فيلادلفيا نيوز
اتحفنا الدكتور خلف الهميسات رئيس ديوان الخدمة المدنية بصوته المبحوح بانه تم زيادة رواتب الفئة العليا كإجراء اصلاحي لتحقيق العدالة بتعديل المادة 19 من نظام الفئة العليا للامناء العامين والمحافظين والمدراء العامين الخاضعين للتقاعد المدني. واضاف بان زيادة رواتبهم بحوالي 200 دينار شهري على الراتب الاساسي سيحقق وفرا ماليا على خزينة الدولة.
هذا نقوط قبل رمضان لانهم بحاجة الى هذه الزيادة. يبدو ان الهميسات الذي امضى جزأ من حياته الوظيفية بين علية القوم (الاعيان)، لا يستطيع ان يرى فئه متدنية الراتب سوى الفئة العيا، فهو لا يرى حقيقة ما دون ذلك.
والطريف ان هذه الفئة من الامناء العامين للحكومة الاردنية يتوزعون علميا كما يلي: (15 بكالوريوس + 4 ماجستير + 5 دكتوراه) هل هذه التشكيلة صحية للحكومة الاردنية؟… الحكم لكم !!!
قلائل من نواب الشعب تفاعل مع هذا الخبر مشكورين، قال احدهما “ما هكذا تورد الابل… وعند فض الدورة العادية!..” ودعا الى رفع رواتب الموظفين والمتقاعدين الذين يصبرون على الجمر شعورا منهم بوضع دولتنا الاقتصادي. وبين النائب الاخر ان هذا القرار يتناقض مع قرار ترشيد الانفاق العام وسيكلف الحكومة اكثر من 30 الف دينار شهريا. ونائب ثالث تحدث عن رفع قيمة الراتب التقاعدي (ليس الراتب الحالي) لامين عام وزارة المالية من 1500 الى 2500 دينار. غريب امر هذه الحكومة يحللون ما يرون انه يخدمهم ويحرمون ما غير ذلك ويتذرعون بالأوضاع الاقتصادية الصعبة.
فلو نظرنا الى الفئات الدنيا، بدأَ من الدرجة الخاصة فما دون، وبالرجوع إلى أحكام المادة (19) من قانون التقاعد المدني فانه يوجد اختلاف في مقام معادلة احتساب الراتب التقاعدي بالقسمة على (360) يوماً وهذا سبب رئيسي في خلق التشوهات بالرواتب التقاعدية بالمقارنة مع العاملين بقانون الضمان الاجتماعي، فهذا الذي يجب تعديله. بالإضافة الى حرمان الموظف المتقاعد من العلاوات التي سبق وان كان يتقاضاها أثناء العمل مثل علاوة الفنية وعلاوة المؤسسة والإدارة …الخ.
فنظام الخدمة المدنية الحالي والذي يعتبر من أسوأ التشريعات الناظمة للوظيفة العامة وخاصة ما يتضمنه من ترقيعات لا تفي بالغرض. فان العدالة تقتضي ان يتقاضى الموظف المحال على التقاعد راتبا تقاعديا مقبولا ليعيش باقي حياته بكرامة.
فلو نظرنا بتمعن في انظمة التقاعد في اوروبا مثلا والتي بدأتها المانيا عام 1889. فان منظمة العمل الدولية استرشدت بهذه الانظمة التقاعدية، وذكرت تقارير المنظمة بان سياسات التقشف المعتمدة في اوروبا منذ عام 2010 اسفرت عن اصلاحات في التقاعد من خلال رفع سن التقاعد. فرفعت كل من المانيا وايطاليا وسويسرا سن التقاعد الى 67 سنة، اما بريطانيا والنمسا الى 65 سنة ودول اوروبا الشرقية رفعته ما بين 62-64سنة.
ترافق ذلك بان بعض هذه الدول تحاول إيجاد شراكة مجتمعية مع شركات متنوعة في السوق المحلي تشمل شركات طيران، وكالات سيارات، فنادق، شركات تأمين، مكاتب سفر وسياحة، مطاعم ومقاهي، هدفها تخفيف العبئ المعيشي عن المتقاعدين. حيث نتج عن ذلك توفير مجموعة من التخفيضات تتراوح نسبتها ما بين (5- 50 %) وذلك من اجل تلبية احتياجات هؤلاء المتقاعدين.
اختم بالقول انصفوا هؤلاء المتقاعدين وانصفوا الموظفين من اجل الارتقاء بالوظيفة العامة.
ألا يجب أن تقوم الحكومة بإعطاء كل ذي حق حقه دون أن تجبره على الاعتصام والإضراب والتظاهـر ؟
أم أنّ الحكومة تعتبر المتقاعد المدني لا يستحق تعديل وضعه وهو في طريقة الى الموت. والغريب ان أي تعديلات على قانون التقاعد المدني تأخذ بعين بالاعتبار فقط من هم على راس عملهم، وسينطبق عليهم التعديل عندما يتقاعدون، وبدون النظر لمن تقاعد قبل هذه التعديلات. هذه الترقيعات لن تجدها في أي دولة في العالم سوى الدولة الاردنية!!!
أناشد المتقاعدين بان يجتهدوا ليصل صوتهم وبقوة للمسؤولين، السكوت امام هذه الحكومات لن تعيرك اهتمامها، ولا ينظر لمنجزاتك التي حققتها اثناء قيامك بعملك. لا جدوى من السكوت.. المتقاعدون اليوم فئتان.. فئة غاضبة لان الراتب التقاعدي.. لا يغني من جوع.. وفئة يعتقدون بان الحكومة لا زالت تدرس هيكلة التقاعد لتقدم قانون عصري ومتطور، وهؤلاء ينطبق عليهم قول الشاعر “اردت العيش كما تريد نفسي … فعاشت نفسي كما يريد زماني”.
د. ماجد فندي الزعبي / مستشار في الزراعة والبيئة