‘‘المبكّر‘‘ يجذب المتقاعدين لتحسين دخولهم رغم النداءات بالتريث

فيلادلفيا نيوز

لم يتردد بكر سلامة (54 عاما) في التقدم للحصول على التقاعد المبكر بعد وصوله سن الخمسين، غير أنه، وبعد شهرين فقط من تقاعده، بدأ عملا جديدا كمحاسب في إحدى الشركات، حيث تم قبوله بها فورا نظرا لخبرته الطويلة في هذا المجال.
يقول سلامة: “قبل التقاعد كنت أعمل في شركة كمدير لقسم الحسابات براتب جيد، وفكرتي من التقاعد المبكر هو الحصول على راتب التقاعد ومن ثم الرجوع لسوق العمل، وأيضا حاليا أعمل براتب جيد، وهذا الأمر حسن دخلي وظروف عائلتي المعيشية”.
ورغم الحملات المتواصلة للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الداعية إلى تشجيع الموظفين على عدم اللجوء إلى التقاعد المبكر، إلا أن سلامة واحد من بين آلاف المتقاعدين الذي يجدون في التقاعد المبكر حلا مثاليا لتحسين دخولهم.
بدوره نشرت “الضمان” استطلاعا على موقعها الإلكتروني حول هذه القضية، وحاولت من خلاله لفت انتباه الجمهور لسلبيات التقاعد المبكر، من خلال توجيه سؤال يلمح إلى سلبيات هذا التقاعد، ونصه: “هل تؤيد لجوء المشترك بالضمان باختياره إلى التقاعد المبكر، على الرغم من أنه سيحصل على راتب تقاعد مُخفَض، ولهذا التقاعد آثار سلبية على المتقاعد وأسرته، والاقتصاد الوطني، وديمومة الضمان الاجتماعي؟”.
لكن هذه الصيغة لم تفلح في تغيير قناعات من أجابوا على الاستطلاع، إذ أظهرت النتائج أن”87 % من المجيبين قالوا إنهم يؤيدون التقاعد المبكر، في حين أجاب 13 % سلبا”.
وتشير أرقام سابقة صادرة عن “الضمان” إلى أن عدد المؤمن عليهم الذين حصلوا على رواتب تقاعدية من المؤسسة خلال العام 2015، وصل إلى 11904 متقاعدين، موزعين على 9422 من الذكور، و2482 من الإناث، ليحوز التقاعد المبكر على أعلى نسبة بين متقاعدي العام الماضي.
وبلغ  عدد المتقاعدين مبكراً في العام المذكور 7362 متقاعداً بنسبة 62 % من إجمالي حالات التقاعد الجديدة، مقارنة مع 3023 شخصاً حصلوا على تقاعد شيخوخة وبنسبة 25 % من حالات التقاعد، ما يعني تزايدا غير مسبوق في حالات التقاعد المبكر.
ومن هؤلاء المواطن عبدالله العيايدة، الذي تقاعد مبكرا لتحسين دخله، حيث كان يعمل في مطبعة براتب 400 دينار، وبعد تقاعده أصبح يتقاضى من مؤسسة الضمان 250 دينارا، ويعمل براتب 350 دينارا.
يقول العيايدة: “عملي الحالي محاط بظروف أصعب، لكني كنت مضطرا لترك عملي القديم بعد أن وصلت إلى سن التقاعد المبكر، كي أستطيع تأمين وضع معيشي أفضل، وحاليا ومع تقاضي راتبين فلا أستطيع تأمين كافة مستلزمات عائلتي”.
بدوره، علق محمد الملاحي (متقاعد مبكر)، على نتيجة استطلاع “الضمان” بالقول: “يلجأ الناس للتقاعد المبكر بسبب عدم الثقة بمؤسسة الضمان الاجتماعي، وبأنها تقوم بوضع قوانين لا تخدم العامل وتجرده من حقوقه، مثل التأمين الصحي وعدم ربط تقاعده بالتضخم”.
