فيلادلفيا نيوز
بشير حسن
الإبداع لا يتوقف عند الفكرة، لكنه يمتد إلى شرحها وتطويرها وتنفيذها، ثم الخروج بنتائج يتم الاستفادة منها، وقد يكون إبداع الشخص فى فكرة يطرحها، ثم يأتى مبدع آخر ليطورها، ثم تجد من ينفذها ويصل إلى نتائج، ثم يأتى من يطبق هذه النتائج على أرض الواقع، وبذلك تكتمل العملية الإبداعية التى تعتمد عادة على مجهود جماعى حتى تؤتى ثمارها، هذا النوع من العمل (الورشة) قلما نجده فى مصر، فما زالت الأنانية تطغى على ثقافة العمل الجماعي، حتى أصبح للنجاح ألف أب، وللفشل أب واحد، وهذا عكس كل ما يحدث فى الدول المتقدمة.
مؤخرًا.. لمسنا ثقافة العمل الجماعى فى منتدى شباب العالم الذى نظمته مصر فى نوفمبر الماضي، كان الإبداع فى الفكرة، وفى تنفيذها، ثم فى النتائج التى انتهت الفعاليات إليها، كنا أمام حالة إبداعية حرضتنا على الكتابة عنها أكثر من مرة، ولأن العمل الجماعى قادر على خلق أفكار جديدة من النتائج.. ها هى ورشة عمل المنتدى تطلق فكرة أخرى ابتكرتها من إحدى التوصيات (نموذج لمحاكاة الاتحاد الأفريقي) الذى تناثرت أخباره على استحياء فى بعض الصحف، ومن شعار (نحن بحاجة للتحدث) الذى رفعه المنتدى.. إلى شعار (لا اختلاف بيننا.. فأفريقيا بيتنا) الذى يرفعه نموذج المحاكاة، وهو شعار يؤكد أن الهم الأفريقى واحد، وأن التحديات المقبلة تفرض إعادة اللحمة إلى أبناء القارة السمراء.
اللقاءات المتكررة بين شباب أفريقيا والتى صاغتها مجموعة عمل منتدى شباب العالم فى توصية أمر الرئيس السيسى بتنفيذها لم تأت من فراغ، فما زالت كلمات الشاب الغينى عبدالله جمال كامار الذى شارك فى المنتدى عالقة بالأذهان، عندما شكر الرئيس وطالب بلقاءات دورية بين شباب أفريقيا للتحاور والنقاش، ولم يكن مطلب الشاب النيجيرى بتنظيم المنتدى كل ثلاثة شهور إلا رغبة فى توحيد الجهود الأفريقية من خلال رؤية مستقبلية يساهم فى وضعها الشباب، أما مشاركة رؤساء الصومال وتشاد وموريتانيا وأوغندا وتشاد فى منتدى شرم الشيخ فنتمنى أن تكون حافزًا لمشاركة كل رؤساء أفريقيا فى نموذج المحاكاة، خاصة أن قمة أفريقية تنتظرها مصر العام المقبل، وربما تجد توصيات نموذج المحاكاة مكانًا لها فى القمة، وهذا ما لوح به الفريق القائم عن التنظيم، وهو ما يؤكد أنه يعمل وفقًا لخطة مدروسة بعناية، تنقله من استثمار نتائج فكرة إلى فكرة أخرى، وتلك أساسيات العملية الإبداعية.
سلاح مصر من القوى الناعمة الذى استخدمته طوال العقود الماضية لتتواجد فى أفريقيا.. لم يعد متمثلًا فى الإعلام الذى يوجه بوصلته إلى الداخل فقط، ولا فى السينما المتدنى وضعها، ولا فى الأغنية التى أساءت للنيل بعد أن كانت تغنى له، سلاح مصر من القوى الناعمة أصبح مقصورًا على فكرة، تنتجها ورشة عمل، ثم تبدأ فى تسويقها لتكون مدخلنا إلى دول الجوار بعد أن أخرجنا جهلنا منها، خرجنا من أفريقيا ليدخل آخرون كنا لهم مرجعية، واليوم أصبحوا لنا وسطاء.