فيلادلفيا نيوز نجعل الخبر مبتدأ
فيلادلفيا نيوز
أعتقد أن سوء فهم قد إنتشر في قصة الإنتحار إما عند النواب وإما عند الناس :
إتجهت معظم التشريعات الجزائية إلى عدم تجريم الإنتحار حيث تتحد في هذه الحالة صفة الجاني مع صفة المجني عليه ولكون التجريم أيضا يستوجب وجود أركان الجريمة أهمها الركن المعنوي الذي تتألف عناصره من العلم والإرادة بحيث يعلم الجاني ويدرك نتيجة الفعل ثم تتجه الإرادة الغير مشوبة بعيب من عيوب الإرادة إلى ارتكاب الفعل وفي حالة الشخص الذي يقدم على الإنتحار لأي سبب فإن المعروف علميا وطبيا بأن الإنسان لا يصل إلى هذه المرحلة وهذا القرار بأن يزهق روحه بنفسه إلا إذا كانت الحالة النفسية غير سوية مما يعني أن الركن المعنوي هنا ركن ساقط لوجود عيب جسيم في علم وإرادة الشخص.
ووصول الإنسان للحالة النفسية التي تجعله يتصرف على نحو يؤذي به نفسه و/أو يقدم على إزهاق روحه بنفسه يعني أن الشخص قد هانت عليه عليه نفسه فحكم عليها بالإعدام ولا علاقة هنا لتحقق النتيجة من الفعل من عدمه لهذا فمعاقبة من فشل في إزهاق روحه بنفسه كمعاقبة من نجح في ذلك أي كمعاقبة من مات.
ومن جهة أخرى فلكون صفة الجاني اتحدت مع صفة المجني عليه هنا فليس متصورا أن ينكر الشخص قيامه بالفعل وإتجاه ارادته لتحقيق النتيجة وفي ذات الوقت هل يسأل الجاني عن كونه مذنب أم لا ولا يسأل المجني عليه هل يشتكي ام لا على الجاني الذي هو نفسه في حالة المقدم على الإنتحار…؟؟؟
بالنتيجة فإين الردع في معاقبة إنسان طلب الموت بالحبس أو الغرامة أو كلاهما أو بعقوبة دون الموت الذي طلبه وهو أشد عقوبة تفرض على إنسان في حال ادانته بجرم يقتضي هذه العقوبة…؟؟؟
إلا أن التحريض أو المساعدة على الإنتحار جرم معاقب عليه لأنها أفعال تؤدي نتيجتها لإزهاق روح إنسان آخر ولا ينطبق على حالة الشخص النفسية أو على الركن المعنوي ما ينطبق على الذي يقدم بنفسه على الإنتحار…!
وفي النهاية أرجو أن يكون ما تم الحديث عنه عن إقرار عقوبة لمن يقدم على الإنتحار ما هو إلا فهم خاطيء أو خلط بين من يحاول الإنتحار وبين من يحرضه أو يساعد على الإنتحار وأنا شخصيا أعتقد أن الأمر كذلك وأن ما تم تسريبه قد أسقط معاقبة المحرض الذي يوجب القانون معاقبته لتحقيق الردع والغرض من التشريع على من يحاول الإنتحار.
أبو عناد.
