فيلادلفيا نيوز
فهد الخيطان
هي عادة القمم العربية؛ التحضيرات والمراسم لها النصيب الأكبر من الحدث. قمة عمان “البحر الميت” قمة عادية، وقع الاختيار على الأردن لاستضافتها، بعدما تعذر عقدها في عواصم عربية غارقة بالدماء والفوضى. فالأردن ورغم وقوعه على حدود ملتهبة، هو من بين عدد قليل من البلدان العربية التي لا يتردد زعماء الدول في الحضور إليها وهم مطمئنون على سلامة العودة.
لا ننتظر من القمة صنع المعجزات، فعلى مدار دوراتها الـ27 لم تغير القمم العربية من واقعنا العربي في شيء. ومع انهيار دول عربية كبرى وعجز دول أخرى عن لعب أدوار قيادية، تهاوت مكانة القمم في نظر المواطن العربي.
كان الأردن يدرك كل تلك المعطيات عندما لجأت إليه الجامعة العربية لاستضافة القمة، والمحافظة على ديمومة انعقادها بشكل دوري. ولم يكن بوسعه أن يعتذر أو يتهرب من تحمل مسؤولياته في ظروف استثنائية تعيشها الأمة العربية.
وعلى تواضع التوقعات المأمولة من القمة العربية، يرى الأردن فيها فرصة مهمة لتسجيل وتثبيت مواقف طالما كانت عناوين أساسية للسياسة والدبلوماسية الأردنية، خصوصا في ظل التباينات العربية حيال تحديات المنطقة، واختلاف الأولويات، على حساب مصالح الأمة العليا.
عادة ما يكون للدولة المستضيفة دور أساسي في إعداد أجندة القمة، وصياغة مخرجاتها. تحتل القضية الفلسطينية سلم أولويات الأردن والقمة العربية، ولن يكون مقبولا أبدا أن تتقدم أي قضية عليها. إنها باختصار العنوان الأردني للقمة العربية، إذا صح التعبير.
والعنوان واضح بتفاصيله أيضا؛ التمسك بحل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، واعتبار المبادرة العربية المدخل لصنع السلام وفق قرارات الأمم المتحدة، ورفض أي تعديل عليها.
الأولوية الثانية، هى أزمة سورية، والتعامل معها عبر مسارين: حل سياسي للأزمة عبر آلية جنيف وقرارات مجلس الأمن، يضمن وحدة سورية أرضا وشعبا، وحل عسكري للتعامل مع الجماعات الإرهابية والقضاء عليها بشكل تام باعتبارها خطرا يهدد دول المنطقة والعالم.
وتكتسب قضية الحرب ضد الإرهاب مكانة كبيرة في التفكير الأردني، يتعين على القمة أن تتعامل معها بكل جدية، لما يمثله الإرهاب والفكر الظلامي من خطر داهم على جميع الدول العربية.
مخرجات القمة بشأن هذه القضايا وسواها من التحديات، ليست بلا معنى في هذه المرحلة التي تتصارع فيها قوى دولية وإقليمية على اقتسام النفوذ في منطقتنا.
الأردن وبوصفه رئيسا للقمة في دورتها السنوية، سيتعامل مع هذه القرارات باعتبارها، رسائل يحمل على عاتقه نقلها وتسجيلها لدى مراكز القرار العالمي كي تأخذها بعين الاعتبار وهي ترسم مشاريعها للمستقبل.
واشنطن بإدارة ترامب في طور وضع تصورات للشرق الأوسط، وروسيا بانتظار تفاهمات مع الغرب حول المنطقة. إيران وتركيا في عمق الميدان العربي. وإسرائيل حاضرة للاستثمار في الخراب العربي. ينبغي للعرب أن يقولوا كلمتهم حتى وهم في أسوأ حال.