فيلادلفيا نيوز
لم يتحقق حلمنا العربي في النهضة و السلام و الرخاء بالرغم من كل المخاضات و اللحظات الفارقة على مدى المائة عام الماضية. و مع كل انعطافة او مفترق طرق، تدور في خواطرنا لفترة وجيزة انتعاشة و امل بانه من رحم الازمات ستولد الانفراجات و تتعالى وتيرتها.
الازمات والمحن تشدنا الى اعادة التفكير في الواقع و مسلماته، فتفتح افاقا من الامال التي يمكن ان تشكل تحولا نوعيا في النهج. نعيش كأمة عربية تراكمات من المراوحة في المكان ذاته. فمنذ انتهاء الحرب العالمية الاولى، وتقسيم العالم العربي بين الامم، والازمات تلازمنا من فلسطين الى العراق و اليمن و ليبيا و سوريا و السودان و غيرها و للاسف.
تأتي اليوم ازمة التهجير الجديدة و ما يحيط بها من تحديات وتداعيات اقتصادية واجتماعية و سياسية كفرصة اضافية لتحثنا على التفكر في الحال وفي المستقبل. اذا لم نراجع اوضاعنا اليوم من اساسها فمتى نفعل؟ قمنا بتجارب كثيرة في العالم العربي، فمنا من ادعى العودة الى الاصول و الثوابت، و منا من اصر على الهرولة الى المستقبل، و بين النهجين محاولات اخرى لم تكن اكثر نجاحا. فهل تحفزنا الازمات الجديدة اخيرا على النهوض و الخروج من عنق الزجاجة؟
لا شك اننا بحاجة ماسة الى ثورة ثقافية تصنع وعيا جمعيا جديدا يسمي الامور بمسمياتها و يضع النقاط على الحروف. فمع تنوع تجارب الوطن العربي وخصوصية كل قطر فيه، فان حركاته السياسية والدينية والاجتماعية بمجملها لم تصنع نهضة مستدامة. و لم تقدم هذه المنظومات اجابات مقنعة على الاسئلة المحورية.
ان ارهاصات الأعوام الماضية بالذات من ١١ سبتمبر ٢٠٠١ الى الان تصل الى ذروتها مع تحدي التهجير و ما يصاحبه من مربكات. هذه الذروة قد تشكل لحظة تاريخية لاعادة صياغة الحلم العربي بكبريائه و عنفوانه و القه. مجتمعاتنا شابة و طموحة و علينا دعم تطلعاتها بابتداع اطر ومناخات عامة ملائمة للتغيير الحقيقي النابع من قيم اخلاقية سامية وصالحة للتطبيق. تنفض الامم الغبار عن نفسها و تنطلق عندما تشتبك مع الاسئلة الكبرى حول القيم و الامال.
ادعي اننا نعيش مرحلة فارقة في التاريخ العربي حيث مؤشرات كل دولة تتجه بشكل حثيث نحو الامام مع ارتفاع لوتيرة العمل المسترك، و سنتمكن من احتضان المستقبل بصلابة اكبر و بمحصلة تجارب اعمق. الشباب يحب ان يحلم، فلتكن احلامه عربية.
