فيلادلفيا نيوز
شارك جلالة الملك عبدالله الثاني، اليوم الأحد، في أعمال القمة العربية الإسلامية الأميركية، التي استضافتها المملكة العربية السعودية، بحضور زعماء وقادة دول عربية وإسلامية والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وألقى جلالة الملك كلمة في القمة، وفيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد، النبي العربـي الهاشمي الأمين.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، فخامة الرئيس دونالد ترامب، أصحاب المعالي والسعادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فيسرني في البداية أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإلى المملكة العربية السعودية على استضافة هذه القمة وكرم الضيافة.
فخامة الرئيس ترامب، أود التعبير عن تقديري لحرصك على التواصل مع الدول الإسلامية في بداية جولتك الخارجية الأولى، كرئيس للولايات المتحدة.
نلتقي اليوم لنطور رداً فاعلاً على التهديدات الخطيرة التي تواجه عالمنا، ومن شأن المواقف والأفعال التي نتبناها اليوم أن تحدد مستقبلنا في قادم الأيام، لذلك يتوجب علينا أن نعمل بشكل تشاركي ضمن أربعة محاور رئيسية، وأود أن أتطرق لكل منها بشكل مختصر: أولاً وقبل كل شيء، أمامنا تحدي الإرهاب والتطرف.
النهج الشمولي هو الطريق الوحيد لمواجهة الوجوه المتعددة والمعقدة لهذا الخطر، من أفكاره الظلامية إلى تهديده للازدهار والأمن، وكما ذكرت، هذا يتطلب عملاً دولياً منسقاً على مختلف المستويات.
الثقة المتبادلة والقوة مطلوبتان لتحقيق النجاح، فليس بالإمكان الانتصار في هذه المعركة إن لم نفرق، وبكل وضوح، بين الأصدقاء والأعداء، فعلينا أن نعرف من هو الصديق ومن هو العدو.
إن المجموعات الإرهابية توظف هوية دينية زائفة بهدف تضليل واستقطاب مجتمعاتنا وشعوبنا. دعونا هنا نؤكد بوضوح: إن العصابات الإرهابية لا تمثل مجموعة تتواجد على هامش الإسلام، بل هي خارجة تماماً عنه. هؤلاء هم الخوارج. العرب والمسلمون يشكلون الغالبية العظمى من ضحاياهم.
التعصب والجهل يعززان العصابات الإرهابية، ومن المهم أن نساعد الجميع في كل مكان على فهم هذه الحقيقة.
فخامة الرئيس، التحدي الرئيسي الثاني البالغ الأهمية يتمثل في الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يستند إلى حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وهذا سيضمن نهاية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وسيحقق السلام للجميع: الإسرائيليون، والعرب، والمسلمون.
لا يوجد ظلم ولـّد حالة من الغبن والإحباط أكثر من غياب الدولة الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية هي القضية الجوهرية في المنطقة، وهو ما أدى إلى امتداد التطرف وعدم الاستقرار ليس في منطقتنا فحسب، بل أيضاً إلى العالم الإسلامي.
وللمجتمع الدولي مصلحة مباشرة في تحقيق سلام عادل، وقد قدم العالم العربي والإسلامي كامل الدعم لإنجاح المفاوضات.
وهنا، أود أن أشكرك، فخامة الرئيس ترامب، لإصرارك على العمل من أجل الوصول إلى حل لهذا الصراع المتفاقم، ونحن سندعم جهودكم ونعمل معكم كشركاء.
ثالثاً، حماية القدس يجب أن تكون أولوية، فالمدينة المقدسة ركيزة أساسية في العلاقات بين أتباع الديانات السماوية الثلاث. إن أي محاولات لفرض واقع تفاوضي جديد على الأرض في القدس ستؤدي إلى عواقب كارثية.
