فيلادلفيا نيوز
فهد الخيطان
على ماذا انتهى الأمر بشأن حزمة الإجراءات الاقتصادية “قرارات زيادة الضريبة ورفع الأسعار”، بعد التصويت على مشروع قانون الموازنة العامة في مجلس النواب؟
الأغلبية الساحقة من المواطنين لا يكترثون كثيرا بقانون الموازنة وبنود الإيرادات والنفقات، وسواها. يعنيهم أمر واحد؛ هل هناك زيادة على أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات العامة؟
كثيرون خرجوا بانطباع بعد التصويت على البند 116 مفاده أن مجلس النواب وافق على زيادة الإيرادات بقيمة 450 مليون دينار، وهو بذلك يوافق على حزمة الزيادات على الضرائب والخدمات.
رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، سارع إلى نفي هذه المعلومات، وأكد أن المجلس تبنى اقتراحات بديلة لحزمة الحكومة، معددا بعضها.
لكن في مداخلات النواب أنفسهم ما يشي بغير ذلك؛ فأثناء التصويت على مواد الموازنة، تدخل النائب اليساري خالد رمضان لتذكير أعضاء المجلس والحكومة بأن الموافقة على البند 116 من الموازنة يعد تجاوزا على الاتفاق البرلماني الحكومي، وموافقة على المادة كما وردت من الحكومة.
والحقيقة أن وزير المالية عمر ملحس ذكر بعضا من اقتراحات النواب البديلة في رده المطول على كلمات النواب، لكن موقف الحكومة ظل مبهما، ولم تقدم لائحة تفصيلية معدلة لمجلس النواب والرأي العام بالسلع التي سيطالها رفع ضريبة المبيعات، والخدمات المشمولة والمستثناة، استنادا إلى التفاهمات مع النواب.
لقد ذكر الوزير ملحس بالفعل المواد المستثناة من زيادة نسبة الضريبة، وهي السلع الغذائية والأدوية ومدخلات إنتاجها، وأغذية وألعاب الأطفال، ومستلزمات ذوي الاحتياجات الخاصة، ومستلزمات المدارس. لكنه، في المقابل، لم يكشف السلع التي تراجعت الحكومة عن زيادة الضرائب عليها، بعد توفير بدائل مالية.
حسب معلومات رسمية، لا تنوي الحكومة في الوقت الحالي زيادة الضريبة على البنزين، كما أعلنت من قبل. وتنوي التراجع عن مضاعفة رسوم إصدار جواز السفر. وستأخذ بأغلب توصيات “مالية النواب” وبالمقترحات البديلة؛ كفرض رسوم جمركية على المركبات غير الأردنية، ورفع رسوم تصاريح العمال الوافدين، واستيفاء دينار شهريا على كل خط هاتف خلوي، وغيرها من المقترحات.
لكن هناك نية لمراجعة تشريعات أساسية، كقانون التقاعد المدني، وقانون الضريبة بهدف تغليظ العقوبات على المتهربين، مع قناعتي أن المشكلة ليست في ضعف العقوبات، وإنما في مدى الالتزام بتطبيقها على المتهربين، والكبار منهم على وجه التحديد.
بات واضحا أن قانون الموازنة قد عبر العتبة النيابية، لكن الغموض ما يزال يحيط بالجانب الأهم للمواطنين، والخاص بحزمة الإجراءات الاقتصادية المتوقعة.
الحكومة مطالبة بالتحرك السريع لشرح موقفها، وحسم الجدل حول طبيعة هذه الإجراءات، قبل أن يستقر الانطباع بأن كل ما شهدته القبة من مناقشات وتفاهمات، هو مجرد مسرحية لتمرير قرارات رفع الأسعار.
وفي المسافة القصيرة التي يقطعها مشروع القانون من غرفة النواب إلى غرفة الأعيان لاستكمال الخطوات الدستورية، ثمة القليل من الوقت الذي يمكن استغلاله لعرض لائحة تفصيلية بالإجراءات الاقتصادية المنوي اتخاذها. أما الصمت، ومواصلة سياسة الغموض، فلن يؤديا إلا إلى زيادة الاحتقان الاجتماعي.