ويحلل مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض، اللجوء المتزايد للتقاعد المبكر، إلى الرواتب “المتدنية جدا جدا” التي يتقاضها الموظفون في الأردن، وبذلك فهم لا يجدون طريقة أخرى لتحسين دخلهم إلا بالخروج من سوق العمل، رغم ضآلة راتب التقاعد المبكر، ومن ثم العودة إلى سوق العمل مرة أخرى.
ورغم أن عوض يقر بأن عودة المتقاعدين المبكرين إلى سوق العمل تعتبر من “أشد المخاطر التي تهدد سوق العمل، كونها تقلل فرص الداخلين الجدد لسوق العمل، ولأن أصحاب العمل يفضلون تشغيل المتقاعدين، للتهرب من دفع بدل الضمان الاجتماعي، إلا أنه لا يمكن لوم العامل المتقاعد على خياره بالعودة لسوق العمل، بل يجب لوم سياسات التشغيل التي لا توفر حلولا لمشكلة تآكل الأجور”.
وتعليقا على نتيجة استطلاع “الضمان”، يراها عوض “طبيعية ومتوقعة، لأن الفرق في الراتب بين التقاعد المبكر والشيخوخه قليل، وبذلك لا توجد مغريات بأن يكمل العامل سنوات الاشتراك حتى سن الشيخوخة”.
وينص قانون الضمان الاجتماعي على أن “المؤمن عليه الذي تنتهي خدمته من المنشأة التي يعمل لديها وكان قد استكمل شروط استحقاق راتب التقاعد المبكر ورغب في الحصول على هذا الراتب، فإن المؤسسة لا تُخصّص له هذا الراتب إلاّ بناءً على طلب يتقدّم به إليها، وعليه أن يتقدّم بطلب تخصيصه في الشهر التالي لانتهاء خدمته، حيث يُصرف له من بداية الشهر الذي تقدّم فيه بالطلب”.
ويشترط لاستحقاق المؤمن عليه راتب التقاعد المبكّر “التقدّم بطلب الحصول على هذا الراتب، وانتهاء خدماته أو إيقاف اشتراكه الاختياري بعد إحضار كتاب انتهاء الخدمة من آخر منشأة عمل لديها، وأن يكون المؤمن عليه قد أكمل سن الخمسين وله 252 اشتراكاً فعلياً على الأقل بالنسبة للذكر، و228 اشتراكاً فعلياً بالنسبة للأنثى، أو أن يكون للمؤمن عليه 300 اشتراك فعلي، بعد إكمال سن 45 على الأقل”.
وأتاح قانون الضمان للمؤمن عليه ذكراً أو أنثى “إذا كان يعمل في إحدى المهن الخطرة إمكانية التقدّم للحصول على راتب التقاعد المبكّر، شريطة إكمال سن الخامسة والأربعين، وأن لا تقل فترة اشتراكه بالضمان عن 18 سنة بالنسبة للذكور، و15 سنة بالنسبة للإناث، وأن تكــون المنشأة التي يعمل لديها قد قامت بتأدية ما نسبته 1 % من أجره زيادة على اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لمدة لا تقل عن 60 اشتراكاً خلال السنوات العشر الأخيرة السابقة على طلبه تخصيص راتب التقاعد المبكر”.
وبينت مديرة المؤسسة العامة للضّمان الاجتماعي ناديا الرَّوابدة في تصريحات سابقة، أن المؤسسة أطلقت استطلاعاً عبر موقعها الإلكتروني لدراسة الإقبال الكبير من المشتركين بالضمان على التّقاعد المبكر.
وأشارت الروابدة إلى أن الاستطلاعات الدورية التي تطلقها المُؤسسة عبر موقعها الإلكتروني “تهدف إلى التعرّف على آراء وأفكار جمهورها حول التوجّهات والقرارات والأنظمة الجديدة التي تصدرها”، مبينةً أن إطلاق هذا الاستطلاع يأتي ضمن حملة إعلامية كبرى ستطلقها المؤسسة تحت عنوان “بكير ع تقاعدك”.