الخميس , نوفمبر 21 2024 | 3:05 م
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / رايق المجالي يكتب : ملحوظة عامة ( المشاعر والرأي العام ليست قضاء ولا تعرف معنى العدالة)

رايق المجالي يكتب : ملحوظة عامة ( المشاعر والرأي العام ليست قضاء ولا تعرف معنى العدالة)

فيلادلفيا نيوز

في كل مجتمع أو تجمع بشري في الكرة الأرضية توجد (الجريمة) وهي فعل أو أفعال إنسان تشكل اعتداء على حق من حقوق الآخرين من أفراد أو جماعات أو مجتمع أو كيان كدولة أو مؤسسة أو شركة مما يحقق نتيجة ضارة بمجني عليه.

الجريمة بحد ذاتها بالتأكيد لا يختلف على استنكارها ورفضها البشر والفعل الذي يلحق الأذى بأي كائن حي وحتى الجماد مرفوض ومستنكر من كل من كان سويا في نفسه وفي عقله ،وطبعا تختلف مستويات الضرر ومدياته وكلما زاد الضرر أو كان الحق المعتدى عليه أساسيا ومهما كلما زادت بشاعة الأفعال آلتي أدت للضرر في هذا الحق.

الجرم أو الفعل المجرم الذي أتفق مجتمع ما على تجريمه ورفضه وتجريم أي فعل والمعاقبة عليه بالدرجة المناسبة من العقوبة هو أول وأوضح إعلان وإثبات على أن الفعل أو الأفعال مرفوضة ومستنكرة .

ولكن هناك فصل في كل الشرائع السماوية ثم الشرائع والقوانين الوضعية بين الفعل المجرم وبين الفاعل وأسباب ارتكابه الجرم وقيامه بالفعل وما وجد القضاء الذي يحمل ميزان العدالة إلا لضمان ثبوت الربط بين أفعال محددة وهي التي شكلت جرما وبين الإنسان الذي تسند له تهمة ارتكابه الفعل أو الأفعال وهذا مفهوم العدالة بأن ينال من ارتكب فعلا مجرما العقوبة المناسبة التي أقرها المجتمع حتى يتحقق الردع لمرتكب الجرم وكذلك الردع للكافة وللغير حتى لا يقدم إنسان آخر على ارتكاب نفس الأفعال وهذا يعرف (بالردع الخاص والردع العام) ولم توجد العدالة واداتها القضاء حتى يستنكر ويدين ويشجب هذا القضاء الأفعال آلتي رفضها المجتمع وجرمها ووضع لها العقوبات .

ويترتب على هذا الفصل بين الأفعال التي جرمت وكل فعل (الجريمة) وبين الفاعل أو الفاعلين بأن العدالة اقتضت لتتحقق أن تعطى حقوقا لكل إنسان قبل وجود الجرم وبعد وجوده فهي حقوق الإنسان التي تعطى له بوصفه إنسان وبعض هذه الحقوق يتم التركيز عليها عند وجود جرم وينسب أو يتهم إنسان بأنه ارتكبه وعلة التركيز هذا أن لا يظلم أي إنسان ويعاقب على فعل لم يقترفه لأنه إذا ظلم إنسان لا علاقة له بفعل وجرم وقع على إنسان آخر فالضرر هنا يتم تكراره ليقع على طرفين هما المجني عليه ومعه انسان آخر بريء ويبقى الفاعل الأصلي سليما لا يطاله شيء وهذا بالتأكيد سيدعو الذي افلت إلى استمراء تكرار الأفعال الجرمية لأنها لا ترتد عليه ،لذلك اعطيت الحقوق للمتهم كضمانة لتحقق العدالة وهذه حقوق تبقى لصيقة بالإنسان بصفته متهما حتى يقرر القضاء بحكم مبرم وقطعي أنه مدان بارتكاب الفعل فتقرر العقوبة وتنفذ وهذه الحقوق قبل الإدانة القطعية تأتي تحت عنوان واحد يسمى (حق الدفاع) .

والأهم وما يجب توضيحه هنا بأن العقوبة لا تفرض على إنسان ارتكب فعلا مجرما إلا إذا كانت إرادة الفاعل سليمة ومتوافرة ولا يمنع وجودها أي شيء ولا يشوب ادراك الإنسان لأفعاله ما يجعل هذه الإرادة ناقصة أو معيبة وهذه قاعدة سماوية فرب العزة لا يعاقب غير المكلف ـ(مناط التكليف العقلأي الإرادة السليمة )ـ (فإذا أخذ ما وهب اسقط ما أوجب) فلا يعاقب المجنون والمعتوه ومن غابت إرادته ووعيه بشرط أن لا يكون الإنسان غيبها بفعله هو كالذي يتعاطى المخدر أو المسكر ، وهذا ما يعرف في التشريعات الوضعية (بالركن المعنوي) وهو الركن الذي يجب أن يتوافر سليما ويحقق وعي الإنسان لأفعاله وللفعل الذي شكل جرما حتى يعاقب هذا الإنسان على أفعاله أو فعله.

