فيلادلفيا نيوز
تميز نظامنا السياسي، على امتداد تاريخه الطويل، بالروقان و”طولة البال” والمرونة والرحابة وعدم تداول مصطلح “الاستعداء” على مستوى الأحزاب والجماعات والجهات وحتى الأفراد، وقد شطبه من القاموس السياسي-الأمني شطبًا كليًا.
وظلت الصيغة المعتمدة هي صيغة “الاحتواء” بلا كلل ولا ملل، وهي التي تختلط آليات استخدامها أحيانًا، على محدودي النظر، فيظنون انها صيغة “الاسترضاء”.
إن إلغاء تداول آليات ومحتويات “الاستعداء”، يختلط على أولئك الذين يظنون الترفّق والسماحة ضعفًا وعجزًا، وتدفع بأصحابها إلى التطرف، وتهيىء لهم أوهامًا، تجرهم إلى الجنوح والزعيق والفغير والمغامرة.
يتميز النظام السياسي الأردني، بأنه يتقن مهارات التمييز والفصل والعزل والتنفيس والترويض والاحتواء، ولم يتوقف عن تطبيق ما نشأ عليه، وما استقرت التقاليد على تنفيذه، طيلة المئة عام الماضية التي مرت على تأسيس الدولة الأردنية.
وثمة في كل المجتمعات، والأردن من ضمنها، ميول ومصالح وطموحات وحاجات وثقافات وحسابات ومواقف، تتميز بالتنوع والتعارض والاختلاف والتعدد.
وتلك طبيعة التكوينات الأخلاقية والثقافية والسياسية، التي تفرز الألوان والظلال،
فثمة من هو موالٍ، ومن هو إصلاحي، ومن هو معارض.
وثمة من هو رافض، ومن هو غاضب، ومن هو مغامر !!
لقد ظلت المعادلة السياسية- الأمنية، هي ان لا يخلق “السستم” أعداء. فمن يفعل، عليه أن يراجع أدواته وإجراءاته !!.
وحيث ان الواحدية لله تعالى، والتعددية للبشر. فمن الاستحالة إلزام الناس بأغنية واحدة لا غير، أو بتناول صنف طعام واحد لا غير. أو الزامهم أن ينضووا في حزب سياسي واحد. (حصل عام 1972 حين تم إنشاء حزب الاتحاد الوطني العربي، حزبًا أوحد، ولم ينجح بالطبع).
الموالاة في الأساس هي موالاة للذات، الفردية والجمعية !! موالاة ضميرية نابعة من الوطنية الحقة والوعي والشرف، وأيضاً نابعة من المصلحة.
فالموالي لنظام سياسي، يفعل ذلك حرصًا على العبور بالبلاد، من حقول الألغام، وتفادي الاستهدافات المدمرة التي لا تتوقف.
ولا اقصد موالاة الفضة والدراهم، فتلك موالاة مرتزقة، تنتهي حينما يتوقف ضخ البنزين في الخزان.
وقديما قيل: “ينبح الكلب عليك، حينما تتوقف عن تلقيمه الشحم والعظم”.
* (مقالتي في الدستور يوم الإثنين).