الأحد , ديسمبر 22 2024 | 8:23 م
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب : قصة أردنية قصيرة

رايق المجالي يكتب : قصة أردنية قصيرة

فيلادلفيا نيوز

كان هناك ثلاثة أردنيين يسافرون على سفينة في بحر واسع وكان الثلاثة وبرغم صغر حجم السفينة يعملون معا وبتناغم وكل يؤازر الآخر مما جعل سفينتهم تصمد في وجه تقلبات البحر والعواصف المرعبة في عرض البحر وكانت السفينة دائما ترسوا على بر آمن.

وفي فترة من الفترات خيم على البحر هدوء استمر لزمن ولم تثور خلاله عواصف شديدة فكانت السفينة تطفو بكل هدوء وسلاسة وكان الثلاثة في هذه الاثناء قد تفرغ كل واحد منهم إلى مهمة على ظهر السفينة فالاكثر قوة وخبرة في الملاحة البحرية صارت مهمته قيادة الدفة ومراقبة البحر وتهيئة الظروف لرفيقيه حتى يقوم كل واحد بمهمته فكل مهمة لأحدهما أيضا ضرورية لهم مجتمعين فواحد لقيادة الدفة وواحد يصطاد من البحر ويوفر الطعام على ظهر السفينة والأخير يؤمن احتياجات أصحابه من الموانيء التي ترسوا فيها السفينة من حين الي اخر وهو من ينزل للبر وحده ويعود بما يريد هو وبما يطلب منه إحضاره.

ولأن قائد الدفة صار مرتاحا ولا يحتاج إلى غيره في تنفيذ مهمته صار بكل سهولة يوجه الدفة واينما أراد والذي كانت مهمته الصيد وتوفير الطعام صار مطمئنا لوفرة الطعام فصار يهمل في الصيد من البحر وكذلك بدا يبحث عن وسائل للتسلية واللهو فصار يطلب من الثالث الذي ينزل الي البر وإلى الموانيء أن يجلب له اشياء لتسليه وكذلك فعل قائد الدفة وصار يطلب أيضا من الثالث زائر المواني حاجيات كثيرة لرفاهيته وصار هذا الثالث يتاجر مع رفقائه فيأخذ من الذي يوفر الطعام من الصيد ومما يوجد في مطبخ السفينة ما يريد بأبخس الخدمات والطلبات وكذلك صار يوفر طلبات قائد الدفة مقابل أن يوجه هو الدفة عن بعد وأن يأتمر صاحب الدفة بما يأمره به زائر الموانيء.

وبعد زمن طال فيه هدوء البحر وطالت تلك العلاقة بين ركاب السفينة كما أصبحت عليه كل واحد يخدم الآخرين بمقابل ويسترخي في أداء مهتمه ويقتصر عمله على ما يؤمن له من كل رفيق من الاثنين ما يحتاجه ولأن المسؤول عن الدفة والخبير بالبحر وبالملاحة البحرية صار يتبع أوامر زائر الموانيء الذي يجلب له طلباته تاهت السفينة في عرض محيط عظيم ولم يعد يلاقيهم اي بر ولم يكن هناك موانيء يلجأون إليها واستمر بهم الحال شهورا طويلة فبدأت مؤونة السفينة من الطعام والشراب تنفذ والمسؤول عن الصيد صار لا جلد له على اصطياد السمك من المحيط ولأن الطعام والشراب اوشكا على النفاذ صار المسؤول عنهما ياخذ من مسؤول جلب الأشياء من الموانيء اشياءه وطلباته مقابل زيادة الحصص من الطعام والشراب عندما يقوم بالصيد مستقبلا فصار الأمر بينهما تعامل بالدين بأخد اشياء في العاجل مقابل السداد في الآجل وكان مسؤول الموانيء والذي كان قد كدس المؤن والاغراض التي يحتاجها صاحاباه من آخر الموانيء يسجل ما صار في ذمة مسؤول الطعام والشراب من حصص (دين) وعد بأن يوفرها بالمستقبل وكذلك كان يفعل مع مسؤول الدفة فيسجل عليه نوعية الأوامر التي يجب أن ينفذها عندما يطلب مسؤول الموانيء وفي التوقيت والكيفية اللتان يريدهما.

وفي أثناء توهان السفينة في المحيط العظيم دون أن يعرف من هم عليها في اي اتجاه يسيرون فجأة وفي عتمة إحدى الليالي اصطدمت السفينة بجزيرة مرجانية صغيرة تكاد تكون بحجم اكبر من السفينة بقليل فعلقت السفينة بهذه الجزيرة ولم تعد صالحة لمواصلة الملاحة والسير في عرض المحيط والا ستغرق من كثرة الثقوب التي أحدثها الاصطدام.

ومكثت السفينة اسابيع عالقة ومن هم عليها ثلاثتهم ١-مسؤول الدفة الخبير بالبحر ٢-ومسؤول توفير الطعام والصيد ٣-ومسؤول زيارة الموانيء وتأمين الموئن لظهر السفينة وكل واحد يحمل مسؤولية ما جرى للآخرين ولكنهم استمروا في العيش على بقية طعام وشراب وحين اوشكوا جميعا على الموت من الجوع والعطش بدأ مسؤول الموانيء يطالب مسؤول الطعام والشراب بأن يوفر له الطعام وحسب الحصص التي وعد بزيادتها ودب بينهما خلاف جعل مسؤول الدفة يتخذ في البداية موقفا محايدا وفصل بين المتخاصمين ولكن وبعد فترة من الهدنة التي فرضها مسؤول الدفة وبعد أن ردد مسؤول الموانيء على مسامعة علنا أحيانا وأحيانا في السر بأن عليه أن يجد حلا ليأخذ حقه من مسؤول الطعام والشراب وأن يحاسبه على ما اخلف به من وعود بزيادة حصص الطعام والشراب، إختلى مسؤول الدفة بنفسه بعض الوقت ثم خرج على صاحبيه ليفصل الامر ويحقق العدالة بينهما فقال لهما: ” هذه السفينة هيكلها من الخشب الجيد ومن المعادن والحبال والأقمشة وقد ثقبت وعلقت هنا لذلك سأقوم بصناعة صندوق من الخشب والمعدن وصأصنع له قفلا فيحبس داخله مسؤول الطعام والشراب ويبقى مفتاح قفل هذا الصندوق في يد مسؤول الموانيء الذي وعد بالحصص من الطعام ولم تأتيه حتى يقوم مسؤول الطعام والشراب من داخل الصندوق بتوفير الصيد من طعام البحر ويعطيه لصاحبه زائر الموانيء سابقا “…!

أما بالنسبة لمسؤول الدفة فبما تبقى من جسم السفينة من الخشب والمعدن والحبال والأقمشة فقد قام بصناعة قارب شراعي صغير مع مجدافين وجلس فيه وانطلق في المحيط مع بقية الطعام الذي وجده ليبحث عن بر وميناء في أي إتجاه وهو يعول على خبرته كبحار وملاح يستطيع أن يعرف الإتجاه الذي يوصله لأقرب ميناء.

وتوتة توتة خلصت الحتوتة…!

ابو عناد.

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com