فيلادلفيا نيوز
رأي قانوني,,,
لقد جرم المشرع في قانون الجرائم الإلكترونية أفعال الذم والتحقير الموجهة للسلطات العامة ومنها مجلس الأمة وورد التجريم ما يصدر بطريقة من الطرق الإلكترونية وعبر الشبكة الإلكترونية من أي إنسان ليس لديه مانع من موانع الإرادة.
وبرأيي أن هذا النص أو هذا التجريم يقتضي التعديل إما ليشمل فقط من لم يشاركوا في الإستحقاق الدستوري (الانتخابات البرلمانية) دون عذر مشروع ويستثني من شاركوا وانتخبوا ممثليهم في المجلس وهذا أدعى لتحري القانون دقة التجريم في قيام الركن المعنوي فمن انتخب نوابا وشارك في تشكيل المؤسسة الدستورية هو بالقطع من أحترم في الأصل هذه المؤسسة وراهن على وجودها وعملها فكانت مشاركته إيجابية فقام بأفعال تدل على هذا بأن مارس الإقتراع ،أما من لم يشارك ولم يمارس الإقتراع دون عذر مشروع وظاهر فهو في الأساس يزدري هذه المؤسسة.
وعليه فالركن المعنوي في الحالين يختلف بين من انتخب نوابا لقناعته بجدوى ذلك ثم عبر عن رفضه أو استيائه من طبيعة الأداء وبين من استقر في وجدانه وتشكلت لديه قناعه بأن مجلس النواب أو مجلس الأمة لا قيمة له ،فالأول قد اكتسب ابتداء صفة مواطن ومارس حقه السياسي ويهدف لتحقيق غاية وهي وجود من يمثله بشكل حقيقي ،بينما الثاني لم يمارس المواطنة ولم يمارس حقه السياسي وتخلى عنه وبالتالي فقد تنازل عن ممارسة الحقوق التي تبنى على حق الانتخاب مما يعني أن الذي لم يشارك في العملية الإنتخابية قد بيت النية على رفض كل ما يصدر عن مجلس النواب أو مجلس الأمة وكل ما يصدر عنه من أفعال الذم والتحقير تأتي عن سبق إصرار وتصميم ، لكن الذي مارس حق الانتخاب فيترتب له حقوق في مواجهة من انتخبهم وأولها تأدية النائب والمجلس للدور الذي أراده وكلفه به الناخب الذي مارس الانتخاب والطبيعي أن يبدي من انتظر أداء خيبته أو أستيائه إذا ما وجد غير المأمول أو لمس انحرافا في الغاية التي مارس الانتخاب من أجلها.
بل الاكيد أن من قاطع الانتخابات ولم يشارك في العملية الإنتخابية يكون هو في الأساس من ساهم في العيوب التي ستظهر في أداء المجلس فعندما تكون الأغلبية هي التي لم تشارك ولم تختار فهذا قطعا يعني ترك الساحة لأقلية قد تعتريها آفات الجهل أو تغليب المصالح الضيقة وبالنتيجة فهذا (الترك) يعد فعلا ضارا بالمصلحة العامة.
هذا رأيي القانوني في مسألة تجريم ذم الهيئات الرسمية والسلطات العامة وعلى رأسها مجلس الأمة فكيف نساوي بين من شارك في تشكيلها وحاول تحسين أدائها وهو بهذا يحترمها ويحبها لذلك حرص عليها وبين من أدار الظهر لها وكرهها ابتداء حتى لو لم يصدر عنها أي شيء..؟!؟!؟!
وإذا تغلبت النظرية الموضوعية في مسألة التجريم والتي تركز على الضرر من الفعل وحماية الموجه لهم الفعل من وقوع الضرر وتركنا النظرية الشخصية والتي تركز على الطبيعة والنفسية الجرمية للفاعل وهي ما تبنيتها في رأيي أعلاه فإن الأمر على الأقل يقتضي الموازنة بين النظريتين هنا على النحو التالي:
إن لم يستثنى من مارس حق الانتخاب من شمول أفعاله بنص التجريم فيجب إعتبار عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية (ظرفا مشددا) بالنسبة لمن قاطعوا بشكل من الأشكال هذا الاستحقاق دون عذر مشروع ،وبالنسبة لمن مارسوا حق الانتخاب إعتبار المشاركة (عذرا مخففا بنص القانون)…!
والله والوطن والعدالة من وراء القصد.
أبو عناد رايق المجالي