فيلادلفيا نيوز
لم يُعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن إسرائيل وافقت على صفقة لوقف الحرب دون أن يكون متأكدًا من أن شيئًا يُطبخ على نار هادئة سيظهر للعلن في أي وقت. لقد اعتدنا على هذا الرجل أنه يتبع سياسة تسريب ما هو قادم عبر تصريحات مقتضبة. بعد انتهاء الحرب الإيرانية الأميركية، خرج ترامب بتصريح توقف الجميع عنده، وهو أن منطقة الشرق الأوسط، مع انتهاء هذه الحرب، ستنعم بالسلام والازدهار، وهذا لن يكون إلا إذا توقفت الحرب على قطاع غزة، وهو ما يؤشر إليه ترامب بانتظار إعلان موافقة رسمية من قبل إسرائيل وحماس. بالأمس، خرجت صحيفة “هآرتس” العبرية بحديث صحفي يكشف أن مخططًا يجري التباحث بشأنه حاليًا لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وقد يتضمن ما وصفتها بـ”تعويضات سياسية” لإسرائيل، بهدف تليين موقف وزراء اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو، المتوقع أن يعارضوا أي اتفاق يتضمن وقفًا للحرب. ويقول تقرير الصحيفة العبرية إن التعويضات السياسية قد تشمل محادثات بين إسرائيل والسعودية بشأن التطبيع، وإبرام اتفاق مماثل مع سلطنة عمان، إلى جانب إعلان تاريخي محتمل من سوريا بشأن إنهاء حالة العداء مع إسرائيل. عملية السلام ليست متوقفة فقط على عدم معارضة اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو، وإنما هناك معادلات أخرى، تتمثل بالدول المذكورة في التقرير، وتحديدًا السعودية التي لها موقف واضح وثابت في هذا الإطار، وهو: لا سلام مع دولة الاحتلال دون أن يضمن حل الدولتين. هذا هو التحدي الأكبر أمام إطلاق عملية سلام شاملة في المنطقة، وتفوق صعوبته بمراحل مسألة رفض أو موافقة وزراء متطرفين في حكومة نتنياهو. تقرير الصحيفة العبرية لم يُشر إلى هذا الأمر، ولا إلى كيفية التعامل الأميركي الإسرائيلي مع تجاوزه، وهل من المعقول أن يكون هناك سلام يتجاوز أساس الصراع في المنطقة، وهي القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة. ما كان ربما سهلًا حدوثه قبل السابع من أكتوبر بهذا الشأن، بات اليوم صعبًا جدًا؛ فقد كانت المملكة العربية السعودية حينها، وبحسب تقارير صحفية آنذاك، في طريقها لمفاوضات جادة مع الاحتلال لإطلاق عملية سلام، بيد أن الأمر اليوم مختلف جدًا وليس بتلك السهولة. الرئيس الأميركي في بعض الأحيان يتسرع في الحديث، وأعتقد أن ما يتعلّق بالمنطقة واستقرارها وازدهارها والعيش بسلام، هو أمر معقد، ولن يحدث بمجرد الإعلان أنه سيحدث، فالسلام طريق طويل، غير معبّد بتاتًا، وبنيته التحتية تحتاج إلى إعادة بناء شاملة قبل السير عليه. كيف سيفعلها ترامب؟ سنرى ذلك
