الإثنين , ديسمبر 23 2024 | 6:58 ص
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب : خطرفات وخطر ما فات

رايق المجالي يكتب : خطرفات وخطر ما فات

فيلادلفيا نيوز

نعاني في المجتمع الأردني بكل فئاته وعلى كل صعيد من حالة عامة بشكل مطلق من الخلط في المفاهيم :.
فنخلط بين مفهوم الثابت والمتغير وعند هجومنا على المتغير نهاجم الثابت فالدولة ثابت بشعبها ومؤسساتها الدستورية وسلطاتها العامة والحكومة متغير بنهجها وسياساتها وشخوصها، وعندما نغضب على الحكومة أو على مسؤليها وعلى نهج أو سياسة أو قرار نبدأ بالهجوم الشامل والكاسح على الدولة ولا نفرق بين مفهوم الدولة ومفهوم الحكومة على شاكلة عجوز أمي بسيط في بادية أو قرية عندما يستخدم مفردة (دولة) حتى للأشخاص الذين يعملون في الحكومة فكل موظف رسمي بالنسبة له هو دولة.. ¿! ¿!

ونخلط أيضا بين مفهوم الكيان أو المكون الإجتماعي (العشيرة أو القبيلة) والكيان أو المكون السياسي (الحزب أو التيار) ونعتبر العشيرة أو القبيلة مظلة فكرية وسياسية نتعاطى مع حياتنا السياسية إنطلاقا من القبيلة والعشيرة ومكانتها وعددها وعدد افرادها الذين ينخرطون في اي مجال أو يقفون في اي صف أو خندق، فنقول هذه عشيرة موالية اذا كان لها من أبنائها عدد من الموظفين البارزين في السلطة، ونقول عن أخرى عشيرة معارضة لمجرد اشتهار أحد أبنائها بمواقف سياسية أو إنخراطه في صفوف التيارات أو الأحزاب المعارضة.. ¿! ¿!

لم ندرك بعد ١٠٠ عام من نشوء الدولة أن القبيلة والعشيرة في مرحلة تأسيس الدولة كانت مؤسسة إجتماعية وكذلك سياسية لإعتماد النظام عليها لغياب أو عدم وجود مؤسسات مجتمع مدني كالنقابات وأطر سياسية كالأحزاب فكان لابد من الإعتماد على مؤسسة العشيرة إلى حين إيجاد الكيانات والأطر السياسية والتي سارت الدولة في طريق تأسيسها وإنشائها تدريجيا لتنصهر المكونات الإجتماعية فيها، فالعشائر والقبائل كانت الأسس لتكون الأحزاب والنقابات والتيارات السياسة هي البناء الذي يعلو ويشيد ما يستظل به الشعب ويحتمي به من كل خطب وفي المئوية ما زلنا لم ندرك أن العشيرة والقبيلة عادت لتكون فقط رابطة دم وقربى وإطار إجتماعي أهميته في دور المكون الاجتماعي على إبقاء التماسك والترابط والتراحم الإجتماعي ووحدة الشعب والخطر عليه هو إقحامه في السياسة وتقديم الهوية الإجتماعية على الهوية السياسة وزرع كل طرق السياسة وطبائعها في قلب هذا المكون كلغم يتفجر في أي وقت وعند أي حركة . ¿! ¿!

لم نزل نخلط مثلا بين القانون ومن يطبق القانون، فرجل شرطة السير شخص مسؤول عن تطبيق تعليمات استندت لقانون يحفظها ويعمل على تطبيقها وقد لا يفهم هو ما يطبق لكنه يطبق ما يحفظ من تعليمات وطرق للعمل وتأدية الواجب، لكننا إذا ما أخطأ هذا الشخص نبدأ بالهجوم على القانون بالمطلق ونلعن كل قانون ونصف القوانين كلها بالظلم وبالإنحراف والسوء وتصبح لدينا رغبة مسيطرة على مخالفة اي تعليمات أو قاعدة قانونية ونستمتع إذا ما خالفنا القوانين دون أن يكتشفنا احد او يحاسبنا حتي لو أدى ذلك لخسارة ارواحنا أو أرواح أحباء، فنستمتع بمخالفة قواعد السير والتقيد بالسرعة المقررة لكل طريق فنسير بأقصى سرعة اذا ما خلت الطريق من رقيب وحسيب ولا نأبه لإحتمال وقوع حادث رهيب، ومن يطبق القانون أيضا يخلط بين الزي الرسمي الذي يرتديه للوظيفة وكل مدارس ومراجع القانون فيعيش مؤمنا أنه هو المدرسة والمرجع في القانون لأن زيه الرسمي هو عباءة القانون .. ¿! ¿!

كما أننا نخلط بين مفهوم الوطنية والتطبيل والتزميز والتصفيق، كما نخلط بين مفهوم الخيانة ورفع الصوت إحتجاجا على قرار أو الشكوى من الظلم وتجبر سلطة أو مسؤول، فالوطنية هي فقط التصفيق والتطبيل لكل ما يصدر عن موظف ومسؤول، والخيانة رفض اي ظلم والشكوى من أي ضرر سواء أكان شخصيا أم عاما.. ¿! ¿!

ونخلط بشدة بين الإعلام الذي هو سلطة رابعة وأن الصحافة بأشكالها هي (صاحبة الجلالة) والإعلام الذي يمتلك أقوى سلطة وقوة للرقابة لأنه هو ما يجعل مصدر السلطات يطلع ويراقب كل السلطات والإعلان الذي يروج لأنواع السلع والخدمات ويتربح أهله وصانعوه من أثمان وأجور تسويق السلع، فالإعلام عندنا يسوق القرارات والسياسات والشخصيات كما يسوق إعلان لمشروب غازي على أنه صحي ولذيذ ومنعش بالرغم من خطر هذا المشروب على صحة الإنسان ويسوق القرارات والشخصيات كما تسوق أنواع العلكة… ¿! ¿! ¿!

ونخلط بين من تدين والتزم بالعبادات ومن أبحر في دراسة علوم الدين وتفقه فيه لمجرد أن كلاهما يدخل المسجد أو يواضب على التردد على الكنيسة وكلاهما يصليان، فنستنفتي أو يتصدر للفتوى كل من تعلم أداء العبادات وفي كل مسألة، ونترك فقيها أو قسا لمجرد أنه قليل الكلام ولا يسارع للفتوى وإعطاء المواعظ ويعلم مثلا أن الطريق العام أو مجالس العزاء أو الأفراح ليست منابرا للفتوى.. ¿! ¿!

نخلط بين الطبيب الذي تخرج من الجامعات ومدارس الطب وكل من مرض يوما ودخل المشفى وتلقى علاجا وتخرج منه مشافا معافا، فيصبح طبيبنا ونأخذ عنه وصفات العلاج لكل الأمراض بالرغم أن الذي يجلس بجانبه في التعليلة طبيب قد أنهى الإختصاص وأقيمت هذه التعليلة للمباركة له بما سمعوا انه شهادة حازها… لكنه لم يدخل مستشفى كمريض… ¿! ¿!

هذا حالنا كلنا سياسي وكلنا قانون أو فوق القانون وكلنا زعيم وكلنا فقيه وقسيس وكلنا طبيب وكلنا لا يثق بكلنا وكلنا احرص من كلنا وكلنا انظف من كلنا وكلنا يضحك على كلنا.. ¿! ¿! ¿!

وكلنا نغتال الوطن لا فرق بين أحدنا والآخر إلا الأداة التي يطعن بها وطول نصلها والزاوية أو المنطقة التي يغرز بها نصله.. ¿! ¿!

أبو عناد.

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com