فيلادلفيا نيوز
تسارعت أحداث وفعاليات المواجهة الفلسطينية ضد
المحتل في الايام الأخيرة،وتوسّعت ساحات الإشتباك التي تشهد نضالا شعبيا ممتدا على مجمل أرض فلسطين التاريخية، في الأراضي المحتلة في 1948 و1967.
بعدما دخلت فصائل المقاومة على خط المواجهة من خلال إطلاق الصواريخ من داخل قطاع غزة، والتي وصلت إلى محيط مدينة القدس وتل أبيب، وهو تطور نوعي في قدرة وإمكانيات فصائل العمل المسلح، الأمر الذي أثار جدلا سياسيا عريضا بين مؤيدي التدخل العسكري وبين معارضيه ، وتناسى البعض حق جميع الشعوب التي تتعرض للاحتلال في الدفاع عن نفسها وهذا هو حال شعبنا الفلسطيني الذي يتعرض يوميا
لجرائم الأحتلال الكولونيالي البشع الذي يتمثل بمظاهر _ تطهير عرقي وفصل عنصري وطرد وترحيل وجرائم ومذابح… .
ومن هنا نؤكد على شرعية النضال الشعبي والنضال المسلح على حد سواء، بغض النظر عن قراءتنا السياسية لجدوى هذا الشكل النضالي من عدمها في المرحلة الراهنة، وبغض النظر كذلك عن هوية الطرف أو الجهة التي تمارسه، ودون أي اعتبار إلى الأسباب الخفية الكامنة خلف التصعيد أو التهدئة العسكرية.
فاليوم، وفي ظلّ التصعيد الصهيوني المتواصل، نحن مطالبون بأن نُقرّ بتنوع قراءات وأدوات القوى الفاعلة في سياق حركات التحرر عموما، وحركة التحرر الفلسطينية خصوصا، فمن غير المنطق ولا الواقعي إلزام جميع القوى بممارسة شكل نضالي وحيد وواحد بغض النظر عن قراءتها السياسية واللوجستية، حتى لو كانت قراءتها مجرد غطاء تحجب به أهدافها الضيقة بما فيها السلطوية والاستبدادية، مع الحفاظ على حقنا بفضحها أمام الجمهور “إن لم تفضح بعد”. بل على العكس، يساهم هذا التنوع في تعزيز الثقافة السياسية ويعمّمها، ويرسخ الفروقات بين القوى الفاعلة في الأمور الجوهرية والثانوية، أي من حيث المبادئ الوطنية الجامعة القائمة على وحدة الأرض والشعب والقضية،أي أنه وبالمختصر؛ لا يصحّ فرض رؤية عقلانية أو تدعي العقلانية على مجمل مكونات شعب فلسطين وكأنها خط أحمر يؤدي تجاوزه إلى تخوين الآخر، وذلك بالرغم من اتفاقي مع التوجه المطالِب بعدم عسكرة النضال في هذه المرحلة من زاوية تكتيكية وذاتية فقط،”مع أنني كنت أنتظر رشقات الصواريخ كإنتظارالصائم لرشفة ماء”،وهي في البداية والنهاية أسلوب نضالي شرعي لجميع الشعوب المحتلة والمعرضة لجرائم تطهير عرقي وفصل عنصري.
أن الخلاف حول جدوى النضال المسلح هو خلاف تكتيكي كون النضال العسكري في حالتنا حق مشروع لا خلاف حوله في جميع الشرائع والقوانيين الدولية والإنسانية،لذا يجب أن ينطلق الخلاف من جدواه في هذه المرحلة، ومن أولوية المضي في مسار فضح جرائم الأبارتهيد، جرائم التطهير العرقي والفصل العنصري التي تمارسها الدولة الصهيونية، وكذلك من ضعف العامل الذاتي الفلسطيني اليوم، لا سيما بعد اتفاقيات أوسلو والسيطرة على غزة اللذيْن سهّلا على الصهيونية تقسيم الجغرافيا الفلسطينية إلى كانتونات معزولة عن بعضها البعض، فضلا عن أدوارهم (القوى المسيطرة) في تقسيم المجتمع الفلسطيني سياسيا وجغرافيا
والعامل العسكري لا يقاس فقط بمدى تطور المعدات العسكرية ووفرتها على أهميته، بقدر ما يقاس بإمكانية إدارة المعارك والتحكم فيها “وفي مواجهات الأيام الأخيرة نلحظ التطور الحاصل في إدارة العمل الفلسطيني المقاوم”، بالرغم من غياب وحدة العمل النضالي بفعل الانقسام السياسي والمجتمعي والجغرافي.
النقطة الأهم تدور حول تأثير شكل النضال العسكري على مجمل أشكال النضال الأخرى، وعلى رأسها النضال الشعبي، إذ يتمثل دورنا اليوم أو بالأصح دور جميع المقتنعين بضرورة حماية النضال الشعبي وتطويرهذا الشكل النضالي وإسناده ومدّه بجميع عوامل القوة والصمود، ولو إعلاميا وسياسيا، لذا فنحن مطالبون الان بعدم إخلاء الساحات حيث أمكن حتى لو تصاعد العمل العسكري هنا أو هناك؛ فمن أخطاء تجربة النضال التحرري الفلسطيني منذ الإنطلاقة الاستكانة لشكل نضالي وحيد وإهمال سائر الأشكال النضالية الأخرى، وهو ما أصبح تحديًا علينا مواجهته، إذ لا يصح التحجج بعسكرة الصراع من أجل الكف عن دعم صمود الأبطال في ساحات المواجهة .