فيلادلفيا نيوز
للرأسمالية صورة سلبية في الأذهان، فهي ترتبط في نظر كثيرين بانقسام المجتمع إلى أغنياء غنىً فاحشاً وفقراء فقراً مدقعاً، كما تعني سيطرة رأس المال على القرار الاقتصادي والسياسي، وتقسيم المجتمع إلى طبقات متصارعة. ومن هنا جاء اصطلاح (اقتصاد السوق) كبديل للرأسمالية.
النظام الرأسمالي، مثل الديمقراطية، فيه عيوب كبيرة ومعروفة، كتب عنها كثيرون، وهي عيوب معترف بها ولا مجال لإنكارها، كل ما هنالك أن الأنظمة الأخرى – بدون استثناء – أسوأ منها وأكثر عيوباً، كما ظهر عند تطبيقها في الشرق والغرب.
الأزمة المالية العالمية الراهنة أعادت موضوع مستقبل الرأسمالية إلى طاولة البحث، فهناك تدخل حكومي بأموال دافعي الضرائب لإنقاذ منشآت مالية واقتصادية كان يجب أن تسقط وفق النظام الرأسمالي البحت. ويريد البعض فهم ذلك على أنه تخل عن الرأسمالية.
صحيح أن الرأسمالية لا تدعو الحكومة إلى التدخل في تفاصيل عمل القطاع الخاص، أو منع شركات من الإفلاس والخروج من السوق كما دخلت، فهذا المبدأ معمول به في الظروف العادية، أما الأوضاع الاستثنائية فتستدعي إجراءات استثنائية، والتدخل في حالة الانحراف والخطر من صلب مبادئ الرأسمالية.
يتصور البعض أن الإدارة الجمهورية للرئيس بوش أصبحت اشتراكية بين يوم وليلة، لمجرد أنها تدخلت لمنع النظام المالي الأميركي من الانهيار، لأن ما قامت به يقع تحت باب التأميم، لكن الحكومة غير راغبة في التدخل في إدارة المنشآت، وليس أدل على ذلك من أن ما حصلت عليه مقابل التمويل هو أسهم ممتازة لا تشارك في التصويت.
الأسهم التي امتلكتها الحكومة الأميركية في رؤوس أموال البنوك والشركات لا تهدف للتدخل في إدارة تلك البنوك والشركات، وهي ملكية مؤقتة، فالأسهم بيعت بمجرد اجتياز الأزمة، والهدف ضمان استرداد المال العام.
الميزة الأولى والأهم للرأسمالية هي القدرة على التكيف وتعديل المسار ومعالجة العيوب، ومن هنا قدرتها على تجاوز الأزمات. والنتيجة أن الرأسمالية الأميركية أعادت إنتاج نفسها بعد اجتياز الأزمة، ولكن بصيغ جديدة وأنظمة وقيود تستفيد من التجربة المرة وتضمن عدم تكرارها. ومن يرى غير ذلك فهو حالم.
نعم، النظام الرأسمالي سيء جداً، وليس هناك أسوأ منه سوى جميع الأنظمة الأخرى!