علينا العمل معاً لتفادي هذه المخاطر، وبالنسبة لي شخصياً ولكل الأردنيين، فإن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس مسؤولية تاريخية راسخة ولا حياد عنها، ونتشرف بحملها نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية.
فخامة الرئيس، المهمة الرئيسية الرابعة هي تعزيز وعي الشعوب بأهمية القيم التي ستحمي وتثري مستقبل الإنسانية، وهي الاحترام المتبادل، والتعاطف، وقبول الآخر.
لقد بات صوت الإسلام السمح هو الأقوى في العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة، وعلينا أن نستمر في البناء على ذلك.
نفخر أننا أطلقنا قبل إثني عشر عاماً رسالة عمان، والتي حظيت بإجماع عالمي تاريخي من علماء المسلمين حول تعريف من هو المسلم، ورفض التكفير، والاعتراف الصريح بشرعية مذاهب الإسلام الثمانية.
وتكشف رسالة عمان، ضمن محاورها الثلاثة، الادعاءات الكاذبة التي يسعى أصحابها إلى استغلال الدين لنشر بذور الفرقة بيننا. وكما قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم.
فخامة الرئيس، يثري نحو مليارين من المسلمين والمسلمات عالمنا بطيبتهم، وكرمهم، وإيمانهم بالعدالة، والتزامهم بواجباتهم المدنية والعائلية ومبادئ الدين الحنيف، فهم يمارسون في حياتهم تعاليم الإسلام التي تدعو إلى قبول الآخر، والتواضع أمام الله تعالى، والتعاطف، والتعايش السلمي.
مستقبلنا يقوم على الأفعال، لا الأقوال، وجميعنا معرضون للمساءلة عن مدى التزامنا بمحاربة التطرف بكل أشكاله.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، فخامة الرئيس دونالد ترامب، أصحاب المعالي والسعادة، لا بد لنا من تعزيز جهودنا المشتركة، حتى نتمكن بعون الله تعالى، من خدمة شعوبنا وأجيالنا القادمة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
وضم الوفد الأردني إلى القمة العربية الإسلامية الأميركية رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومستشار جلالة الملك، مقرر مجلس السياسات الوطني.
والقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمة افتتاحية قال فيها “إننا نجتمع اليوم في هذه القمة لنعبر عن الجدية في اتخاذ الخطوات الحثيثة لتعزيز شراكة حقيقية مع الولايات المتحدة الأميركية الصديقة بما يخدم مصالحنا المشتركة ويسهم في تحقيق الأمن والسلام والتنمية للبشرية كلها وهو ما يؤكده ديننا الإسلامي الحنيف”.
وأضاف إن “مسؤوليتنا أمام الله ثم أمام شعوبنا والعالم أجمع أن نقف متحدين لمحاربة قوى الشر والتطرف أياً كان مصدرها، امتثالاً لأوامر ديننا الإسلامي الحنيف، لقد كان الإسلام وسيبقى دين الرحمة والسماحة والتعايش تؤكد ذلك شواهد ناصعة، ولقد قدم الإسلام في عصوره الزاهية أروع الأمثلة في التعايش والوئام بين أتباع الأديان السماوية والثقافات، لكننا اليوم نرى بعض المنتسبين للإسلام يسعى لتقديم صورة مشوهة لديننا، تريد أن تربط هذا الدين العظيم بالعنف”.
وقال خادم الحرمين “نقول لإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا من المسلمين في كل مكان، بأن أحد أهم مقاصد الشريعة الإسلامية هو حفظ النفس، وأن لا شرف في ارتكاب جرائم القتل، فالإسلام دين السلام والتسامح، وقد حث على إعمار الأرض وحرم التهلكة والإفساد فيها، واعتبر قتل النفس البريئة قتلاً للناس جميعاً، وأن طريقنا لتحقيق مقاصد ديننا والفوز بالجنة هو في نشر قيم الإسلام السمحة التي تقوم على السلام والوسطية والاعتدال وعدم إحلال الدمار والإفساد في الأرض”.
