فيلادلفيا نيوز
وقال الفايز بان الارهاب ، وعلى الرغم من اجماعنا على مخاطره ، وتبعاته المدمرة ، وقدرته على إيذاء المجتمعات البريئة في كل مكان، وتهديده السلام والاستقرار في جميع أرجاء العالم، إلا أنه ما زال ينمو ويقوى، في مختلف دول العالم ، وليس فقط في منطقة الشرق الاوسط .
واكد خلال الجلسة الحوارية ، التي شاركه فيها ، الرئيس الالباني الاسبق، والمدير العام للايسيسكو ، ووزير الخارجية الليبي ، ونائب رئيس الوزراء الفلسطيني ، ورئيس مؤتمر نظامي كنجوي الدولي ، ووزير الخارجية الايطالي السابق ، ووزير الخارجية الايراني السابق ،ونائب الرئيس الافغاني ، انه وللاسف فان معظم الجهود التي تبذل وعلى المستوى الاقليمي والدولي ، تعد غير كافية لحد كبير ، في وقف هذا الخطر المدمر، لتركيزها فقط ،على الأعراض والنتائج، لكنها تَغفل عن الأسباب المؤدية لمثل هذه الأعراض والنتائج بشكل كبير، وخاصة الى الاسباب التاريخية التى ادت الى نشوء الحواضن الارهابية ،وهذا يعود ايضا ، الى المخاوف من توضيح دوافع الإرهاب، التي يمكن أن تفهم ، على أنها تبرير للاعمال الارهابية ، لذلك يتم التوجه فقط ، الى الاستنكار والتأسف على الأعمال الإرهابية، أكثر من معالجه ودراسة دوافعها، وهذا لا يعني ، اننا يجب ان لا ندين الافعال الارهابية ، بكل الوسائل المتاحة ، وفي ظل جميع الظروف، لكن تبقى مسألة معرفة الدوافع ، عنصراً أساسياً في عملية العلاج .
وقال رئيس مجلس الاعيان، ” اننا اعتدنا أن نعزو الهجمات الإرهابية الانتحارية التي تستهدف الأبرياء ، الى مشاكل عقلية، أو يأس كبير، أو تلقين إيديولوجي ، وغسيل للأدمغة. لكن الحال يمكن ان يكون كذلك ، عندما كانت الأعمال الإرهابية نادرة الحدوث، لكننا اليوم نتعامل مع جماعات إرهابية ، أكبر ، واعداد كبيرة من الاشخاص المتطوعين ، بالانضمام اليها ، وهؤلاء يقدمون أرواحهم بكل سهولة ، في الوقت الذي يزهقون فيه أرواح الاخرين.
واضاف صحيح انه يوجد وفي كل الأوقات ، عقول مريضة ومشؤومة ، تخطط للجريمة، والعنف غير المبرر، والعمليات الارهابية ، لكن هذه تنمو وتزدهر فقط في البيئات المناسبة ، ولهذا فإن الأفراد ، غير المحميين والمجرمين، والمضطهدين، والفقراء، وغير المتعلمين، والأشخاص المعرضين للظلم، أو متورطين في مجموعة من المشاكل مع القانون ، يعدون المجموعات المناسبة ، لتجنيدها في الأعمال الارهابية الشريرة.
وبين انه وانطلاقا من هذا الواقع ، وهذه المعطيات ، فان الارهاب ، لا يعود لأسباب دينية بشكل كامل، وبالتالي فان الصاق الارهاب بالاسلام والمسلمين، امر مرفوض وغير مقبول ، ويعد مغالطه كبيرة .
واضاف “علينا ان ندرك ان للارهاب اسباب تاريخية لها علاقة بالاستعمار ، فبعد الحرب العالمية الثانية استقلت دول ونالت حقوقها ، واخرى لم تستقل حتى اللحظة ، فالشعب الفلسطيني ما زال يناظل من اجل اقامة دولته المستقلة ، على ترابه الوطني الفلسطيني ، ، كما انه وبعد الاستعمار نشأت انظمة شمولية قائمة على الحزب الواحد ، لم تؤمن بقيم العدالة والحرية ، هذا البعد التاريخي اوجد جهات تشعر بعدم العدالة والتهميش ، ولم تقبل بالنخب الحاكمة ،مما ساعد على ايجاد البيئات الخصبة لانتشار الارهاب ، وعلينا ان نستحضر ايضا التميز العنصري في جنوب افريقيا ، والفوضي التي خلفها الربيع العربي ، فهذا البعد التاريخي ادى ايضا الى انهيار دول كانت تعتبر نفسها تقدمية ” .
