فيلادلفيا نيوز
بقلم : بشرى سليمان عربيات
12/9/2018
تُطالعنا بعض المواقع الإخبارية والوسائل الإعلامية كل فترة بقرارات تتعلق بالمدارس والطلبة والعملية التعليمية، ولكن – مع الأسف – معظم هذه القرارات غير مخطط لها بالشكل السليم، لذلك فإنَّ تطبيقها على أرض الواقع ينتج عنه إرباكاً للعملية التعليمية، مما ينعكس سلباً على التعليم في الأردن، وهذا ما نلمسه جميعاً كتربويين متابعين للعملية التعليمية، وقد يلمسه أيضاً أولياء الأمور المهتمين بمستقبل أبنائهم.
إن إقرار حصص للنشاط اللامنهجي في مدارس وزارة التربية والتعليم الحكومية لم يكن قراراً موفقّاً، لأنه لم ينتج عن خطة واضحة وإنما كان مجرد فكرة مطروحة من أحد وزراء التربية والتعليم، دون دراسة واقع المدارس الحكومية من حيث البيئة المدرسية التي لم تكن يوماً مهيأة لمثل هذه الأنشطة، وهذا يبدو واضحاً في غالبية المدارس الحكومية ، فنحنُ لا نتحدث عن المدارس الحكومية التي تمَّ بناؤها لتكون منبراً تعليمياً يضم هيئة تدريسية من مختلف التخصصات، ويضم مرافق مدرسية تدعم العملية التربوية التعليمية، بل نتحدث عن مباني مستأجرة تم تحويلها لمدارس، نتحدث عن مدارس فيها نقص في معلّمي المباحث الأساسية، فكيف يمكن أن تكون جاهزة بمعلمين للأنشطة الأخرى من موسيقى ودراما وغيرها من الأنشطة التي تعمل على بناء شخصية الطالب وتحتاج إلى إشراف معلمين متخصصين في العديد من المجالات.
لقد تم اتخاذ قرار حصص النشاط دون تزويد المدارس بأدلة للنشاط، لتصبحَ حصص النشاط عبئاً آخر على المدارس وعلى عملية التعليم، بل لتشكَل أيضاً عبئاً إضافياً على المعلمين والمعلمات داخل المدرسة، لأن معظمهم لا يملك أفكاراً لأنشطة تعمل على صقل شخصية الطلبة، وإن كان البعض يحمل هذه الأفكار فإنَّ نصابه التعليمي لا يسمح بإضافة عبء إضافي على جدول الحصص الأسبوعي.أضف إلى ذلك أن حصص ” النشاط ” تمَّ وضعها في بداية الدوام لتكون الحصة الثانية والثالثة – كما ورد من الميدان التربوي لهذا العام – على أن يتبعها حصص الرياضيات والمواد العلمية، وبذلك يكون الطلبة قد استهلكوا طاقتهم في الأنشطة – غير الممنهجة وغير المخطط لها – وبالتالي كيف يمكن إعادة الطالب نفسياً لتلقي معلومات علمية أو أدبية بعد حالة الفوضى التي يعيشها في تلك الحصص غير الممنهجة؟
إن طلبتنا بحاجة إلى أنشطة “لامنهجية” – ولو أني أراها جميعاً أنشطة تخدم المنهج – تعمل على بناء وصقل شخصيتهم، على أن تكون هذه الأنشطة مخطط لها جيداً من قِبَل وزارة التربية والتعليم، من حيث توفير كفاءات داخل المدارس تعمل على تنفيذ هذه الأنشطة وِفقَ خطة ” مكتوبة” وليست عشوائية. ولكن ما يحدث حالياً على أرض الواقع هو حالة من الفوضى بسبب سوء التخطيط.
أيضاً هناك قرار مشاركة الطلبة في قطف الزيتون والذي دار حوله كلام كثير لا أريد الخوض به في هذا المقال، ولكن أريد أن أشيرَ إلى أن الإنتماء للوطن وحبُ الأرض قيمة ثمينة لا تتم بقرار مثل هذا، نعلم جميعاً أنَّ تعديل السلوك يحتاج إلى وقت كبير، وبذلك يمكننا البدء بغرس حب الوطن والإنتماء في داخل الحرم المدرسي، حين يحافظ الطلبة على ممتلكات المدرسة وحين يحافظ على نظافة الغرفة الصفية والمدرسة بشكلٍ عام، حين يساهم الطلبة في زراعة أحواض حول أو داخل المدرسة والعناية بها ليشعرَ الطلبة بمدى ارتباطهم بالمكان، وأقصد بهالمدرسةـ والذي يعتبر جزءاً من الوطن الأكبر.
عندما نصل بأبنائنا الطلبة إلى هذا القدر من تحمل المسؤولية، وإلى هذا القدر من حب المدرسة، سيكون من السهل أن ينطلقَ الطلبة لواجبات أكبر لأنهم حينئذٍ يمتلكون الحسّ بالمسؤولية تجاه المجتمع وتجاه الوطن.إنَّ حب الوطن والإنتماء ممارسة لا تحدث بإصدار قرارات غير مدروسة.
نعم، هي قرارات تسبق التخطيط، ولذلك يحدث تخبُّط واضح أثناء التنفيذ، ومن الأجدر ألاّ تصدر هذه القرارات عن مسؤولين مهتمين بالتعليم والطلبة، لأنها سوف تكون مؤشراً سلبياً على العملية التعليمية، وهذا ما لا نرجوهُ بعد أن كان الأردن يصدّر للدول المجاورة خبرات علمية ذات أهمية.
ولنتذكر دائماً أن المقدمات الصحيحة تؤدي إلى نتائج صحيحة.
” فلنخدم هذا البلد، ولنبني هذه الأمة “