فيلادلفيا نيوز
بشير حسن
لا أعرف سببًا لهذه الضجة التي أعقبت تصريحات عماد أديب الخاصة بالمصالحة بين الدولة والمتعاطفين مع الإخوان، فما دعا إليه الرجل موجود بالفعل، وليس أدل على ذلك من عماد أديب نفسه، فالرجل أعطى صوته لمرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي، وجاهر بذلك على الهواء، وأثنى على الجماعة ورحب بها، وتعامل معها بهدوئه المعتاد الذي اقترب من (الطبطبة) وأشاد بإنجازاتها في العام الذي حكمت فيه مصر، ألم يكن كل هذا تعاطفًا منه مع الإخوان؟
ومع ذلك لم تقصه الدولة ولم تنل منه، بل لمسنا تكريمًا له عندما فوجئنا به بيننا يصول ويجول على الشاشات، حتى أسباب خروجه من مصر بسبب ديونه المتراكمة على الأهرام لم تعد مطروحة بعد عودته، ليس لسداده للديون، ولكن لأسباب نتمنى أن نعلمها.
ربما كان أديب محظوظًا عن غيره من الصحفيين، فما تمتع به في عصر مبارك من مميزات جعلته في صدارة المشهد الإعلامي وجعلت مبارك يخصه بحوارات مختلفة شكلًا ومضمونًا.. تمتع أديب بنفس المميزات في عصر الإخوان، ولم يقل أحد أنه كان الأقرب لمبارك، أو أنه رحب بفكرة التوريث ودفع جمال مبارك إليها دفعًا، ومؤخرًا.. تحول عماد أديب إلى جوكر، ينتقل برشاقة من قناة إلى أخرى، ليتمتع بنفس المميزات، ولم يقل أحد إنه كان متعاطفًا مع الإخوان.
قدرات هائلة يتمتع بها عماد أديب، جعلته ينتقل بإنسيابية من نظام إلى آخر ليصبح رجل كل العصور، هذه القدرات لم تتوفر في الراحل طارق حسن الذي قصف القهر قلمه، لا لشيء.. إلا لأن البعض حسبه على نظام مبارك، رغم أنه نفس النظام الذي كان أديبًا ضالعًا فيه، لملم طارق جراحه مع أوراقه وقرر الرحيل بعد معاناة لم تكن من المرض، بل تنكر وتجاهل وتربص كان سببًا في المرض، طارق كان وطنيًا وموهوبًا، لكن.. على أعتاب النفاق تقتل المواهب.
لم يكن عماد أديب متفردًا في التعاطف مع الإخوان، فهناك كثيرون مثله، ومع ذلك لم تنل منهم الدولة، ولم تكن يومًا في خصومه معهم حتى تصالحهم، عمرو الليثي أيضًا كان متعاطفًا مع الإخوان، بل إنه كان مستشارًا للدكتور محمد مرسي، وعلاقة عمرو بالإخوان كانت حافلة بالمميزات التي أفادته على كل المستويات، والرجل كان يباهي بها، وطالما تحدث عن الإخوان وكأنه واحد منهم..
ورغم ذلك لم تخاصمه الدولة حتى تصالحه، حتى استضافته لسائق (التوك توك) الذي قال في النظام الحالي ما لم يقله الإخوان أنفسهم.. لم تقصِ عمرو، ولم تضعه في خصومة مع الدولة، بل شاهدناه يحصل على مميزات أكثر، فبعد أن كان مذيعًا في قناة الحياة.. تردد أنه أصبح رئيسًا لها، ولم يقل أحدًا أنه كان مع نظام مبارك، ثم مع نظام الإخوان، ثم متعاطفًا معهم بعد رحيلهم.
ولم يكن الاثنان (عماد أديب وعمرو الليثي) المتفردين في التعاطف مع الجماعة، بل كثيرون غيرهما، سوف نفسح المجال للحديث عنهم في الأيام المقبلة لثلاثة أسباب..
الأول: الدفاع عن عماد أديب فيما طرحه عن المصالحة؛ لأن الفكرة مطروحة بالفعل وتنفذها الدولة منذ أن أمسك لواء شرطة بالميكرفون وتوسل لأنصار الإخوان في ميدان رابعة بالانصراف ووفر لهم ممرات آمنة، والثاني: تهدئة كل من ثاروا على عماد أديب بعد طرحه للفكرة ومحاولة إقناعهم بأنه لم يأت بجديد، أما السبب الثالث: فهو أنني لا أرغب في الرحيل على طريقة الزميل طارق حسن، فالرجل تألم بسبب مشاهد النفاق اليومية، وكتم مشاهداته بداخله حتى مات.
basher_hassan@hotmail.com