيات والأولويات والكماليات ، أختلطت لدينا العديد من المفاهيم التي أدت الى تثبيط عزيمتنا ، فالجو العام يصيبه وابلا من الأوبئة ، ننتظر المنقذ الأعظم لإزاحتنا عن رداءة الطريق .
أبنتي تاليا ..
كتبت هذا النص وكلي ألم على الحال الذي وصنا إليه فصاحب الولاية يوم أمس تلعثم في تركيا ولم يعد قادر على النطق بحدود 67 لا أعلم هل لنظيرة التركي هذه الشخصية التي أرهقت صاحب الولاية ولعثمته أم ان القضية الفلسطينة لم تعد بحسبانه .

 
 

 
طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com