الجمعة , أغسطس 29 2025 | 2:25 ص
الرئيسية / stop / الطويقات يودع وزارة التربية…ويكتب ثلاثون عامًا مضت محطّاتٍ مضيئةً على دربٍ طويلٍ من العطاء

الطويقات يودع وزارة التربية…ويكتب ثلاثون عامًا مضت محطّاتٍ مضيئةً على دربٍ طويلٍ من العطاء

فيلادلفيا نيوز

ودع الدكتور اجمل الطويقات وزارة التربية والتعليم بعد إحالته على التقاعد بكلمات جميلة شكر جميع الزملاء والزميلات من الأسرة التربوية والتعليمية واستذكر فيها محطات الإنجاز والإبداع .
وتالياً ما كتب الطويقات على صفحته الشخصية:
معالي وزيرِ التربيةِ والتعليمِ والتعليمِ العالي والبحثِ العلمي المقدر والحبيب
زملائي الأوفياء، مديري الإدارات ومديري التربية والتعليم أخواني المعلمين والاسرة التربوية
الزملاء والزميلات في إدارة النشاطات التربوية
السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته،

ثلاثون عامًا مضت، وما كنتُ أعدّها أرقامًا في دفترِ الزمن، بل محطّاتٍ مضيئةً على دربٍ طويلٍ من العطاء. كنتُ فيها معلّمًا يزرع في قلوبِ طلبته بذورَ الأمل، ورئيسًا لقسمٍ يحرس الأمانةَ بالرقابةِ والتفتيش، ومديرًا إداريًا وفنيًا يوازن بين الفكرِ والإدارة، ثمّ مديرًا لتربيةِ وتعليمِ لواءِ ماركا أخًا مساندًا لكلِّ زملائه، وأخيرًا مديرًا لإدارةِ النشاطاتِ التربويّة حيث تتجلّى روحُ الإبداع والعطاء.

ما بين أوّل صفٍّ دخلتُه معلّمًا، وآخرِ مكتبٍ جلستُ فيه مديرًا، ظلّ قلبي معلّقًا برسالةٍ واحدة: أن يكون التعليمُ رسالةَ تفانٍ وإخلاص، وبناءِ قيمٍ، وغرسِ مبادئ، لا مجرّد وظيفةٍ تؤدّى أو منصبٍ يُحفَظ. كنتُ أؤمن أنَّ مقياسَ النجاح ليس عددَ الأوراقِ الموقَّعة ولا كثرةَ الاجتماعات، بل أثرٌ صادقٌ يتركه المعلّم في وجدانِ تلميذه، ومديرًا حاذقًا، وأمانةً تحفظها ذاكرةُ الوطن.

ولستُ أغفل ـ وأنا أودّعكم ـ أنّ الطريق لم يكن معبّدًا دائمًا؛ ففي ساحاتِ العملِ العام تلتقي الوجوهُ المخلصة، وتطلّ أيضًا ظلالٌ انكمشت على مصالحها الضيّقة، فخسرت الرسالةَ وربحت الكرسي. لكنّ التاريخ ـ في عدالته ـ لا يذكر الأصواتَ المرتفعة ولا التصفيقَ المصطنع، بل يكتب أسماءَ الذين حملوا الأمانةَ بجدٍّ ومثابرةٍ وتميّز، ركيزتُهم مخافةُ الله، فأثبتوا أنّ المجدَ يصنعه التفاني لا المجاملة.

اليوم، وأنا أضع نقطةَ الختام لمسيرتي الوظيفية، أجدني ممتلئًا بالامتنان لكم جميعًا، فقد كنتم السندَ والرفيق، وكانت إنجازاتُنا المشتركة أكبر شاهدٍ على أنَّ التعاونَ والإخلاص هما سرّ البقاء.

ثلاثة عقودٍ من الزمن حملت في طيّاتها ذكرياتٍ لا تُنسى، ومواقف ستبقى حيّةً في وجداني، وعلاقاتٍ إنسانيّةً ومهنيّةً أعتزّ بها ما حييت. لقد كانت الرحلة معكم زاخرةً بالتجاربِ والدروس، تارةً بالجدِّ والاجتهاد، وتارةً بالابتسامةِ الصادقة التي كنّا نتقاسمها في أروقةِ مدارسنا وإداراتنا.

ولم تكن هذه المسيرة مجرّد وظيفة، بل كانت رسالةً آمنتُ بها منذ اليوم الأول، رسالةً في التفاني والإخلاص، وفي صناعة الأمل في عقول الطلبة وقلوب المعلّمين، رسالةً حملت القيمَ والمبادئَ بصدق، وسعت إلى أن يكون العملُ العام أمانةً لا غنيمة، وبناءً لا استعراضًا. فمن جدّ وجد، ومن زرع بذورَ الإخلاص، أينعت له حصادًا من التقدير الصادق، لا من التصفيق المأجور.

وأقولها اليوم تصريحًا: في مسيرتنا كثيرٌ من النفوس التي آمنت بالعمل غايةً، وبعضها ـ وللأسف ـ رأت فيه وسيلةً لمصالحها الضيّقة. لكنّ التاريخ لا يكتب أسماء من اعتلوا المقاعدَ بالصدفة، بل أسماء الذين ثابروا وصبروا وصنعوا فرقًا حقيقيًا.

أشعر اليوم بالفخر والاعتزاز بما قدّمت، لكنّ ما يملأ قلبي حقًا هو ما تلقيته منكم من محبّةٍ ودعمٍ وتعاونٍ صادق. أنتم شركاء الطريق، وأنتم الركيزة التي قامت عليها كل إنجازاتنا، وما كان لجهدٍ فرديّ أن يثمر لولا أياديكم البيضاء التي امتدّت بالعطاء.

أودّ أن أقول: إنّ الوداع ليس فراقًا، بل هو انتقال من موقع الخدمة المباشرة إلى ساحةٍ أوسع من ساحات الوطن الجامع، داعيًا الله أن يبارك فيكم، ويكتب لكم دوام التوفيق والنجاح، وأن تبقى مسيرتكم عامرة بالخير والإنجاز.

أخوكم
الدكتور أجمل الطويقات

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com