فيلادلفيا نيوز
فشل رؤساء إيران وتركيا وروسيا خلال قمة عقدت أمس في طهران في تجاوز خلافاتهم حول محافظة إدلب السورية، آخر معقل للمتطرفين الإسلاميين ومسلحي المعارضة، والمهددة بهجوم وشيك من القوات السورية، فيما تتواصل التحذيرات من الأسرة الدولية من “كارثة إنسانية” في حال الهجوم.
وشدّد الرئيسان الإيراني حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين على ضرورة استعادة حليفتهما دمشق السيطرة على محافظة إدلب حيث يعيش حوالي ثلاثة ملايين شخص، نصفهم من النازحين من مناطق أخرى، بينما حذر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الداعم للمعارضة من “حمام دم”، ودعا إلى إعلان “وقف لإطلاق النار” في المحافظة الواقعة على حدوده.
ودار سجال بين الرئيسين الروسي والتركي حول صياغة البيان الختامي للقمة. ففي تصريحات نقلتها بشكل مباشر محطات التلفزة، قال اردوغان إن “تضمين البيان عبارة (هدنة) سيضفي عليه قيمة أكبر”.
وأضاف “إذا توصلنا الى إعلان وقف لاطلاق النار هنا، فسيشكل ذلك إحدى النتائج الأكثر أهمية لهذه القمة وسيهدئ إلى حدّ كبير السكان المدنيين”.
لكن بوتين أبدى عدم اقتناعه وأعلن بلباقة رفضه اقتراح الرئيس التركي في موقف لقي تأييدا من روحاني. وشدد بوتين على “عدم وجود ممثلين عن مجموعات مسلحة على الطاولة” مخولين التفاوض حول الهدنة. وقال “لا يوجد أي ممثل عن جبهة النصرة أو تنظيم داعش أو الجيش السوري”.
وأضاف بوتين “أعتقد أن الرئيس التركي محق بشكل عام: سيكون هذا جيدا. لكن لا يمكننا أن نضمن بدلا عنهم أنهم سيوقفون إطلاق النار أو استخدام طائرات عسكرية مسيّرة”.
وحالت هذه التباينات على الارجح دون التوصل إلى اتفاق على خطوات ملموسة على الأرض في المنطقة التي تشهد حركة نزوح مكثفة وتظاهرات مطالبة بوقف العملية العسكرية التي يعد لها النظام منذ أسابيع.
وصدر بيان مشترك في ختام القمة يؤكد أن الرؤساء الثلاثة اتفقوا على معالجة الوضع في إدلب “بروح من التعاون الذي طبع محادثات أستانا”، في إشارة الى المحادثات التي رعتها الدول الثلاث وأرست مناطق خفض توتر في سورية، بينها إدلب.
وبدأت محادثات استانا بعد التدخل الروسي في سورية في 2015 الذي شكل نقطة تحوّل في النزاع لصالح النظام برئاسة بشار الأسد. وطغت تلك المحادثات على مفاوضات جنيف التي كانت تقودها الأمم المتحدة.
وكان روحاني قال خلال القمة إن “محاربة الإرهاب في إدلب جزء لا بدّ منه في المهمة المتمثلة بإعادة السلام والاستقرار الى سورية”، مضيفا “إلا أن هذا يجب ألا يكون مؤلما للمدنيين وألا يؤدي الى سياسة الأرض المحروقة”.
واعتبر بوتين من جهته أن “الحكومة السورية الشرعية لها الحقّ في استعادة السيطرة على كل أراضيها الوطنية، وعليها أن تقوم بذلك”.
في المقابل، حذر اردوغان من أن هجوما على إدلب سيؤدي الى “كارثة، إلى مجزرة ومأساة إنسانية”، مضيفا “لا نريد على الإطلاق أن تتحول إدلب إلى حمام دم”.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على الجزء الأكبر من إدلب بينما تنتشر فصائل إسلامية متطرفة أخرى في بقية المناطق وتتواجد القوات السورية في الريف الجنوبي الشرقي. كما أن هناك وجودا لهذه الهيئة والفصائل في مناطق محاذية تحديداً في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي واللاذقية الشمالي.
واتهم بوتين خلال القمة “عناصر إرهابية” في إدلب بـ”مواصلة الاستفزازات والغارات بواسطة طائرات مسيرة والقصف”.
وقال “إن أولويتنا المشتركة وغير المشروطة هي تصفية الإرهاب نهائيا في سورية”، مضيفا “هدفنا الأساسي في الوقت الحالي طرد المقاتلين من محافظة إدلب حيث يشكل وجودهم تهديدا مباشرا لأمن المواطنين السوريين وسكان المنطقة كلها”.
وطرح اردوغان إمكانية نقل فصائل المعارضة “الى أماكن لا يتمكنون فيها بعد ذلك” من مهاجمة قاعدة حميميم العسكرية الروسية في غرب سورية والتي تستهدف بانتظام بهجمات من طائرات مسيرة، بحسب موسكو.
وحذرت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أن هجوما واسع النطاق على إدلب سيؤدي الى كارثة إنسانية غير مسبوقة منذ بدء النزاع.
وبعد ساعات من القمة، انعقد مجلس الأمن الدولي بدعوة من واشنطن لبحث الوضع في إدلب. ودعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا أمام المجلس الى تحديد ممرات للسماح للمدنيين بمغادرة إدلب.
وقال في اتصال عبر الفيديو “يجب منح الناس ممرا آمنا إلى الأماكن التي يختارونها إذا أرادوا المغادرة”، مضيفا “يجب أن نسمح بفتح عدد كاف من ممرات الإجلاء الطوعي المحمية للمدنيين في كل اتجاه: الشرق والشمال والجنوب”.
وقال دي ميستورا للمجلس إنه مستعد لتقديم مقترحات حول فصل الجماعات المرتبطة بالقاعدة في إدلب عن المقاتلين الآخرين في محاولة لضمان حماية المدنيين.
ومن المقرر أن يجري مبعوث الأمم المتحدة محادثات مع ممثلين عن تركيا وروسيا وإيران الأسبوع المقبل في جنيف حول الأزمة في إدلب.-( اف ب)