الخميس , أبريل 18 2024 | 7:13 م
الرئيسية / stop / عبد اللطيف العواملة: اراء متعددة و قلب واحد

عبد اللطيف العواملة: اراء متعددة و قلب واحد

فيلادلفيا نيوز

المحامي عبد اللطيف العواملة

عندما وصل المغفور له بأذن الله الملك المؤسس الى عمان قادما من معان وقف فقال: “اعلموا ان ما جاء بي الا حميتي و ما تحمله والدي من العبء الثقيل، فانا ادرك ان الواجب علي، و لو كان لي سبعون نفسا لبذلتها في سبيل الامة، و ما عددت نفسي فعلت شيئا، كونوا على ثقة باننا نبذل النفوس و الاموال في سبيل الوطن”. و قد وهب حياته – جعل الله مثواه الجنة – فداء للوطن.

تلك كلمات في الصميم تعبر عن مكنون الاشراف و الوطنية الاردنية، نستذكرها و نحن نمر اليوم بمنعطف اخر من مسيرة الوطن و ليس هو باقساها و لا باقلها صعوبة. فالوطن و قد تكالبت عليه المصالح الدولية و الاقليمية و تعرض لضغوطات متجددة، خبر مثلها الكثير على مدى ما يقارب المئة عام من تاريخه الحديث، يصمد مرة اخرى بينما يخوض عباب بحر هائج بقبطان ورث الحكمة و العزم و الانتماء من اباء و اجداد ما لانوا و لا هانوا.

الاردن ارض و شعب و تاريخ و قيادة و جغرافيا و ثقافة، و كل ذلك مما يفخر به الاردنيون على مر اجيالهم. و لكن الاردن اكثر من ذلك و خصوصاً في هذه المرحلة العصيبة اقتصادياً. للاردن رسالة قادرة على ان تقود المنطقة فقد اثبت التاريخ الحديث بالوقائع التي من حولنا ميزتها و صحتها، و استدامتها. الضمير الجمعي للشعب الاردني واضح و نقي، فهو مجبول على الحق و العدل. نبراس الاردنيين حب الخير للجميع و الرغبة في البناء و العمل. هذا ما توارثناه عن اجدادنا. هذا الوجدان الواحد هو ما يجمع الاردنيين في السراء و الضراء و هو الخميرة الوطنية التي تواصل العطاء، فهو السر و هو الكنز الاردني الحقيقي الذي نتفرد به.

نعم، يمر وطننا بمحنة اقتصادية ليست بالبسيطة يعاني بسببها الكثيرون منا، و معظمنا قابض على الجمر لا تسمع له انيناً. و هل عاش اباؤنا حياة رغيدة؟ الم يعش بين ظهرانيهم فاسدون و متملقون؟ هل كانت حياتهم ملؤها الراحة و الامان الجسدي و النفسي و الوظيفي؟ لقد كان لديهم ايمان عميق بوطنهم و ملوكهم مما حفزهم لبناء الاردن من غير الالتفات للهفوات و الزلات. كان لديهم بعد النظر و القدرة الهائلة على التضحية و العطاء في سبيل اجيال المستقبل.

لقد بنى الرعيل الاول و من تبعهم الاردن. بنوا جيشه و مؤسساته و اجهزة امنه و ديوانه الملكي و وزارتي داخليته و خارجيته و صانوا حدوده و كرامته و عزته و اصبحوا مثار احترام (و ايضا حسد) من حوله من الدول. نحن ورثة هؤلاء الرجال و لم يأت اليوم الذي نقول فيه انه لا خطوط حمراء او ان لا سقف للشعارات! بل هناك خط احمر اسمه الوطن و سقفه حكم الهاشميين. هذه ضوابط اساسية جبل عليها أباؤنا و اجدادنا، و من غيرها فلا ماض لنا و لا بوصلة للمستقبل.

عقيدة الاردن منذ بداية تكوينه مؤسسة على قوة الحق لا حق القوة فملوكه حكماء شجعان و عادلين تاريخهم ناصع و اياديهم بيضاء. مر الاردن و رجاله على مر التاريخ بمحن و مصاعب جمة هدد بعضها سيادته. و لكنه دائما بوعي شعبه و يقظة مؤسساته اقوى من ذلك بكثير. مهما كان لدينا من اراء متعددة فالقلب واحد لا يقسم و هو على الوعد و العهد.

للاردن رسالة يمكن لاقليمه الاستفادة منها، فقد اثبت نموذجنا صلابته و عمق جذوره. فالاردن كان دوماً و ما زال كبيراً، اكبر من الظروف و المؤامرات و النكسات و الجراح و العوارض. الاردن كبير بقيادته و برجاله، بمؤسساته و بجيشه و اجهزته الامنية. فبقيمه و مبادئه سيتجاوز ما يحدث داخله و من حوله و ستمضي مسيرة التنمية، فالاردن كان و سيبقى رقم صعب لا يقبل القسمة. كل الشعب الاردني طيب و مؤمن بوطنه بمن فيهم من يئن اليوم بصوت عال و غير منضبط احيانا. لا خلاف على الوطن فهو يعلو و لا يعلى عليه.

اي من بيوتنا ليس فيه او منه اسد خدم و يخدم في ساحات الوطن المتعددة لا يطلب غير الكرامة؟ الاردن بشعبه و نظامه لنا الاب و الام و الولد فالروح فداه. و ليس بالخبز يحيا الانسان.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com