السبت , يونيو 15 2024 | 1:38 م
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب : دردشة من طرف واحد مع معالي وزير الداخلية 

رايق المجالي يكتب : دردشة من طرف واحد مع معالي وزير الداخلية 

فيلادلفيا نيوز

سيدي الكريم ,,,مع حفظ الألقاب :..

بما أنك القادم إلى منصبك من ذات البقعة التي أنا منها ومن ذات البيئة بكل تفاصيلها ومنها لكنتنا الكركية أبدأ دردشتي معك من العقل إلى العقل بالقول لمعاليك (على طاري ) تكيلف الحكومة التي أنت عضو في فريقها بوضع خطط إصلاح سياسي وإداري وإقتصادي شاملة ليتم تنفيذها بالحرف في المراحل القادمة (وعلى طاري ) إحتفال الحكومة من خلال وزارة السياحة وعلى قاعدة (التفكير خارج الصندوق ) بمن أسمتهم (المؤثرين ) فأسمح لي معاليك أن أطرح عليك بعض الأفكار أيضا من خارج صندوق الحكومات -الذي صار أكثر شبها بصندوق أم العريس في بيت الشعر في (شق النسوان ) والذي هو مخزن (القضامة والملبس والقهوة وما يحتاجه الفرح ) فكل الناس يعرفون محتويات ذلك الصندوق وكل الناس حتى الأطفال كانوا يعلمون بماذا سيملأ هذا الصندوق عند إحضاره يوم (النصة ) – فقد صار الأردنيون منذ عشرات السنين يعرفون ماذا في جعبة أي حكومة تأتي إلى سدة الرابع من كلام ووعود وحبر على ورق .

سيدي الكريم وأفكاري هذه أزعم أنها من (صندوق الدنيا ) الذي -لا شك – أن معاليك ممن عرفوا وتعلموا من هذا الصندوق أيضا وأكتسبوا منه أكثر مما إكتسبت أنا من معرفة وخبرة وأول فكرة كما قلت (وعلى طاري ) المؤثرين فإنني أعتقد بأن تصنيف الوزارات والوزراء والمسؤولين بين مؤثرين وغير مؤثرين أوجب وأجدى من البحث عن مؤثرين في (السوشال ميديا ) ليكونوا عونا للمسؤول لتنفيذ خطط الحكومة أو خطط المسؤولين وأفكارهم (الجهنمية ) لتسويق الأردن سياحيا وإستثماريا , فواقع الحال يثبت أن هناك ووزراء مؤثرين في الحالة الأردنية بما يناط بهم من مسؤوليات وبقدر ما هم عليه من كفاءة وأداء عالي – ولا أجاملك فأنت منهم – وهناك مسؤولين ووزراء لا نلمس لهم ولوزاراتهم أي تأثير إلا بتغيير الإسم في ذيول الكتب والقرارات التي يوقعون عليها فقط .

ومن جانب آخر وبناء على ما سبق -ولأن معاليك من الوزراء المؤثرين وهذه ليست مجاملة -فحقيبة الداخلية التي توليتموها -بلا شك – هي الوزارة والمؤسسة التي تتحمل المسؤوليات الأكثر تأثيرا على كل شاردة وواردة في شؤون الدولة بعناصرها مجتمعة من أرض وشعب وسلطة , فالأمن الداخلي والسلم الأهلي الذي هو أرضية كل أنواع الأمن الأخرى من أمن سياسي وأمن إقتصادي وإجتماعي يجعل مهمتكم هي الأهم والأسمى لأن المطلوب هو تحقيق مفهوم الأمن الشامل .