وتابع “أننا جميعاً شعوباً ودولاً، نرفض بكل لغة، وندين بكل شكل الإضرار بعلاقات الدول الإسلامية مع الدول الصديقة، وفرز الشعوب والدول على أساس ديني أو طائفي، وما هذه الأفعال البغيضة إلا نتيجة محاولات استغلال الإسلام كغطاء لأغراض سياسية تؤجج الكراهية والتطرف والإرهاب والصراعات الدينية والمذهبية، كما يفعل النظام الإيراني والجماعات والتنظيمات التابعة له مثل حزب الله والحوثيين، وكذلك تنظيمي داعش والقاعدة، وغيرها .
فالنظام الإيراني يشكل رأس حربة الإرهاب العالمي منذ ثورة الخميني وحتى اليوم، وإننا في هذه الدولة منذ 300 عام لم نعرف إرهاباً أو تطرفاً حتى أطلت ثورة الخميني برأسها عام 1979م”.
واضاف الملك سلمان بن عبدالعزيز، لقد رفضت إيران مبادرات حسن الجوار التي قدمتها دولنا بحسن نية واستبدلت ذلك بالأطماع التوسعية والممارسات اِلإجرامية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ضاربة بالقانون الدولي عرض الحائط ومخالفة مبادئ حسن الجوار والعيش المشترك والاحترام المتبادل، وقد ظن النظام في إيران أن صمتنا ضعفاً، وحكمتنا تراجعاً حتى فاض بنا الكيل من ممارساته العدوانية وتدخلاته كما شاهدنا في اليمن وغيرها من دول المنطقة. نقول ذلك ونحن نؤكد في الوقت ذاته على ما يحظى به الشعب الإيراني لدينا من التقدير والاحترام فنحن لا نأخذ شعباً بجريرة نظامه .
وقال خادم الحرمين “لقد عانت المملكة العربية السعودية طويلاً، وكانت هدفاً للإرهاب، لأنها مركز الإسلام وقبلة المسلمين، ويسعى الفكر الإرهابي لتحقيق شرعيته الزائفة وانتشاره من خلال استهداف قبلة المسلمين ومركز ثقلهم، ولقد نجحنا ولله الحمد في التصدي للأعمال الإرهابية وأحبطنا محاولاتٍ إرهابية كثيرة، وساعدنا الأشقاء والأصدقاء في دول العالم في تجنب مخططات تستهدف نسف أمنهم وتدمير استقرارهم”.
وأضاف، “إن الإرهاب نتيجة للتطرف وفي ظل الحاجة لمواجهته نعلن اليوم إطلاق (المركز العالمي لمكافحة التطرف)، الذي يهدف لنشر مبادئ الوسطية والاعتدال ومواجهة التغرير بالصغار وتحصين الأسر والمجتمعات ومقارعة حجج الإرهابيين الواهية بالتعاون مع الدول المحبة للسلام والمنظمات الدولية.
وقال إن القضاء على الإرهاب لا يكون بالمواجهة المباشرة فقط بل إن التنمية المستدامة هي جرعة التحصين الناجح بإذنه تعالى وهو ما تجسده رؤية المملكة العربية السعودية عشرين ثلاثين في جوانبها المختلفة من الحرص على استثمار الشباب وتمكين المرأة وتنويع الاقتصاد وتطوير التعليم، وبدون شك فإن المملكة العربية السعودية تدعم وتشجع كل توجه لدى الدول الشقيقة والصديقة يهدف إلى تفعيل التنمية المستدامة في بلدانهم”.
وتابع الملك سلمان “اننا نشدد على أن تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مطلب عادل وضروري ويتطلب تضحياتٍ مشتركة وعزيمة صادقة من أجل صالح الجميع ، كما أنه يتعين على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لحل الأزمة السورية بما يحقق تطلعات الشعب السوري ويحفظ وحدة سوريا وسيادتها. – بترا