فيلادلفيا نيوز
عمان – ياسر العبادي
أدرجت منظمة اليونسكو فن السامر الأردني كتقليد فني شعبي على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، خلال الاجتماع السنوي للجنة صون التراث الثقافي غير المادي المنعقد في مركز سوامي فيفينكاناندا الدولي للمؤتمرات – جمهورية موريشيوس، وتضم القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية 399 عنصراً، وتصبو هذه القائمة إلى إبراز التقاليد والمعارف والمهارات التي تنقلها المجتمعات المحلية، لكن دون منح هذه المجتمعات أي معايير امتياز أو احتكار للعناصر المدرجة في القائمة، ويتمثل الهدف الرئيسي من هذه القائمة تعزيز الجهود الرامية لصون التقاليد وأشكال التعبير الحيّة التي يجري تناقلها من جيل إلى آخر، بما في ذلك التقاليد الشفهية وفنون الأداء الاستعراضية والممارسات الاجتماعية والطقوس والفعاليات الاحتفالية والمهرجانات والمعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون من حولنا والمعارف والمهارات اللازمة لإنتاج الحرف اليدوية التقليدية.
وكانت الأردن قد تقدمت بأدراج فن “السامر” الأردني ضمن القائمة التي عرضت خلال هذا الاجتماع، والتي ضمت 40 فنّا شعبيا من جميع مناطق العالم، كان “السامر” أحد هذه الفنون وتم قبوله ضمن القائمة.
وزير الثقافة وزير الشباب د. محمد أبو رمان أكد على أهمية إن يكون هذا الفن الشعبي ضمن هذه القائمة، وهذا يؤكد عراقة هذا الفن والتصاقه بالتراث الأردني العريق، وأضاف أبو رمان: يسرّني أن أبارك لزملائي في وزارة الثقافة، ولبلدنا الحبيب هذا الإنجاز المهم في الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية، والتراث الحضاري الأردني، في جانب التراث الثقافي غير المادي، فالسامر يعد من الفنون الشعبية الأردنية المهمّة التي تؤدى في الأفراح، ولها مواصفاتها الخاصة التي تميزها عن غيرها، وما تشتمل عليه من دروس تتجاوز مجرّد الرقص والغناء، ففي الغناء الذي يؤدى في هذا الفن الكثير من الدروس والعبر التي توثق أواصر القربى، وترسخ القيم النبيلة التي يتمتع بها مجتمعنا الأردني، وهو ممتد في المملكة ويمارس في الأفراح كما هو معروف.
وأشار أبو رمان إن تسجيل هذا الفن على قائمة التراث الثقافي العالمي خطوة ايجابية جدا ومشجعة لأن تتقدم وزارة الثقافة بملفات أخرى من الفنون الشعبية، ومن التراث الثقافي غير المادي الأردني، كما تشجّعنا على العمل على صون التراث المهدد، وتعميق تعلق الشباب والأجيال الجديدة بهذا التراث لما يشكله من أهمية في تكوين الهوية الوطنية الأردنية، وتناقل الموروث عبر الأجيال.
ومن جانبه قال مستشار الوزير لشؤون التراث د.حكمت النوايسة: لقد كانت الفرحة عارمة في هذا الخبر، وكنا نتابع المؤتمر مع زملائنا في مديرية التراث، والتواصل مع الأستاذ الدكتور هاني هياجنة الذي يمثل الأردن في اليونيسكو، والفرحة عارمة بالخبر لأنها تعني أن العمل لم يذهب هباء، وأننا قدّمنا لبلدنا شيئا مهمّا، كما أنّ الخطوة الأولى عادة تكون مفتاحا لخطوات أخرى إن شاء الله، ويسرّني أن أشكر في هذا المجال كل من أسهم في هذا الإنجاز سواء أكان في مديرية التراث، الزميلة المديرة، والزميلات فيها، أم كان ممن شاركوا في إعداد الملف من الفرق التي شاركت، والمجتمع المحلّي الذي قدم لنا كل التسهيلات والخبراء والباحثين الذين قدموا العون والمساعدة، والمصوّرين، والزملاء في الوزارة الذين أسهموا كل بتخصصه في هذا المجال، والأمنيات كلّها أن ننجح في الملفات الأخرى التي نعمل عليها حاليا، هيئا لنا، وهيئا لبلدنا الحبيب وشعبنا الأصيل، ويشار إلى أن مندوب الأردن ا.د. هاني هياجنة ، كان على تواصل مستمر مع وزارة الثقافة حتى إعلان النتائج.