ولتحقيق وترجمة مفهوم الأمن الشامل لا مناص من وجود الفهم الصحيح والتطبيق السليم والملتزم لمفهوم ومبدأ سيادة القانون – والذي ينادي به جلالة الملك المعظم حفظه الله – ونطالب به جميعنا كضرورة وحاجة ماسة للوصول لبر الأمان , ومفهوم سيادة القانون يبدأ بالتفريق بين مبدأ (إحترام القانون ) ومبدأ ( الإنصياع لقوة القانون ) فهناك فرق شاسع إذا فصلنا المبدأ الأول (الإحترام ) عن الثاني (الإنصياع ) وينهدم المفهوم بالفصل بين هذين المبدأين أو العنصرين اللذان يقوم عليهما مفهوم سيادة القانون وفي تحقيق المبدأ الأول (إحترام القانون ) يتحقق الثاني (الإنصياع ) دون حاجة لبذل الجهود المضنية والكلف العالية لفرض قوة القانون لأن الحاجة للقوة وإجبار الناس على الإنصياع للقانون تصبح فقط في مواجهة ظروف محددة في أوقات ومناطق محددة مثل (مكافحة الجريمة بكل أشكالها المنظمة أو الفردية ) ولا تعود هناك حاجة لفرض قوة القانون على سلوكيات المجتمع بأسره في كل صغيرة وكبيرة , والعكس صحيح حيث إذا لم يوجد ولم يتحقق (إحترام القانون ) لدى الكافة فلن تفلح كل انواع القوة وكل الأجهزة في فرض قوة القانون بالدرجة الكافية وسيصبح التمرد على القانون ظاهرة سلبية منشرة تضع السلطة دائما في صراع مع المجتمع بأسره بدل أن تكون العلاقة تشاركية .

ومما يبنى على ما سبق ويتفرع منه أيضا هو الحاجة إلى الفهم و الإعتراف والإقرار بأن مسألة الإحترام للقانون هي مسألة (ثقافة مجتمع بأسره ) فيجب أن تكون الثقافة العامة للمجتمع هي (إحترام القانون ) لا مجرد الخوف من قوة القانون وحتى توجد هذه الثقافة وتعمم وتترسخ في المجتمع فإن هذا يجعل جوهر المهمة والعصب الرئيس للمسؤوليات المناطة بوزارة الداخلية هو إمتلاك الأدوات وإتباع الآليات التي تغير وتطور ثقافة المجتمع من مجتمع ما قبل الدولة الذي لا يعترف إلا بقانون القوة واليد الحديدية و/أو القوة الصلبة فلا يحترم إلا ما ومن يجبر المجتمع جماعات وأفراد على الإنصياع، إلى مجتمع الدولة الذي يشعر فيه كل مواطن بأن القانون وجد لينظم حياته من جهة وليحمي حقوقه وأن نقض أي مواطن لمبدأ إحترام القانون والتمرد عليه هو في الحقيقة والواقع نقض وتمرد على النفس فإذا وصل الفرد لهذه القناعة تشكلت الجماعات وتكونت الفئات على نفس هذا المبدأ فأصبحت ثقافة المجتمع هي ثقافة إحترام القانون لا ثقافة الخوف والإنصياع والرضوخ فقط .

ولن أحتاج لإيراد أمثلة أو تطبيقات عملية كثيرة كبراهين على وجاهة الفكرة وتوضيحها السابق ويكفي أن أشير للمثال الواضح والقريب عمليا وزمنيا والذي واجهته الدولة والداخلية على وجه التحديد وهو موضوع (تطبيقات قواعد العرف العشائري ) وعلى رأسها (الجلوة العشائرية ) , فهذا موضوع كان مؤرقا وما زال للتعقيدات والتشعبات التي جعلت منه يشكل (أزمة أمنية ) متكررة الحدوث وربما -بسبب ما طرأ من متغيرات على الحياة البشرية – أصبح هذا الأمر كارثيا ويرتب آثارا سلبية لا حصر لها تكلف الدولة ما لا تطيق–وأقول أي دولة مهما بلغت قوتها – والمعضلة تنحصر وتتجلى في (ثقافة المجتمع المستندة لما ترسخ عند الأفراد ) فحتى المواطن الأردني الذي حاز على درجة بروفيسور في الفيزياء وتحصل على وظيفة في وكالة ناسا للأبحاث الفضائية إذا كان في زيارة للأردن وحصل معه أي حادثة فهو يلجأ على الفور لإستحضار ما رسخ في ذهنه وما عرفه عن قواعد العرف العشائري فيتمسك بها بغض النظر عن كل المتغيرات والمعطيات على أرض الواقع -وللأسف الشديد – هو ذاته الشخص الذي في الولايات المتحدة حيث يقيم – لا يعترف إلا بالقوانين المدنية في ذلك البلد ويحترمها ويتقمص ثقافة ذلك المجتمع أو يتشربها فلا يحتكم إلى غير ما يقتضيه القانون فيقوم بالواجبات أولا ثم لا يطالب بالحقوق إلا من خلال قنوات القانون .

