فيلادلفيا نيوز
نهج الدولة الأردنية بقيادة الهاشمين هو تكريم جنود الوطن و تسليط الاضواء على انجازاتهم و تضحياتهم. فقد بنيت الدولة الحديثة على تلازمية الكفاءة و الولاء. و هو ما يعني ان مؤسسات الدولة في حالة مستمرة من التجدد و العنفوان يقودها جيل بعد جيل من القيادات الكفؤة ذات المعرفة العالية و الخبرة المطلوبة. و يغلف ذلك ولاء عميق للوطن و العرش، و هما صنوان.
في مساء الأربعاء الماضي، وفي قصر الثقافة بمدينة الحسين للشباب، و تحت الرعاية الملكية السامية، اجتمع الوطن بكل أطيافه ليؤبن عميد الساسة القدماء، دولة زيد الرفاعي. هناك وقف الجميع إجلالًا لذكرى الفقيد الكبير، الجندي و السياسي الاردني، الذي تتلمذ على ايدي الملوك، و تشرب معنى الدولة منذ نعومة اظفاره. فقد تربى في عائلة سياسية وطنية عريقة سيرتها حافلة بالشواهد و العبر، مما جعل منه رحمه الله مدرسة في مفهوم العمل العام. عمل جوهره الترفع عن الصغائر، و الادراك العميق لمعنى الوطن الجامع المتسامح و المتنوع، والايمان باهمية بناء مؤسسات مستقرة و مستدامة.
رجالات الوطن من امثال دولة زيد الرفاعي، و الذين يجمعون الكفاءة مع الولاء، هم من يعرفون حقيقة الارث الاردني و عمقه العربي، و ابعاده العالمية. لا يكلون او يتقلبون حتى عندما تتغير الازمان و تصبح للاسف السلبية هي نبراس الكثيرين. رجال الكفاءة و الولاء يبقون حتى اخر لحظة ايجابيين مؤمنين بالوطن شاكرين لفضله و مدافعين عنه في كل المحافل. رجل الدولة صاحب الكفاءة و الولاء لا يحمل الحقد للاخرين و لا يقصيهم، بل يكون جامعا مساندا للمبادرات الوطنية و العمل السياسي المنتج. و عند المحن، فان رجل الدولة لا يتهرب من المسؤولية و لا يبحث عن اكباش فداء. فهو يبقى شريفا في الخصومة و صابرا على المتاعب، عفيف اللسان، و متسامحا. هذه سمات رجال الدولة على اختلاف مشاربهم، و هم من يؤسسون لاعراف العمل العام الايجابية العابرة للحكومات و المسؤولين.
يمكن القول ان معادلة (الكفاءة + الولاء = النماء) هي شيفرة الدولة الاردنية منذ نشأتها و طوال مئويتها. فالاردن منذ بدايتة كدولة حديثة كان جامعا للعقول و المواهب من كافة الاصول و على مدى جغرافيا شديدة الاتساع. وحدت هذه العقول و المواهب مبادىء الثورة العربية الكبرى و الهمتهم قياداتها و حفزتهم غاياتها. كان ذلك سر تقدم الاردن و ازدهاره على الدوام. فالاردن ليس ارض اعراق و اجناس، بل وطن رسالة. فالوطن الذي كان اول رئيس وزراء له عام 1921 درزي لبناني، و اول رئيس للوزراء مولود فيه تولى منصبه عام 1950، هو حتما اكبر بكثير من جغرافيته، بل يكبر برسالته.
لبنات بناء الدول هي في تلازم الكفاءة و الولاء، و عندما تضعف هذه المعادلة، بغض النظرعن الاتجاه، فانه لا تطور و لا نماء، بل يحدث ما هو عكس ذلك تماما و الشواهد التاريخية و الحديثة كثيرة، و ما علينا الا ان ننظر حولنا.
رحم الله دولة الرفاعي و كل من سبقه ممن هم على نهجه، و اعان سبحانه و تعالى كل من يتولى المسؤولية الوطنية و نبراسه شيفرة الدولة بشقيها الكفاءة و الولاء.
عاش الأردن وطنا لكل من يؤمن برسالته، عاش حرا منيعا مهابآ مستقرآ تحرسه عناية الرحمن و حدقات العيون. فالاردن وطن من يعيش على ارضه و يؤمن به و يدافع عنه. الأردن لكل من يساهم في نهضته. فكلنا انشدنا و ننشد مع دولة المرحوم عبد المنعم الرفاعي …. “خافق في المعالي و المنى … عربي الظلال و السنا … “.