وبين الفايز ان الدراسات ، وتقييم الاف العمليات الارهابية ، التي وقعت منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا ، اثبتت بان الدين لا يشكل دافعا بحد ذاته ، للقيام بالعمليات الارهابية ، لكنه يستخدم كأداة للعمل، ووسيله قوية في إقناع الناس، أن يتغلبوا على خوفهم من قتل الابرياء ، وقال “علينا ان نتذكر ، بان هناك المئات من الهجمات الانتحارية غير دينية ، بل انها لدوافع مختلفة ، منها مثلا ، الرد على تدخل عسكري لاحتلال ارض الغير ، فمثل هذا الامر يشجع على ارتكاب الاعمال الإرهابية ، أكثر من أي أمر اخر ” متسائلا هل وجود الالوية الحمراء في ايطاليا ، والعديد من المنظمات الارهابية التي ظهرت في اوروبا ومنها المانيا ، بان دوافعها هو الدين الاسلامي ، مبينا بنفس الوقت ، بانه لا يوجد ارهاب سني او شيعي ، او كردي ، او مسيحي ، فلاسلام والاديان ليس لها علاقة بالارهاب ، فهو لا دين او جنس او طائفة او بلد له ، لكنه عابر للحدود ، وخطر على الانسانية .
وقال الفايز خلال الجلسة الحوارية ، والنقاشات التي جرت حولها ، ان الحرب على الارهاب والقضاء عليه ، يحتاج الى استراتيجية ، تبدأ من القضاء عسكريا ، على مختلف القوى الارهابية الحالية ، وبكل الوسائل الممكنة ، ويشمل ذلك ، الأعمال العسكرية، وافقارهم مالياً، وعرقله تحركاتهم، وإبعاد الدين عن مخططاتهم التعبوية .
واضاف ” أن وجود انظمة ديمقراطية ، وظروف اقتصادية صالحه، وأحوال معيشية طبيعية، وتعليم متقدم، وأمن يرضي عامة الناس، وعلاقات ثنائية طبيعية ،وطموح لمستقبل أفضل، عندها فقط سيتم ( تعقيم المجتمعات من السم الذي تفشى في بعض العقول الشابة البريئة) ، وهذا الامر يحتاج الى تشاركية ، وجهود دولية كبيرة ، تبدأ بمساعدة الدول ، التي تعيش اوضاع اقتصادية صعبة ، ويتطلب جهوداً دولية كبيرة وطويله المدى ، وأي تأخير في المعالجات ، سيزيد من صعوبة الحرب على الارهاب وتكلفته .
والمرحلة الثانية من الاستراتيجية ، تتمثل بضرورة تفعيل التعاون الاستخباري والامني بين الدول ، فالتنظيمات الارهابية ، تنظيمات منظمة وهي منتشرة في كافة دول العالم ، لذلك لا بد من تعاون امني يعمل على محاصرة هذه القوى المتطرفة .
واضاف الفايز انه لا بد ايضا من محاربة الفكر الارهابي ، وهذا الامر يحتاج الى فترة زمنية طويلة ، يبدأ من الاسرة والمدرسة والجامعة ودور العبادة ، على ان تكون الحرب ، بنفس الوسائل التي يستخدمها الارهابيون لنشر افكارهم، فمحاربة الفكر الارهابي ، تحتاج الى البينة المقنعة ، والفكر المستنير، بعيدا عن الخطاب التقليدي ، مؤكدا على ان الدين الاسلامي ، ليس هو دين الارهابيين والتكفيريين والمتطرفين .
وكان رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز ، قد وصل يوم امس الاربعاء الى جمهورية اذربيجان تلبية لدعوة رسمية للمشاركة في مؤتمر باكو الخامس الذي يعقد تحت عنوان ” مستقبل العلاقات الدولية – القوة والمصالح ” .