الأمثلة متنوعة والحالات لا تعد ولا تحصى وكلها تلخص المسألة بأنها مسألة ثقافة ولهذا قلت جوهر مهمة وزارة الداخلية تنصب على تغيير ثقافة المجتمع لتحقيق الأمن الشامل ولتستطيع ذلك فالأوجب أن تمتلك وزارة الداخلية القوة الناعمة وتضاف لأدواتها وتوضع تحت تصرفها وأدواتها التعليمية والتثقيفية قبل أن تمتلك أدوات القوة الصلبة من أجهزة كوادر وأدوات تطبيق القانون (القوة المسلحة الجبرية والسجون ) وبالتعريج على مصطلخ (السجون ) فهاهي السجون في الأردن مكتظة وطاقتها الإستيعابية لم تعد تحتمل بل هي فوق الحد بمضاعفات الأعداد ربما لثلاثة أو خمسة أضعاف وذلك برغم قوة وكفاءة وزارة الداخلية والأجهزة التابعة لها وكل الأجهزة الأمنية التابعة والأجهزة القضائية الشريكة لتحقيق الهدف .

وكما بأت حديثي (على طاري ) الإصلاحات الشاملة فإن أهم خطوة جوهرية للإصلاح بإتجاه تحقيق الأمن الشامل تقتضي تغيير الجلد والذهنية تماما لوزارة الداخلية فتغيير( العقل البليد) هدف أسمى من إجباره على الإنصياع (بيد من حديد ) لتصبح المتدخلة بمناهج التعليم في إبتداء من الروضة وحتى مرحلة الدكتوراه ومتدخلة في السياسة الإعلامية من (إعلان وترويج قطعة البسكويت لمصنع ) إلى الدراما وإلى برنامج ستون دقيقة والثامنة وكل الأداء الإعلامي الرسمي والخاص وكذلك -ولو يؤخذ برأيي ) فدمج وزارة الثقافة مع وزارة الداخلية له أولوية وأهمية أكثر من دمج أجهزة الأمن العام والدفاع المدني وحتى تحقق وزارة الداخلية أهدافها وتقوم بالدور المناط بها على أكمل وجه وهو تحقيق الأمن السياسي والإقتصادي والإجتماعي ثم الأمني للمجتمع من خلال الإنتقال بالمجتمع وبالتدريج المتسارع إلى ترسخ ثقافة (إحترام القانون ) وإمتشاق الداخلية للأدوات الثقافية والتعليمية السابق ذكرها هو السلاح الفعال لضرب معاقل الجهل التي تخلق وتصنع كل ظاهرة عامة سلبية وبهذا فالضرب بيد من حديد يكون على العقول البليدة بالسلاح الثقافي الأنجع .

وفي النهاية معاليك ما أوردت هي أفكار مطروحة للنقاش ولكنها بأداة النقاش الجدي لا تصلح إلا إذا تبلورت وتحولت إلى خطط عملية وإلى برنامج متكامل يوضع موضع التنفيذ الفعلي وليس مجرد النشر خطة وبرنامج يبقيان حبرا على ورق فقد أتخمت أدراج المكاتب بأطنان الورق الممتليء بالخطط والبرامج التي تنشر في الإعلام ثم بعد تتحول إلى أرشيف ثم تتلقمه (فرامات الورق ) بعد أن تهدأ موجات المطالبات الشعبية بالعدالة والتنمية ومكافحة آفات المجتمع .

وإذ أحييكم سيدي الكريم على ما قدمت إبان توليك لمنصبك من حسن الأداء وصدق الإنتماء فإنني أختم مقالتي هذه بالدعاء لكم بالسداد والرشاد وطول العمر والصحة والعافية وحمى الله الأردن وقيادته وشعبه وأشهد الله أنه جل في علاه ووطني من وراء القصد .

المواطن : رايق عياد المجالي /ابو عناد .

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com