وهناك جانب آخر وهو عدم معاقبة الإنسان الذي يدرك أفعاله لكنه اضطر إلى فعل يعلم أنه مجرم ومثال هذا الواضح هي حالة الدفاع الشرعي وهي طبعا حالة يجب أن تتوافر عناصر محددة وظروف تتثبت منها المحكمة حتى يتنفي ايقاع العقوبة.

الداعي والشاهد على ما مر أعلاه وسبب الكتابة فيه اننا نشهد في مجتمعنا عند وقوع جرائم من أفراد تثور ردود أفعال عجيبة وغريبة من المجني عليهم أو من ذويهم وأهلهم وكذلك من المجتمع أحيانا ومن ردات الفعل الغريبة:

أولا: الاستعجال في طلب إدانة الجهات القضائية وقبلها الأجهزة التي تضبط الفاعل وتقدمه للقضاء للفعل وللفاعل والمطالبة بأن تقوم هذه الجهات بشجب الفعل وادانته وأيضا وصف المقبوض عليه والمتهم أو المسند إليه ابتداء فعلا جرميا بأقذع الأوصاف لأن كل الجهات الأخرى والافراد شكلوا قناعتهم فور سماع خبر وقوع جرم واتهام إنسان فاصدروا حكمهم المبرم بأن هذا الشخص مجرم وأنه قام بفعل بشع بكل إصرار وتصميم ، فلا ينتظر أحد تحقيقا أمنيا وتحقيقا قضائيا وحكم القضاء..

ثانيا: ينسى الجميع أو الغالبية بل يتناسوا ويرفضوا بقاء حق الدفاع لصيقا بالمتهم ويعتبروا استخدام هذا الحق نوعا من إنكار الجرم وتبريره واعتباره فعلا صحيحا لذلك يعتبرون المحامي الذي يقبل أن يتوكل عن متهم أنه موافق على الجرم وأنه يعتبر الفعل أمر طبيعي لذلك فمن يفكر بهذه الطريقة هو يتهم المحامي وكذلك من استعان بالمحامي من أهل المتهم أشخاص مجرمون بطبيعتهم لأنهم يقبلون الجرم بحد ذاته ، لذلك يطلب دائما من ذوي الجاني أو المتهم ابتداء أن لا يتم توكيل محامي ، وكأنهم يقدمون لفاعل حقيقي لم تتجه إليه أي شبهة خدمة جليلة بأن يفلت من فعلته.
ثالثا: تعتبر الغالبية التي تجهل ابجديات معنى ومفهوم وجودها في ظل دولة أن تراخي الزمن المطلوب للتحقيقات الأولية من أجهزة الأمن وتراخي الزمن المطلوب للتحقيق القضائى وكذلك ومن المحاكمة بالدرجة الأولى ثم الزمن المطلوب للطعن أو إستئناف الحكم الأول هي حالة مماطلة من الجهات المختصة بتطبيق وتتفيذ العدالة لأن هذه الفئة التي اتحدث عنها قد بنت رأيا وقررت الإدانة من لحظة سماع خبر وقوع الجرم واتهام شخص وكل ما تريده هذه الفئة من الجهات المعنية والمختصة أن تنفذ بسرعة ما أجمعت عليه اراء العامة أو العوام وما حكمت به مشاعر المجني عليهم ومشاعر ذويهم وأهلهم ومشاعر من يرقصون الجرم بحد ذاته.

هذه حقيقة في مجتمعنا يثبتها ويدلل عليها المجتمع كل حين وعند وقوع أي جرم بشع يضج به الرأي العام وتحصل حالة صدمة عند ذوي المجني عليه وعند المجتمع لوقوع جريمة قد جرمها المشرع أصلا وقرر لها عقوبة رادعة شديدة تتناسب مع جسامة الفعل وبشاعته ويثبت هذه الحقيقة تفاصيل نسمعها ونشهدها في ردود أفعال وأحاديث الغالبية ومناقشتهم جرما قد ارتكب وضررا وقع.

للأسف ما زلنا نصر أن تنصب مشاعرنا محكمتها وتقرر وما على القضاء وأجهزة الدولة إلا أن تنفذ والمرير جدا أننا نريد أن نعاقب كل من أتصل بهم نسب المتهم أو الفاعل المدان حتى الاموات منهم ونعاقب كل من ربطتهم بفاعل أو مجرم علاقة من أي نوع وكأن أهل الفاعل أو المجرم أو نسبه ومعارفه وأصدقائه هم من زرعوا في نفس نيته على إرتكاب جرمه وكأنهم شاركوه في التفكير والتخطيط للقيام بالفعل المجرم والبشع…؟!؟!؟!؟؟

ابو عناد.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com