خالد زعل الطراونة يكتب: طابووور الى الخلف دُر!

فيلادلفيا نيوز

كان صوته مُجلجلاً كالرعد ، يملأ صداه جنبات الميدان الذي كُنا نتلقى فيه التدريب على حركات المُشاة ، والمُشاة بالأسلحة ، وكل المقرر من الدورة العسكريّة التي التحقنا بها في مُستهل حياتنا العسكرية .. ” الى الخلف دُر ، ارجعوا لفوا مرّة ثانيه ” ..! كم كانت صعبة وقاسية هذه الجُمله ، تقع على اسماعنا وقع الصاعقة على ارضِ هشيم !

كان الزمان في اواسط كانون الثاني من عام 1985، والمكان مدرسة المُشاة / خو، ومن لا يعرف خو ، فقد فاته الكثير من ابجديات العِشق لتراب هذا الوطن …
” الى الخلف دُر” ، كان يُطلقها مُدرب المشاة آنذاك للطابور كاملاً وأعادة الركض في محيط الميدان الذي تبلغ مساحته ملعب كرة القدم ويزيد قليلاً .. كنّا نتلقى العقاب الجماعي بجريرة زميل لم تسعفه ساقاه على الجري واللحاق بنا ككتله بشريّة واحدة ،ونبدأ من جديد كما عقارب الساعة ، واحياناً نطوف بمحيط هذا الميدان لأكثر من مرّة لنفس السبب ،ولا نبدأ التدريب الاّ بعد توافق مسيرنا الراكض ، مع ما يراه مُدربنا … طابور واحد ، مسير واحد ، يتخلله نشيد نردده بقوّه هو بمثابة جهاز ” الووكمان ” للاعبي رياضة المشي والركض ” الله ، الوطن ، الملك
دعوة الحق لدينا ، نفحةٌ هبّت علينا
أرسل الله الينا
سيد الكون محمد …. الى اللازمة والإنشودة … وكم كانت مريحة ، وتعيننا على مواصلة الركض ، وتبعد الإعياء من التسلل الى اجسادنا الغضّة وقتئذٍ ..
ــ لا ادري ما الذي جعلني استحضر هذا المشهد في ايامنا هذه ، هل هي تجليات حظر التجول ، أم تصرفات بعض المُستهترين الذين يخرقوه ، بعدم الإنتظام للطابور ، والجلوس والألتزام بالتعليمات ، مع فارق في التشبيه ما بين هذه وتلك !
ــ الى الخلف دُر كلفتها عاليه ، سيما واننا قطعنا شوطاً في الميدان ، يتوجب علينا المُحافظة عليه والبناء على ما أُنجِز، لا أن نعيد المسير الى نقطة البداية والمُربع الأول ..
ــ ” الى الخلف دُر” ثقيلة ، وإحتمالها مُضني ، فدعونا ننتظم ، ونكون شركاء في الإنجاز بإلتزامنا بالحظر، وبتعليمات المُقاتلين ، اصحاب الإنجاز .. وليس أسهل عليهم والأقسى عليهم بذات الوقت من القول ” الى الخلف دُر ” .. ونرجوالله ان لا ندفعهم لقولها ..
حمى الله الأردن ، أرضاً وشعباً وقيادةً
ووقانا الله والبشريّة جمعاء شر هذا الوباء
[ صباحكم تفاؤل وخير] .