وقالت حنان دغمش مديرة التراث في الوزارة: قامت المديرية بإعداد ملف متكامل منذ عام 2016، يتضمن وصف العنصر ومكان تواجده والممارسين له وتدابير صونه، وبجهود مشتركة مع هيئات ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بممارسة هذا العنصر وإدامته والمحافظة عليه، فيما تولت الوزارة تقديم الدعم اللوجستي والمادي وبالتعاون مع الوزارات والمؤسسات والهيئات المعنية في هذا الإطاروجاء إدراج السامر الأردني على هذه القائمة العالمية بعد التصويت عليه يومي الأربعاء والخميس الموافق ل 28-29-2018، في جمهورية موريشيوس.
وبحسب مصطفى الخشمان الخبير في التراث فإن السامر هو عبارة عن رقصة وغناء فلكلوري يقام في حفل فرح، فهو تعبير عن فرحة الأهل بزواج أحد أبنائهم أو بشفاء مريضهم أو لعودة غائبهم، والطهور قديماً والمناسبات الوطنية والسامر يقام عند أهل العريس وليس عند أهل العروس، قبل الاحتفال بيوم أو أكثر يعلن أهل الفرح عن نيتهم في إقامة حفل السامر لليلة واحدة أو أكثر وقد تمتد لأسبوع، فيقومون بتحضير الحطب لإشعال النيران ليلة الحفل وعمل القهوة السادة والشاي طيلة ليالي الفرح، وفي الليلة المحددة وبعد الغروب بقليل يقوم صاحب الفرح بالطلب من عدد من الشباب الموجودين في بيت الفرح لبدء عملية السامر، إيذاناً بإعلان الفرح، لقد زين بيت الفرح ورفعت الرايات فوقه وهي قطع قماش ملونة وربما تتوسطها راية بيضاء وأمام البيت موقد النار تعد عنده القهوة والشاي، إذ يصطف عدد من المتواجدين ويبدأون بالتصفيق ثم يغني أحدهم ويرد عليه آخر أو يقوم اثنان بالغناء والرد وقد ترد المجموعة، أما المغني فيسمى البداع والغناء بدعاً أو بديعاً.
ثم يتوقف الغناء وتبدأ فجأة الرزعة وهي تشمل التصفيق الحاد مع النزول للأسفل والارتفاع للأعلى مع صوت كالفحيح دحي دححيي – حي حي – والحاشي تسير أمامهم بخطوات سريعة وعلى نفس الإيقاع وبعد عدة ثوانٍ ينزل السامرون على شكل قرفصاء ويزيدون من حكة التصفيق وصوت الفحيح وتسمى هذه المرحلة بالسحجة إذ يقتربون من الحاشي فتردهم بالعصا والسيف وتستمر عملية كروفر مع الحاشي حتى تتصبب جباههم عرقاً ويشعرون بالتعب فيقوم أحدهم بمديده نحو الحاشي لتقوم بالانصراف أو أن السامر يقترب من الحاشي وتبدأ في الرجوع للخلف حتى تقترب من باب بيت الشعر فيتوقف السامر حين تدخل الحاشي بيت الشعر معلنة انتهاء الرقصة، ولا بد من أخذ قسط للراحة وشرب الشاي ثم العودة من جديد للسامر وقد يشارك به هذه المرة بعض الذين لم يشاركوا في الرقصة الأولى.