الخميس , نوفمبر 21 2024 | 12:11 م
الرئيسية / مقالات الكاتب بشير حسن / موسم ابتزاز المصريين

موسم ابتزاز المصريين

فيلادلفيا نيوز

بشير حسن

فتاة صغيرة من صعيد مصر، تتسلم كرتونة رمضان من إحدى الجمعيات، ثم تختبئ فى ركن بعيد خوفًا من تصويرها، يلاحقها حامل الكاميرا فتعطيه ظهرها، ثم ينتظر لحظة استدارتها ليحصل على لقطته، تضطر الفتاة إلى وضع يدها على وجهها حتى تخفى معالمها، وباليد الأخرى تمسك بالكرتونة التى وضعتها على رأسها. صراع استمر لحظات، لكن ما يحمله من معانٍ يستوقفنا ساعات، فما بين العوز والتصوير الذى يتنافى مع تقاليد هذا المجتمع المغلق.. كانت حيرة الفتاة، وما بين تمسكه بالتصوير حتى لا يعاقب وتعاطفه مع الفتاة.. كانت حيرة المصور، وما بين حيرة الاثنين (الفتاة والمصور) كانت وقفتنا التى نطالب من خلالها القائمين على الجمعيات الخيرية بالتوقف عن ممارسة عادة التصوير أثناء تسليم المواطنين التبرعات، خاصة أن توزيع التبرعات امتد إلى الطبقة المتوسطة بعد تآكلها نتيجة الإصلاحات الاقتصادية.
الدور الذى تلعبه المؤسسات الخيرية تجاه المواطن لا يمكن أن يكون بديلًا لدور الدولة، لكن فى الوقت نفسه لا يستطيع أحد أن ينكره، وهذا معمول به فى كل دول العالم، وإذا كانت بعض المؤسسات قد فقدت مصداقيتها لأنها لا تعمل إلا فى الحيز المطلوب منها وفقًا لتعليمات الدول التى تمولها.. فهناك مؤسسات قررت التجارة مع الله فى الوطن، لا التجارة بالوطن مع المتربصين به.
وإذا كانت بعض المؤسسات تستحق منحها الثقة للدور الذى تقدمه فى تحقيق بعض من العدالة الاجتماعية، فهناك مؤسسات أخرى تختبئ خلف ستار الأعمال الخيرية، لكن ما تقدمه لا يستوى وحجم التبرعات التى تجمعها، وتظل الصورة بالنسبة لها «البطل» الذى تعول عليه لابتزار المصريين، ومع احترامنا للدور الذى يقدمه مستشفى سرطان الأطفال (57357) إلا أن هناك مستشفيات أخرى للأورام تستحق التبرعات، لكنها لا تمتلك الميزانية الضخمة التى يخصصها مستشفى سرطان الأطفال لحملاته الإعلانية، مستشفى أورام طنطا فى حاجة إلى تبرعات، ومعهد الأورام الذى يأتيه المرضى من كل أقاليم مصر ليفترشوا أرصفته لحين توفير العلاج لهم، ومستشفى أورام الزقازيق الذى بدأ بناؤه منذ سنوات ولم ير النور بعد، ومستشفيات أبوالريش وجامعة المنصورة التى تفتح أبوابها لمرضى أورام الكبد والكلى من جميع ربوع مصر، كل هذه المستشفيات فى حاجة إلى تبرعات، لكنها لا تمتلك ميزانية الدعاية ولا حرفيتها.
لذلك لا بد من عدالة فى توزيع التبرعات حتى نضع نهاية لهذه الفوضى، وتتوقف التجارة بأوجاع البسطاء وفى مقدمتهم الأطفال، ولن تتحقق عدالة التبرعات إلا بالاحتكام لصندوق (تحيا مصر) لأنه الجهة الوحيدة الموثوق فيها، ويقوم عليها شخصيات معروفة مرجعيتهم رئيس الجمهورية، وعلى من يرغب فى التبرع أن يتوجه لصندوق «تحيا مصر»، ويضع تبرعه تحت بند مرضى الأورام، أو الكبد والكلى، أو لمستشفيات أطفال أبوالريش، أو لعلاج الإدمان، أو حتى لمستشفى الأمراض العقلية، ويقوم المسئولون فى الصندوق بعد ذلك بتوزيع التبرعات وفقًا لرغبات المتبرعين، هذا هو السبيل الوحيد للقضاء على فوضى التبرعات التى تحولت إلى «بيزنس» يستفيد منه الفهلوية.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com