فيلادلفيا نيوز
في الأردن الدولة ومجتمعها بحاجة لصناعة الإنفراج العام بأي شكل وأي وسيلة ولا تحتاج الدولة أو لا يجدي أن تعمل على صناعة انفراج جزئي هنا أو هناك أو صناعة فرحة بفوز منتخب ببطولة أو بالاحتفال بمناسبة وطنية كالإستقلال أو مرور مئة عام على قيام الدولة لأن الضيق العام يبتلع فورا أي فرحة مهما كانت عظيمة وكبيرة.
الإنفراج العام أو ما سمي رسميا بالخروج من عنق الزجاجة لا يكون إلا بوجود رؤية عامة حقيقة ينتج عنها خطة للدولة لحلحلة الأزمة والضيق العام بالتدريج وبالتناغم في كل المسارات وهذه الخطة لابد من أن تتناغم مساراتها واتجاهاتها لا أن يعمل كل فريق على فرعه من الخطة كما يقال (على رأسه) لأن النتيجة الطبيعية هي التناقض أو التعارض وخلق أزمات جديدة.
إن العمل بخطط أو بتفرعات خطة عامة دون انسجام وتناغم ووجود العقل الواحد الذي يدير الخطة ويشرف عليها هو ما جرى وما جعل الأوضاع تزداد تعقيدا وجعلنا نراوح في نفس المكان في محاور ونتراجع في محاور أخرى حتى أن ذلك جعل كل وعود الحكومات وكل برامجها حتى لو حققت تقدما أو نجاحات نسبية بالنسبة للشعب هي مجرد وعود بل مجرد أكاذيب وبالنتيجة إنعدمت الثقة تماما بكل أنواع السلطات وتحديدا بالسلطة التنفيذية التي هي مركز إدارة الدولة أو يفترض انها (مايسترو) إدارة الدولة وهذا للأسف أفضى إلى ما هو أخطر من عدم الثقة بالحكومات وبالسلطات فقد وصلت الحالة عند البعض إلى تمني الحصول على هجرة إلى أي مكان في العالم.
انا لا اتفق مع كل من يشكك بوجود إرادة حقيقة عليا للإصلاحات في كل إتجاه وأعتقد وأؤمن أن الإرادة العليا لقيادة الدولة عاقدة العزم وتقاتل كل الظروف لتحقيق الإنفراج العام أو ما قيل عنه (الخروج من عنق الزجاجة) لكن الذي طرأ ويطرأ على هذه الإرادة أو التوجه الصادق لدى الإرادة العليا هو سوء التنفيذ أو سوء التخطيط قبل ذلك.
وليتضح المقال بمثال واحد فإذا كانت لدينا مثلا ميزة أن الأردن بلد سياحي فيه كل أنواع السياحة وكان هناك إرادة وسعي لتنشيط وتشجيع السياحة فلا تجدي هذه الإرادة وهذا التوجه أن تضطلع بتنفيذه فقط الوزارة والمؤسسات أو الهيئات المسؤولة عن هذا القطاع فنحن نجد هذه الجهات تقوم بما عليها ولكن إذا لم تستوعب كافة إدارات ومؤسسات وأجهزة الدولة هذه الميزة اي طبيعة البلد السياحية والحاجة الماسة لعمل الجميع على تنفيذ الأجندة فلن نتقدم قيد انملة حتى لو اوجدنا في كل محافظة هيئة مختصة بتنشيط السياحة وبكوادر وطواقم كبيرة ولكن الشراكة ومساهمة كل المجتمع مؤسسات رسمية – حتى مراكز الأمومة والطفولة – ومؤسسات المجتمع المدني و الفئات والأفراد في فهم هذه الميزة والتصرف دون غياب هذا الفهم وهذه الحاجة فأنا مثلا في مدينة العقبة شهدت مثالا على غياب هذا الفهم العام من كافة الأجهزة وانفصال الخطط أو انفصال فهم كل جهة لدورها حيث تكرر حدوث مشاجرة في شارع رئيسي وسطي لهذه المدينة السياحية فتثور فجأة أصوات صفارات سيارات الشرطة التي تتوجه لمكان حدوث المشاجرة مما يخلق حالة رعب عند السياح الأجانب الذين يتواجدون في الشوارع وقد شهدنا – وقد شكى لي شخصيا تجار – أن الشوارع تفرغ فورا من السياح الأجانب فنجدهم بهرعون للعودة إلى فنادقهم وأماكن إقامتهم لإعتقادهم أن هناك خطر في الشارع يجب الإبتعاد عنه وهذه ذهنية الأجانب التي تختلف عنا نحن العرب أو الأردنيين فنحن نتجمع لنرضي فضولنا في مثل هذه الحالات.
هذه الحالة تتكرر كثيرا وكما قلت عندما لاحظتها شخصيا كنت في مرة اجلس في محل صديق يعتمد في تجارته على حركة السياح الأجانب في الشوارع وقال لي بالحرف حينها أنه يرصد دائما حركة نشطة للسياح في شارعه فيحصل شيء يجعل مركبات الأجهزة الأمنية تطلق الصفارات وعندها يختفي السياح المشاة في الشارع بغضون دقائق مما كان يجعله ينهي ساعات دوامه ويغلق محله ويعود لمنزله فقد صارت هذه الحالة كأنها إيذان له بإغلاق محله لأن لا جدوى من بقائه مفتوحا وزبائنه لن يحضروا ذلك اليوم او تلك الليلة.
لعلي بهذا المثال اوضحت معنى عدم تناغم جميع إدارات وأجهزة الدولة في تنفيذ خططها والقيام بواجباتها وما يخلقه عدم التناغم من تعارض أو تناقض يؤديان إلى فشل خطة جهة بسبب عدم استيعاب جهة أخرى لما يضر أو يعرقل جهودا تبذل لتنفيذ توجه وسياسه عامة للدولة وعندها يصدق فينا المثل المعروف “مثل حرث الجمال” والقياس جائز وواجب في كل قطاع وفي كل إتجاه في إدارة ملفات الدولة وفي تنفيذ السياسات والتوجهات العامة للدولة ..؟؟!!؟؟
ابو عناد.